كتاب عربي 21

صالح يدمر مستقبل حزبه ونجله

1300x600
في حال تصدع حزب المؤتمر فإن المتضرر هو اليمن والعملية السياسية والديمقراطية، والكاسب الوحيد هو الحركة الحوثية التي تؤهل نفسها لاحتواء أعضاء المؤتمر، وابتلاع  كل فراغ يتركه على الساحة السياسية، مستفيدين من رغبات صالح الانتقامية في تطويع المؤتمر ورجاله وسلاحه للحوثيين من أجل الانتقام، وهذه مرحلة يتعامل معها الحوثيون بذكاء كبير فهم يدركون أن حركتهم وحزب المؤتمر ليسوا أكثر من قفازين بيدي صالح، يريد أن يستخدمهما لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين، ويدرك هو أيضاً أنه لن يكون بمنجى من الحوثيين إذا ما صفى لهم الجو، فهو من شن ستة حروب ضدهم بين عامي 2004-2010، وهو من قتل الرئيس المؤسس للحركة حسين بدرالدين الحوثي، لكن الإنسان الناقم والجريح الذي يسكن نفسية صالح جعله لا يفكر بمستقبل المؤتمر أو مصير البلد، فهو يدرك أن عودته إلى الحكم مستحيلة، وبقاءه خارج المعادلة السياسية أمر صعب، لذا عليه أن يشفي غليله الانتقامي ويرحل، لكنه سيرحل وقد أحرق المستقبل السياسي لنجله "أحمد".

هادي لم يسلم من انتقادات صالح، فقد صعّد ضده، ودفع بقيادي مؤتمري إلى القول إن هادي من سلم صنعاء للحوثيين من خلال وزير دفاعه اللواء محمد ناصر، وسرد مجموعة من الشواهد، ليس لها من هدف غير مغازلة السعودية التي يزداد تجهمها كلما أمعن الحوثيون التوغل في اليمن، ويريد صالح أن يرفع عن نفسه عتب السعودية، التي تعتقد أنه ضللها في المعلومات عن الحوثيين، والحقيقة أن الرياض كانت مرحبة ومقتنعة بأن تتولى العضلة الحوثية مهمة تدمير الإخوان المسلمين، ورحبت بذلك ودفعت مقابله أموالاً وسلاحاً، حتى شعرت بالخوف بعد سقوط عمران بأيديهم، أما اتهام هادي وصالح بالتواطؤ مع الحوثيين والتضليل للسعودية ففيه منقصة لهم، إذ كيف بدولة ذات إمكانيات سياسية واستخباراتية في اليمن كالسعودية أن تصبح ضحية لرجلين متصارعين!.

الانتصارات التي حققها صالح من خلال الآلة الحوثية ضد آل الأحمر واللواء علي محسن وحزب الإصلاح، أغرته في الاستمرارية، وهذه المرة لتقليم مخالب الرئيس هادي، وتقديم كامل الدعم الذي يحتاجه الحوثيون في سبيل تنفيذ هذه المهمة، في مقابل ذلك يدرك هادي حجم الضغائن التي يحملها الحوثيون ضد صالح، ويسعى لإذكائها واستمالتهم إلى صفه، وتقديم التنازلات والدعم السياسي والعسكري للحوثيين وتوجيههم إلى تصفية حساباتهم مع صالح، ولطالما فتح وزير الدفاع السابق اللواء محمد ناصر أحمد المعسكرات ومخازن الأسلحة للحوثيين، بإيعاز من هادي، حتى بات رمزاً للخيانة في نظر الشارع اليمني، ولم يقم هادي بعزله من وزارته في الحكومة الجديدة إلا بعد مظاهرات ملأت شوارع اليمن.

هذا التسابق الحميم على العضلة الحوثية بين هادي وصالح مكنهم من التوسع في محافظات اليمن، والتغلغل داخل مؤسسات الدولة، والإمساك بمفاصلها، ووضع مندوب حوثي في كل وزارة ومؤسسة وظيفته وضع رقابة لصيقة على أداء الوزير ووزارته، بمعنى آخر: هم من يحكمون، لكنهم لا يتحملون مسؤولية أي فشل أو فساد أو تقصير. 

وليس بوسع الرئيس هادي إلا مداراة الحوثيين، وإشباع غرورهم المسلح، أو ترويضهم على العمل السياسي، أما مواجهتهم عسكرياً فهذا أمر محال أن يفعله رجل فرط بكامل قوته، وغدر بحليفه الوثيق اللواء علي محسن، وسعى لتدمير حزب الإصلاح الذي سانده في أصعب اللحظات، وضلل السعودية، ولم يلتقط الفرص الثمينة التي ألقتها الأمم المتحدة بين يديه من خلال قرارات أممية عديدة، تؤيده وتهدد معرقليه، وفكك المؤسسة العسكرية والمنظومة الأمنية، حتى بات من نوادر تاريخ الزعماء الذين ينقلبون على أنفسهم.

أما صالح فقد قالها صريحة إنه لا خلاف له مع الحوثيين، وإنهم جزء من النسيج الاجتماعي اليمني، قال ذلك لأنه لا يزال محتاجا لهم، غير أن تحركاته وُضِعت تحت الرقابة الدولية، وصارت تهدد أمن واستقرار اليمن وممرات النفط الدولية، وربما ذلك ما يفسر طبيعة الرسالة التي بعثتها الخارجية الأمريكية إلى نظيرتها الإماراتية تطلب فيها إبلاغ السفير اليمني في أبوظبي العميد أحمد نجل الرئيس صالح أن يكف عن التحركات العدوانية ضد شرعية الرئيس هادي، وإلا ستضعه أمريكا في قائمة المعرقلين، وتفرض عليه عقوبات.