قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن
الاستخبارات الأميركية تنصتت على نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ للحصول على معلومات عن تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش".
وتشير الصحيفة إلى أن عمليات التنصت جاءت نظرا لعدم وجود تعاون بين النظام السوري والولايات المتحدة، ولأن الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" لا عملاء لها على الأرض، ولا تستطيع جمع معلومات من داخل
سوريا.
ويبين التقرير أن الولايات المتحدة قامت بإنشاء بنية
تجسس لمراقبة نظام الأسد، لتحصل من خلالها على معلومات جيدة حول "داعش"، وهي معلومات استخدمتها
واشنطن لتوجيه الغارات الجوية على مواقع التنظيم.
وتقول الصحيفة إن عمليات التنصت تظهر المدى الذي ذهبت إليه الولايات المتحدة في البحث عن معلومات من داخل دولة تعتبر معادية وعدوة لها، ولا تقيم علاقات دبلوماسية معها منذ بداية الانتفاضة السورية في عام 2011.
وتستدرك الصحيفة بأن تحول الإدارة نحو عمليات التنصت يظهر الصعوبة التي تواجهها الإدارة الأميركية في تحديد الأهداف، وتقييم نجاعة الغارات التي تشنها المقاتلات الأميركية على مواقع لـ "داعش" منذ الشهر الماضي.
وتعلق بأن التوجه نحو عمليات التنصت جاء في وقت قلل فيه تنظيم "داعش" من استخدام الهواتف النقالة وأجهزة اللاسلكي، ما حدد من الموجات التي يمكن للمخابرات الأميركية التقاطها، حسب مسؤول أميركي.
ويلفت التقرير إلى أن السفير الأميركي السابق روبرت فورد غادر دمشق بعد فترة من اندلاع الانتفاضة السورية، وظل يعمل مع المعارضة السورية حتى مؤتمر جنيف الثاني العام الماضي، كما وامتنعت المخابرات الأميركية عن إرسال عملائها إلى داخل سوريا؛ حتى لا تعرضهم للمخاطر.
ويكشف التقرير عن أن الولايات المتحدة كانت تتجسس على مكالمات مسؤولي النظام السوري، الذي يواجه تنظيم "داعش"، وهم يناقشون تحركات التنظيم.
وتزعم الصحيفة أن المعلومات التي تم استخلاصها من كلام المسؤولين ساعدت الولايات المتحدة في معرفة الطريقة التي ينتقل فيها "داعش" ويتحول من مكان لآخر.
وتجد "وول ستريت جورنال" أنه مع ذلك يتعامل المخططون العسكريون مع عمليات التنصت بنوع من الشك، ولا يثقون بها كثيرا، والمواد التي تجمع من التنصت يتم استخدامها للتأكد من صحة معلومات استخباراتية أخرى حصلت عليها الولايات المتحدة من مصادر أخرى.
وينقل التقرير عن شخص على معرفة بعمليات التنصت قوله "هي مصدر واحد من عدة مصادر"، مضيفا أن المعلومات التي تم الحصول عليها من مكالمات النظام من الصعب التأكد من صحتها.
وتعقب الصحيفة بأن المسؤولين الأميركيين مثلا لا يزالون يناقشون فيما إن كان زعيم الحركة المجهولة، التي قالت واشنطن إنها ضربتها في سوريا "خراسان"، قد نجا من الضربات أم لا. وكان الأميركيون يلاحقون محسن الفضلي منذ سنوات وعرفوا عن وصوله إلى سوريا.
ويوضح التقرير أن الغارات الجوية الأولى ركزت على مواقع لـ "خراسان"، بما فيها بناية كان قادة الجماعة يستخدمونها بشكل مستمر. وعليه فمن الصعب التأكد من مقتل الفضلي، دون وجود للمخابرات الأميركية على الأرض.
ويمثل داعش وخراسان عدوا مشتركا لكل من النظام السوري والولايات المتحدة، لكن إدارة الرئيس باراك أوباما قالت إنها لم تنسق مع النظام الذي تطالب برحيله، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أنه منذ بروز تنظيم "داعش" كقوة غيّرت معادلة السياسة في المنطقة، والولايات المتحدة تحاول البحث عن معلومات من أي مصدر، ناشطين سابقين، دول وحلفاء محليين على الأرض، وتستقي الولايات المتحدة معلوماتها عن التنظيم أيضا من الدول الغربية ودول الخليج.
ويؤكد التقرير أنه رغم هذا فسوريا تمثل معضلة للاستخبارات الأميركية، واعترف مدير وكالة الأمن القومي جيمس كلابر بهذا الواقع في مؤتمر عقد في جامعة تكساس في تشرين الأول/ أكتوبر، حيث قال "لن أكذب عليكم، فالتحدي الاستخباراتي في سوريا عميق؛ لأننا لسنا على الأرض، ما يجعلها مشكلة كبيرة".
وتعتقد الصحيفة أن الولايات المتحدة مع توسيع الحملة العسكرية ضد "داعش" تحتاج إلى سوريا للحصول على معلومات واسعة ومفصلة. وزادت الاستخبارات الأميركية منذ حزيران/ يونيو عمليات التجسس، وجمع المعلومات من سوريا. ويعترف المسؤولون أنهم لم يكونوا قادرين على الاستجابة للطلب المتزايد وتقديم معلومات حول سوريا بشكل خاص.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمني سابق قوله "نتحدث وبشكل مطلق عن معلومات أمنية مختلفة، فمن أجل استهداف قيادة (داعش)، وهي واحدة من الطرق لإضعاف التنظيم، فأنت بحاجة إلى معلومات أمنية دقيقة، وهم لم يصلوا – الأميركيون- إلى هذا المستوى بعد". ويقول المسؤول إن بناء شبكة جيدة لجمع المعلومات يحتاج إلى عامين تقريبا.
وتذهب الصحيفة إلى أنه من أكبر التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة هو عدم وجود "عيون" على الأرض، وناقش المسؤولون الأميركيون في الفترة الأخيرة إرسال عملاء "سي آي إيه" إلى داخل سوريا، ولكنهم رفضوا الفكرة؛ باعتبارها محفوفة بالمخاطر، نظرا لعدم وجود القوات الأميركية هناك للتدخل وحمايتهم.
وتذكر الصحيفة أنه عوضا عن ذلك تعتمد الولايات المتحدة على جماعات سورية تعمل على الأرض، وتقول إنها تأكدت من مصداقيتها وإمكانية الاعتماد عليها، وتطلق عليها واشنطن المعارضة السورية المعتدلة. ودربت "سي آي إيه" من أفرادها حتى الآن ألف مقاتل.
ويخلص التقرير إلى أنه رغم المساعدة التي يقدمها المقاتلون السوريون، إلا أن غياب عملاء أميركيين على الأرض أجبر الاستخبارات للاعتماد على التنصت عبر الأجهزة الإلكترونية.