قد يستغرب البعض حال الكثير من الشباب السوريين اليوم، فهم يقضون معظم أيامهم وهم ينتظرون "طريق الخلاص إلى أوروبا" كما يتوقعون، حيث أنهم يملأون بيوت السكن الشبابي في
تركيا، وهم ينتظرون "المهرب" الذي سيتكفل بطريقهم إلى بلاد اللجوء، ويحسبون المصاريف المرتفعة نسبيا التي ستكلفها هذه الرحلة التي قد تودي بحياتهم.
محمد شاب سوري يتحدث عن حال رفاقه في تركيا الذين يرغبون بالهجرة إلى أوروبا، قائلا: "قد اختلف مع أصدقائي حول فكرة
الهجرة إلى أوروبا، ولكن في النهاية لكل إنسان رأيه وحياته وحريته في اتخاذ القرار، والمزعج في الأمر تلك الأيام التي يقضيها رفاقي دون عمل أو بحثا عن عمل أو تطوير أنفسهم بأمور سهلة ومتاحة ليتمكنوا من دخول سوق العمل في تركيا ولو بشكل مؤقت، ريثما تتيسر أمور هجرتهم".
يضيف أن رفاقه يدفعون الكثير من المال من أجل الحصول على إقامة مؤقتة في تركيا، والبحث عن رحلة إلى أوروبا، وكثير منهم لديه خبرات تؤهله للعمل وتأمين حياة كريمة في تركيا وغيرها من البلدان المتاحة للسوريين، ولكنهم يفضلون الجلوس أشهرا طويلة دون عمل، فلا نية عندهم للاستقرار وكل همهم الذهاب إلى أوروبا برحلات سمع الجميع عن المآسي التي خلفتها".
وتحدث محمد عن صديقه أبو علاء، وهو شاب سوري متزوج وعنده أولاد، باع ما يملك في
سوريا وترك عائلته مع مبلغ صغير في دمشق على أمل الهجرة إلى أوروبا ولمّ الشمل فيما بعد، لكنه خسر جزءا كبيرا من ماله في أول محاولة هجرة فاشلة من تونس كادت أن تودي بحياته، لكنه نجا ومن معه من الغرق بأعجوبة، ولتقبض عليهم السلطات التونسية ويتم ترحيلهم إلى تركيا.
لم يغير أبو علاء رأيه، وبدأ مجددا بالبحث عن رحلة إلى أوروبا، فكانت المحاولة الثانية له من مرسين التركية باتجاه إيطاليا، وهي فشلت أيضا، وعاد إلى مرسين وقد خسر معظم ما يملك، ولكنه حتى اليوم مصر على الهجرة ويبحث عن شخص يقرضه مبلغ من المال ليحاول مرة ثالثة علها تكون الأخيرة.
ويبيّن محمد أن معظم الشباب يعتمدون في البحث عن التهريب على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات أسسها بعض الأشخاص الوهميين لمتابعة أخبار الرحلات والتعريف برحلات جديدة لاستقطاب الشباب، مشيرا إلى أن الكثير من عمليات النصب والاحتيال نتجت عن هذه المجموعات الوهمية، والكثير من الرحلات انتهت بالشباب في عرض البحر بعد أن أخذ منهم المهربون مبالغ ضخمة مقابل الرحلة.
وتحدث المصدر عن عدة أشكال للهجرة وبأسعار مختلفة، وذكر أن بعض الرحلات تتم عن طريق البر من تركيا إلى بلغاريا وبسعر منخفض نسبيا، ولكنها خطرة جد، وأخرى عن طريق البحر متوسطة السعر وخطرة أيضا. أما الرحلات ذات التكاليف المرتفعة والتي تتجاوز عشرة آلاف يورو فتتم عن طريق المطارات بجوازات سفر مزورة.
وفي سياق متصل، فإن الكثير من الشباب السوريين يشتكون من صعوبة المعيشة في تركيا في ظل عدم وجود قانون إقامات واضح حتى اليوم يضبط وجودهم، ناهيك عن صعوبات تعلم اللغة التركية مع ارتفاع نسبي في تكاليف المعيشة، وقلة فرص العمل للسوريين في المؤسسات التركية.