تبدو العجوز الفلسطينية هنية حمادة، 78 عاما، متعبة، بينما تواصل قطف ثمار شجرة زيتون معمرة، في جبال بلدة بلعين غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بينما تشتكي عدم تمكنها من الوصول إلى أشجار أخرى فصلها الجدار الإسرائيلي العازل، منذ عدة سنوات.
وتقول حمادة، بينما تواصل قطف ثمار الزيتون: "لم يتبق لي سوى 74 شجرة زيتون، وما يزيد عنها بكثير، تم مصادرتها في جدار الفصل العنصري".
وتابعت: "لم يتبق سوى القليل، وجزء كبير من الأرض يحتاج إلى إعادة أعمار. كنا نجني كميات كبيرة من ثمار الزيتون، بينما اليوم، لم يتبق سوى القليل".
وبلعين بلدة فلسطينية تشهد مواجهات أسبوعية، مناهضة للاستيطان والجدار الفاصل، ما تسبب بإحراق مئات أشجار الزيتون نتيجة إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.
وتقول العجوز الفلسطينية: "أحرق الجيش عشرات أشجار الزيتون في حقلي، خلال الموجهات المناهضة للجدار".
وأوضحت بينما تشير بيدها باتجاه جدار الفصل العنصري ومستوطنة موديعيم المقامة على أراضي البلدة: "تمتلك عائلتي قطعة أرض كبيرة هناك، لا يسمح لنا بالوصول إليها، تم تخريب الأرض، ويواصلون بناء بيوت للغرباء".
بينما يتعرج جدار الفصل العازل حول المستوطنة، ويتلوى في بنائه ملتهما آلاف الدونمات من الأراضي (الدونم يساوى 1000 متر مربع).
وتقول سكينة حمادة نجلة العجوز الفلسطينية: "بالرغم من كبر سنها، إلا أنها تصر على قطف الثمار سنويا"، مشيرة إلى أن والدتها تشارك في المسيرات الأسبوعية المناهضة للاستيطان والجدار الفاصل.
وحسب الناشط في لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية (تجمّع محلي لناشطين فلسطينيين)، أحمد أبو رحمة، فإن الجدر الفاصل صادر نحو 2700 من أراضي بلعين، وبعد معركة قانونية ومظاهرات ومسيرات أسبوعية، ومواجهات أصدرت محكمة إسرائيلية بتعديل مسار الجدار، حيث تم استرجاع نحو 700 دونم.
وأشار أبو رحمة، إلى أن الجدار حرم عائلات فلسطينية من مصدر رزقها الوحيد، لافتا إلى أن غالبية السكان يعتمدون على الزيتون كمصدر رزق لهم.
ولفت إلى أن أهالي بلعين، كما أبناء الشعب الفلسطيني، يواصلون النضال من أجل استعادة كافة الأراضي التي سرقها الجدار.
ويتعرض المزارعون الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى اعتداءات شبه يومية من قبل المستوطنين اليهود، حيث يسرق المستوطنون ثمار الزيتون، كما يعتدون بالضرب على المزارعين، ويقطعون أشجار الزيتون، بحسب خالد منصور وهو مسؤول بالإغاثة الزراعية الفلسطينية (أهلية).
وأوضح منصور أن الإغاثة أطلقت حملة "إحنا معكم" لمساندة قاطفي ثمار الزيتون في المناطق المتضررة من الجدار، والتي يتعرض فيها المزارع الفلسطيني لاعتداءات من قبل المستوطنين.
وأشار إلى أن الحملة يشارك فيها طلبة من الجامعات الفلسطينية، وموظفين ومتطوعين، في 28 موقعا في الضفة الغربية، لإفشال مخطط المستوطنين القاضي بإلحاق الضرر وإفشال موسم الزيتون لهذا العام.
وينظّم الفلسطينيون مسيرات أسبوعية مناهضة للاستيطان، وجدار الفصل الإسرائيلي، بعد صلاة الجمعة، وغالبا ما يفرّقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقوة.
ويتوقع خبراء زراعيون فلسطينون، أن يكون حجم إنتاج الزيتون في الأراضي الفلسطينية لهذا العام متوسطا، وشحيحا في مناطق أخرى.
وقال رئيس مجلس زيت الزيتون الفلسطيني (غير حكومي)، فياض فياض، إن توقعات العام الجاري، تشير إلى أن حصاد الموسم الحالي من الزيتون في الأراضي الفلسطينية لن يتجاوز 19 ألف طن، وهي كمية أقل من الموسم الماضي، حيث يتراوح إنتاج الزيتون في الضفة الغربية ما بين 13 إلى 15 ألف طن، بينما يبلغ في قطاع غزة، قرابة 4 آلاف طن.
ويعد الزيتون مصدر رزق أساسي وثانوي لأكثر من 100 ألف عائلة فلسطينية، بينما يبلغ عدد أشجار الزيتون بحسب الإحصاء الفلسطيني نحو 27 مليون شجرة، فيما يقدر مجلس زيت الزيتون الفلسطيني عدد اشجار الزيتون في فلسطين بنحو 30 مليونا.
وبدأ الاحتلال الإسرائيلي بناء جدار فاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل في العام 2002، بحجج أمنية لـ"منع تنفيذ هجمات فلسطينية في إسرائيل"، على حد قوله، خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام 2000.
ووفق تقديرات فلسطينية، فإن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار وحدود 1948 بلغت حوالي 680 كم2 عام 2012، أي نحو 12.0% من مساحة الضفة، منها حوالي 454 كم2 أراضٍ زراعية ومراعٍ ومناطق مفتوحة، و117 كم2 مستغلة كمستوطنات وقواعد عسكرية، و89 كم2 غابات، إضافة إلى 20 كم2 أراضٍ فلسطينية مبنية.