يرى مراسل صحيفة "الغارديان" مارتن شولوف أن إقدام تنظيم الدولة المعروف بـ"
داعش" على نحر الرهينة الأميركي المسلم بيتر/ عبدالرحمن
كاسيج يعبر عن حالة من الفوضى داخل التنظيم، وعلامة ضعف لا قوة. وجاء بعد سلسلة من التراجعات التي تعرض لها التنظيم في كل من العراق وسوريا.
ويقول شولوف "بعد أسبوع من النكسات التي عانى منها تنظيم الدولة فهو مصر على إظهار قدرته على مواصلة اللعبة الكبيرة".
ويضيف الكاتب "فعلى كل الجبهات التي يقاتل عليها لا تسير الأمور على ما يرام، والعراق يمثل مشكلة واضحة، فقد خسر (داعش) السيطرة على واحد من ممتلكاته الثمينة، مصفاة النفط في بيجي، بعد أن أجبرته الميليشيات الشيعية والقوات العراقية على الخروج منها".
وتشير الصحيفة إلى أنه في أمكنة أخرى كبدت غارتان جويتان التنظيم خسائر في قادته؛ فالأولى حدثت في بلدة القائم على الحدود السورية، وقضت على القيادة العامة في محافظة الأنبار ومنطقة الفرات المهمة. وقرب الموصل قتل مساعد كبير لأبو بكر
البغدادي في الغارة الثانية.
ويبين الكاتب أن قائد التنظيم، الذي نصب نفسه خليفة، خرج في شريط مسجل يوم الخميس؛ كي يبدد فيه جزءا منه الشكوك حول الشائعات التي قالت إنه تعرض لإصابة خطيرة، لكن الجراح التي تعرض لها التنظيم في الآونة الأخيرة تبدو مؤلمة.
وتذهب "الغارديان" إلى أن التنظيم في سوريا لم يحقق انتصارا في المعركة على بلدة عين العرب/كوباني، حسبما زعم التنظيم في بداية الخريف، وبدلا من ذلك انتقلت المعركة في المدينة من حالة المواجهة إلى الجمود؛ بسبب
الغارات الجوية، التي شلت تقدم التنظيم في البلدة.
ويجد شولوف أنه من هنا جاء شريط الفيديو الذي حاول فيه "الخليفة" "سرد صعود التنظيم للسلطة وتخليص طرقه المتعطشة للدماء، وتقديم بيان أن الأحزان لا تؤدي للانتصارات".
ويتابع "استخدم (داعش) الإعلام الجديد أكثر من أي تنظيم آخر، وأي تسجيل جديد يخرج من مؤسسات إنتاج حرفية، فالرعب يتم تسجيله وتصويره عبر تقنية عالية، وكل تسجيل كان فعالا مثل تأمين الانتصارات التي يحققها جنوده في الميدان. ولم يتم عرض البربرية بهذه الصورة المرعبة، فمن الموصل إلى دمشق، وربما أبعد منهما فالناس يعيشون في رعب دائم".
ويعلق الكاتب على الفيديو الجديد، الذي أعلن فيه التنظيم عن قتل كاسيج وعدد من السوريين، بقوله "يحتوي الفيديو على رسالتين؛ الأولى النظر لنكسات التنظيم من خلال انتصاراته والوقت الذي لا يزال بيده. فلطالما سخر التنظيم خلال تشكيلاته المتعددة منذ عام 2003 من الولايات المتحدة وانشغالاتها بالنتائج قصيرة الأمد".
فبحسب أعضاء "داعش"، الذين نقلت عنهم "الغارديان" في الماضي، فإن "الحروب الأيديولوجية مختلفة، لا يمكنكم في الغرب أبدا تقبل قدرتنا على الإضرار بساستكم بطريقة لا يمكنهم القبول بها، وبالنسبة لنا فالوقت لا يهم، فهذه نبوءة قد تحققت". هذه الرسالة الأولى.
ويواصل شولوف "أما الرسالة الثانية فهي أكثر معنوية؛ فأي شخص يقع في يد التنظيم سيلقى نهاية مروعة، فالموت الوحشي يطال العراقيين والسوريين، فهم وإن لم يكونوا تحت حكم (داعش) مباشرة، إلا أنهم أسرى لدعايته، فكل شريط فيديو كان أسوأ من سابقه، حيث يحاول التنظيم تقديم قوته من خلال الصور الصادمة".
وتلفت الصحيفة إلى أن الشريط يقدم تنازلا واحدا، حيث اختار معدوه عدم إظهار عملية ذبح بيتر كاسيج، خاصة أن التنظيم تعرض لضغوط من جماعات مختلفة ناشدته بعدم قتل مسلم، ومنها جبهة النصرة، حيث قال أحد قادتها إن كاسيج قدم له العلاج، وعالجه من جراح أصابته.
ومثل جيمس فولي من قبله، اعتنق كاسيج الإسلام، ويقول رهائن حرروا من قيد "داعش" إن كاسيج قضى وقته مسلما مخلصا لدينه الجديد.
ويخلص الكاتب إلى أنه من هنا فإن كان الرأس الدامي، الذي أشار إليه الجهادي البريطاني هو رأس كاسيج، فلن يكون سهلا على التنظيم تسويقه وإقناع أتباعه به.