لم يكن التقرير التلفزيوني الذي عرضه القاضي خلال جلسة السبت من محاكمة الرئيس المخلوع حسني
مبارك هو الشيء الوحيد الذي أثار اللغط حول ملابسات القضية.
وكان تلميح القاضي إلى احتمال وفاة أحد المتهمين قبل موعد الجلسة المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وتأكيده على أن المحكمة تأخذ هذا الاحتمال في اعتبارها، أمرا أثار العديد من التساؤلات حول دوافعه في ظل وجود جميع المتهمين على قيد الحياة.
وقال القاضي محمود الرشيدي - عقب إعلانه
تأجيل النطق بالحكم إلى جلسة 29 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل - إنه يعرف أن هناك من سيقول "وماذا لو مات أحد المتهمين ووجدت المحكمة نفسها مضطرة إلى تطبيق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بانقضاء الدعوى إذا توفي المتهم، مؤكدا أن المحكمة ستعلن للشعب حكمها الذي كانت ستقضي به حتى لو مات المتهم".
ويحاكم مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مساعدي الأخير في قضية قتل المتظاهرين، بتهم التحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 2011، كما يحاكم مبارك ونجلاه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم في قضية أخرى بتهم تتعلق بـ "الفساد المالي واستغلال النفوذ".
مبارك سيموت قبل النطق بالحكم
وتعليقا على هذا التصريح من القاضي، قال ممدوح المنير، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين إن مبارك سيموت قبل
الحكم عليه، مشيرا إلى أن ذلك سيتم من خلال تخلص النظام الحاكم منه، أو أن هناك معلومات بأن حالته الصحية متدهورة للغاية.
وأضاف المنير، عبر صفحته على "فيس بوك": "جلسة المحاكمة اليوم كان هدفها الوحيد التمهيد للشعب بأن مبارك سيموت قبل النطق بالحكم، وبالتالي لن يحكم في القضية لانقضاء الدعوى الجنائية، وهو ما يعني أن النظام سيتخلص من مبارك أو أن حالته متدهورة صحيا واحتمالات وفاته قريبة، ولذلك يتم التأجيل باستمرار حتى يتوفى".
وتابع: "العسكر لا يزالون يعتبرون مبارك قائدهم الأعلى السابق ولن يحكموا بإدانته حتى لا تكون سابقة يمكن تكرارها مع السيسي أو صدقي صبحي، كما أن مساعدات الخليج مرتبطة بعدم الحكم على مبارك".
من جهتها، أكدت جبهة استقلال القضاء، عدم جدية الأسباب التي أعلنها المستشار محمود كامل الرشيدي رئيس المحكمة لتبرير مد أجل النطق في الحكم على مبارك، مشيرة إلى أنها تؤكد اتهامات تسيس القضية.
وحملت الجبهة، في بيان لها السبت، هيئة المحكمة مسئولية الحفاظ على حياة مبارك حتى الحكم عليه، وقالت إن القاضي لوح بمخرج آمن للرئيس المخلوع من الدعوى الجنائية، ما يشي بوجود نية مبيتة للتخلص منه وعدم إدانته قضائيا.
وقات إن جلسة اليوم افتقرت إلى قواعد المحاكمات وتقاليد القضاء، فالأصل أن يعلن القاضي منطوق الحكم ثم يودع الأسباب خلال شهر من إعلان المنطوق، ولا يحق له قانونا أن يشق له طريقا معيبا يثير الشك والريبة على خلاف ما استقر عليه القضائي الجنائي، وكان يكفيه القرار دون أن يبرر له.
واختتمت البيان بالقول: "تذكر الجبهة المصريين بأن محكمة الشعب انعقدت في ميدان التحرير إبان الإطاحة بمبارك، وذلك برئاسة المستشار الجليل محمود الخضيري - المعتقل حاليا على ذمة قضايا كيدية - وبمشاركة كوكبة من رجال القانون، وأصدرت حكمها بالإعدام شنقا على مبارك ووزير داخليته وباقي المسئولين، وهو الحكم الذي يترقبه الشعب من محكمة من المفترض أن تحكم بالعدل لا التأجيل المريب".
لا أعرف السر
من جانبه، قال فريد الديب، محامي مبارك، إنه لم يعرف سر تطرق رئيس المحكمة إلى المادة الخاصة بوفاة المتهم.
وأوضح "الديب"، في تصريحات تلفزيونية أن مد أجل النطق بالحكم كان وفقا للمادة 172 من قانون المرافعات.
وأكد الدكتور "إبراهيم درويش" أستاذ القانون أن إشارة القاضي لهذه المادة غير ذات الصلة بموضوع القضية هو أمر خارج عن المألوف في القضاء المحلي والعالمي، مضيفا أن الحديث عن ظروف القرار وعما سيفعله مستقبلا أثار تساؤلات في الشارع.
كما استنكر "شوقي أبو خطوة" أستاذ القانون الجنائي، بشدة ذكر القاضي لهذه المادة، قائلا "المتهم موجود والأصل إصدار الأحكام وفقا للحالة الموجودة، فإذا توفى مبارك لن تكون هناك براءة أو إدانة، بل ستنقضي الدعوة الجنائية بالوفاة".
واعتبر "أبو خطوة" أن ذكر المادة على الملأ هكذا "تصرف غريب، فلم يحدث أن تطرق قاض قبل أن ينطق بالحكم لهذه المسائل، فهناك العديد من القضايا التي تمد فيها أجل الحكم مرة ومرتين، لكن ذكره هذه المادة جعلته يبدو كأنه ينتظر وفاة مبارك".
أما المستشار حمدي الوكيل، الرئيس الأسبق لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، فقد انتقد إشارة القاضي للمادة 14 قائلا: "هل تنتظر المحكمة أن يتوفى أحد المتهمين حتى تضطر للإشارة لنص هذه المادة؟، فحتى في حالة الوفاة ستكون النتيجة انقضاء الدعوى الجنائية، ومن حق المحكمة حينها توثيق وقائع القضية كما تشاء، لكنها ليست ملزمة بإعطاء مبرر لقرار تأجيل النطق بالحكم".