لا يزال الغموض يكتنف مقتل الناشط السوري والإمام السابق في مسجد النور في منطقة آكتون غرب
لندن، الشيخ عبد الهادي
عرواني (48 عاما)، وقد عثر على جثته في سيارته في منطقة ويمبلي شمال غرب لندن، حيث استدعت الشرطة طيار الإسعاف من أجل إنقاذ حياته، ولكنه توفي في مكان الحادث برصاص أطلق عليه في الصدر.
وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إن الشرطة امتنعت عن تحديد هوية الضحية حتى تسكتمل الإجراءات النهائية، وتجمع الأدلة من مكان الحادث، ولن تسلم الجثة إلى ذويه إلا بعد تشريحها من الطب الشرعي.
ويستدرك التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، بأن معظم أبناء الجالية العربية يعرفون أن الفقيد هو عرواني من مدينة حماة السورية، حيث شهد المذبحة فيها عام 1982 صغيرا، وهاجر إلى لندن، وهو أب لخمسة أطفال، أصغرهم رضيعة عمرها سنة واحدة. ويعد عرواني من الناشطين المعارضين لنظام
الأسد، الذين رفضوا التطرف.
وتنقل الصحيفة عن محقق شرطة قوله إن عملية
القتل "تحمل بصمات اغتيال مدعوم من دولة". وعليه فإن المحققين الآن يحاولون التأكد من دافع القتل، وما إذا كانت مواقفه المتشددة ضد نظام بشار الأسد وراء اغتياله، خاصة أنه شارك في التظاهرات المعارضة لنظام الأسد أمام السفارة البريطانية قبل ثلاثة أعوام. واضطرت الشرطة لاستخدام الدروع الواقية من الشغب من أجل وقف تقدم المتظاهرين الذين استطاعوا الدخول إلى السفارة، واعتقلوا ستة أشخاص. وقال عرواني في ذلك الوقت للشرطة: "هذه البناية (السفارة) هي ملك للشعب السوري، وليس لنظام يقتل أبناء شعبه كل يوم، خلال الأشهر العشرة الماضية".
وتبين الصحيفة أنه بعد انتشار خبر مقتله، انتشرت التأبينات له على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب أحدهم تغريدة على تويتر جاء فيها: "تلقيت الآن نبأ مقتل الشيخ عبدالهادي رحمه الله وأدخله الجنة". وقال آخر: "التغريدات والرسائل حول وفاته غير عادية، فهو رجل لا يعوض للكثير من الشباب المسلم اليوم، نم مرتاحا يا شيخ عبدالهادي".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن جهاد قادر كتب على "فيسبوك": "استشهد الشيخ عبدالهادي هذا الصباح، وكما يعرف الجميع فقد أطلقت النار عليه في ويمبلي"، وأضاف: "كنت محظوظا أن أكون أحد تلامذته، وكان صديق العائلة ويساعد الجميع ومتواضعا. وكان ناشطا ولم يفوت فرصة لعمل الخير، وكان أكثر شخص متفائل لقيته، لقد كان رجلا ملهما".
ويصفه قادر بأنه "حاول تشجيع السنّة وكان يتبعها. وتحدث عن الشهادة كثيرا ومنحه الله إياها". ويقول: "تذكروا أنه أرادنا أن نكون مثله، ناشطين ومتفائلين، ننشر المعرفة والمعلومات المفيدة، تذكروه وعائلته في دعائكم"، بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن وحدة الجريمة والاغتيال في "أسكتلند يارد" طلبت من العامة تقديم أي معلومات عن سيارة الفولسفاكن التي كانت موجودة قبل ساعات من مقتله.
وينقل التقرير عن متحدث باسم الشرطة قوله: "تلقينا هاتفا من خدمات الإسعاف في لندن الساعة الحادية عشرة والربع، وتبين أن رجلا كان يعاني من جراح جراء إطلاق نار على صدره، والرجل في أواخر الأربعينيات من عمره، وتوفي الرجل في الساعة 11:48 صباحا. وفي هذه المراحل الأولى تبقى الاحتمالات كلها واردة حول دوافع مقتله".
وتلفت الصحيفة إلى أن عرواني كان إماما وخطيبا في مسجد النور في آكتون غرب لندن، الذي ارتبط بحوادث تطرف، ومنه هرب مطلوب للشرطة يدعى أحمد عبدالله، بعد أن تخفى بزي امرأة. وقتل علي المناصفي (23 عاما)، وهو أحد الذين كانوا يرتادون المسجد، في إدلب عام 2013.
ويفيد التقرير بأن الشيخ عبد الهادي ترك الخطابة في المسجد بعد خلافات مع إدارته. ولا يعرف ما إذا كان مقتله له علاقة بعمله هناك، رغم أنه تركه منذ سنوات. إلا أن رواد مسجد النور وتلامذته يرسمون صورة أخرى عن رجل كان متواضعا ويحارب التطرف ويهتم بالشباب وتعليمهم.
وتنقل الصحيفة عن محمد دوباد، وهو مهندس كمبيوتر، قوله إنه شاهد عرواني في المسجد قبل عدة أيام، وعلق قائلا: "هذه صدمة، لقد كان رجلا طيبا وبسيطا".
ويذكر التقرير أن امرأة أخرى تتردد على المسجد منذ عام 2011 تقول: "كنت أساعد في مكتبه بإحضار مصحفه، وكانت زوجته تدرس اللغة العربية". وتضيف: "أحمل ذكريات جيدة عنه، ولا أزال أحاول استيعاب ما حدث". وقال أحد طلابه السابقين واسمه محمد: "كان رجلا محترما في المجتمع المسلم غرب لندن، فلم يكن ناشطا
سوريا، بل كان قائدا في الجالية". وأضاف: "كان شخصا تذهب إليه عندما تكون لديك مشكلة، أو تريد سؤاله حول قضية دينية. وكان رجلا معتدلا وضد ألوان التطرف كلها، ويهمه أمر الشبان المسلمين".
وتختم "ديلي ميل" تقريرها بالإشارة إلى أنه بحسب كلية لندن الإسلامية، فقد أكمل عرواني دراسته في كليه الشريعة في الجامعة الأردنية، ودرس في أكثر من مدرسة دينية في سلاو غرب لندن. وكان يعد حجة في القضايا المتعلقة بالزواج والطلاق.