لم يكن يتخيل أهله وهم يودعونه صباحا إلى جامعته أنه لن يعود إليهم مرة أخرى، وسيصير مجرد صورة في "برواز" مزين بشريط أسود و يجدون الجميع حولهم في منظر جنائزي مهيب.
البعض يتباكى وآخرون قلوبهم تتمزق ألما لما جرى للفقيد، محمد عطا ضحية الإهمال بمستشفى بلقاس، الذي انضم إلى طابور شديد الطول من ضحايا الإهمال الطبي بمستشفيات مصر وضحايا فشل القطاع الصحي بمصر لأكثر من 60 عاما.
ومحمد عطا طالب بالفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة المنصورة من قرية الكوم الأحمر مركز بلقاس بالدقهلية، لم يكمل عامه العشرين بعد، وعانى الإهمال الطبي في مستشفى بلقاس المركزي حيث تعرض لحادث سير نقل على إثره إلى المستشفى ليعالج فيها فكانت هناك منيته.
الطبيب لم يشخص الحالة
روى زملاء محمد الذين تواجدوا معه أثناء تلقيه العلاج، أنه "في البداية علمنا بإصابة محمد ونقله إلى مستشفى بلقاس المركزي، وذهبنا إلى المستشفى لنجد محمد على سرير الجراحة وتم خياطة غرزتين في فمه و3 غرز في ذقنه وجروح في وجهه وجبيرة جبس على ذراعه ويصرخ من الألم"، مضيفين أن "محمد ظل 4 ساعات بلا حقنة مسكن أو أي شيء يخفف الألم عنه".
وقال صديقه: "كنا كل ما نحاول نقعده على السرير كان يسقط والدكتور قالنا متقلقوش (لا تقلقوا) ومرضاش نعمل أشعة".
وأضاف: "شلناه على ناقلة عشان نوديه للأشعة، الناقلة عجلها مكسور، محمد كان بينزف من كل مكان تم فيه خياطة أو جراحة وكل ما نحاول نجلسه يكاد يسقط منا على الأرض فنريحه تاني على السرير".
واستأنف صديق محمد: "نزل الدكتور بعدها وقال إن عظمة ذراعه مكسورة تماما ومحتاجة عملية.. وإحنا بنكلم الدكتور لقينا صاحبنا يصرخ وهو جالس مع محمد في الغرفة ودخلنا لنرى محمد ينزف من كل مكان وغائب تماما عن الوعي والطبيب اختفى من جنبنا".
وأكد صديق محمد: "كل هذا وإدارة المستشفى برئاسة الدكتور محمد موافي متجاهلة تماما للحالة الحرجة لمحمد".
النهاية
ويختتم صديقه شهادته على اللحظات الأخيرة لصديقه محمد قائلا: "ذهبنا بمحمد دون ملابسه لامتلائها بالدماء لغرف CPR لإجراء تنفس صناعي ومحاولة إنعاشه. كل هذا وتخرج كميات دماء رهيبة من فمه لنفاجأ أن جهاز التنفس الصناعي لا يعمل! وبعدم وجود ماء أيضا! وكل الأدوات اشتريناها بنفسنا من خارج المتشفى! ثم توقف قلبه عن النبض وذهب محمد عطا لأهله في قطـعة قمـاش".