سياسة عربية

الأردن يراقب الاقتتال على حدوده وتخوف من "عرسال أردنية"

إحدى الآليات العسكرية التابعة للجيش الأردني على حدوده الشمالية - أرشيفية
تطورات أمنية متسارعة تجري في المناطق السورية الجنوبية المتاخمة للحدود الأردنية الشمالية ولحدود الجولان المحتل بعد احتدام المعارك بين المعارضة السورية و قوات النظام السوري مدعومة من ميلشيات لحزب الله والحرس الثوري الإيراني ومرتزقة أفغان.
 
هذا الخطر الأمني يراقبه الأردن الرسمي في وقت يشغل هاجس بال خبراء عسكريين ومحللين "خطر تشكل عرسال أردنية" على الحدود السورية الجنوبية مع بوادر لحرب برية للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قد يكون للمملكة يد لها فيه بشكل أو بآخر.
 
ويكمن أسوأ كابوس للأردن أن تسيطر مليشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني على المناطق الجنوبية المتاخمة لحدوده الشمالية بعد تراجع قوات المعارضة السورية في عدد من المناطق بسبب الهجمات التي شنها مقاتلو حزب الله والحرس الثوري الإيراني مدعومة بمدفعية النظام والطائرات الحربية.

الكاتب عامر السبايلة، صاحب مجموعة من الدراسات الاستراتيجية، يتخوف من "عرسال أردنية على الحدود الشمالية" لذلك، يقول لـ "عربي21" إن منطقة حوران "تشكل في هذه الحالة خطرا كبيرا مستقبلا على التركيبة الأردنية بسبب الامتداد الديمغرافي، بعد تشكل تركيبة لها امتداد في الداخل السوري والداخل الأردني".

وحول المقاربة بين الحالة اللبنانية والأردنية فيما يتعلق بالوضع على الحدود يقول السبايلة: "جبهة النصرة ليست قوة ضاربة على الحدود الشمالية الأردنية لكنها ذات انتشار كبير وعلى تماس مباشر مع الدول الحدودية وتم توظيفها سياسياً مما جعل قوتها لا تقاس فقط بالعدد بل بطبيعة التحرك والتحالفات وقدرتها على التمدد مستقبلاً".

ولفت إلى أن الأردن "يملك مفاتيح كثيرة في هذه القضية خصوصا مع تبلور تجربته بخصوص حماية الحدود بعد سقوط بغداد والتي تمثلت بخلق حزام أمني دائم في المناطق الجغرافية المحاذية للحدود الأردنية".

وحذر السبايلة من "التنظيمات المقاتلة القابلة للتوظيف من الجميع نظراً لأنها تنظيمات لا يمكن أن تبقى على الحياة دون دعم خارجي".

إلى ذلك، يسيطر على الحدود السورية الجنوبية 57 فصيلا معارضا قوامها 35 ألف مقاتل تمتد من القلمون في شمال دمشق إلى الحدود مع الأردن والجولان تحت قيادة ضباط منشقين، حسب ما يؤكد ذلك لـ "عربي21"، أبو المجد الزعبي عضو الهيئة السورية للإعلام بالمنطقة الجنوبية.

وقلل الزعبي من مخاوف سيطرة فصائل إسلامية متشددة على الحدود الجنوبية قائلا: "المنطقة المتاخمة للحدود الأردنية محررة منذ سنتين من قبل تشكيلات معتدلة أطلقت على نفسها الجبهة الجنوبية، وهي تحاول منذ ذلك الحين تأمين الحدود أفضل مما كانت عليه، وجرى يوم الاثنين اجتماع لقيادات في الجهة الجنوبية لتعزيز ضبط الحدود وتشكيل هجانه خاصة ونشر المخافر".

أما "بخصوص جبهة النصرة، فهي فصيل لا يتعدي 1500 شخص، وليست قوة ضاربه في الجنوب"، حسب الزعبي.
 
و يتخوف النظام السوري، حسب مصدر أمني أردني، من أن "تكون الحدود الجنوبية لسوريا بوابة تدخل بري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، انطلاقا من درعا ومرورا بمحاذاة الحدود العراقية وصولا للبوكمال ثم دير الزور فالرقة، لذا يسعى لإحكام قبضته على المناطق الجنوبية مدعوما بالمليشيات الإيرانية".
 
بيد أن المصدر الأمني أكد لـ"عربي21" أن "هناك قرارا أمنيا أردنيا بعدم خوض حرب برية من بوابة الأردن ضد داعش، إذ قد يقتصر الدور الأردني على الدعم اللوجستي والاستخباراتي و الغارات الجوية بطائرات سلاح الجو وعمليات نوعية انطلاقا من العراق".

من جهته، ترك رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية الفريق أول الركن مشعل محمد الزبن، الباب مواربا لشكل التدخل العسكري الأردني ضد تنظيم الدولة، وقال خلال لقائه وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الأسبوع الماضي: "لن نتردد كقوات مسلحة أردنية والجيش العراقي الشقيق بأن نعمل معا حتى نهزم هذا التنظيم في أي مكان، في داخل العراق أو سورية أو أي مكان"، ولكن لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال دخول الأردن في حرب برية".

بينما عبر عن التخوفات السورية وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي اتهم الأردن بدعم فصائل مقاتلة بالجنوب السوري، وقال: "إن بلاده ليست بحاجة لأي قوات برية لمحاربة داعش"، متهما الأردن بأنه "جزء من عملية إرسال الإرهابيين عبر حدوده إلى سورية بعد تدريبهم في معسكرات داخل أراضيه بإشراف الولايات المتحدة وهو يحارب داعش لأسبابه ولا يحارب جبهة النصرة على حدوده"، ليدين الأردن فيما بعد هذه التصريحات.

 بدوره، لا يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في كلية الدفاع سابقا، اللواء الطيار المتقاعد الأردني محمود ارديسات أي خرق استراتيجي على الحدود الأردنية الشمالية، مستبعدا تكرار سيناريو "عرسال"، "لاختلاف التركيبة الديموغرافية للشعب الأردني عما عليه في لبنان".
 
وقال: "الأردن يراقب الوضع على الحدود منذ سنوات، ليست هذه أول مرة تكون فيها جبهة  النصرة على حدودنا، ما يدور على الحدود المقابلة للجولان ودرعا يأتي في سياق الحلقة الفارغة من الكر والفر بين الجيش الحر والنظامي، ويأتي في سياق عملية التدمير الذاتي من كل الأطراف في وقت لا يوجد فيه ما يدعو للتفاؤل للنصر من أي طرف" .
 
في حين، تكمن أهمية مثلث (درعا - القنيطرة - الغوطة الشرقية) لقربها من حدود الجولان المحتل، ويرى فيها البعض معركة استباقية للنظام السوري بالتعاون مع إيران  للدفاع عن جنوب العاصمة دمشق خصوصا مع وجود بعض الاهتمام الإسرائيلي بهذا الشريط الحدودي، الذي تمثل بالغارة الجوية التي قام بها الطيران "الإسرائيلي" ضد قافلة لحزب الله وإيران في القنيطرة قبل أسبوعين، الأمر الذي أثار حفيظة دمشق وطهران التي شنت حملة عسكرية للسيطرة على الحدود الجنوبية.