تساءل الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني ما الذي يجعل شبابا مسلمين أوروبيين ناجحين ينتقلون من الحياة في
أوروبا إلى التجنيد في منظمة
داعش، وكيف يتحول هؤلاء إلى "حيوانات بشرية لا يعنيهم سوى قتل المسلمين ولا سيما من السنيين"، مشيرا إلى أنّ المقاتلين البريطانيين منهم هم الأكثر قسوة وفقا لتقارير منشورة، على حد تعبيره.
ويعبر يميني في مقالته لصحيفة "يديعوت"، الإثنين، عن استغرابه من هؤلاء "الشبان اللطيفين"، الذين ينشب جدل بينهم هنا وهناك؛ بين مشجعي برشلونة وميسي وبين مشجعي مدريد ورونالدو، مضيفا أنّ هؤلاء "يُحدثون هنا وهناك حساب التويتر الذي لهم بصور لمناظر طبيعية مدهشة. أو بصورة فتاة جميلة إلى جانب قطعة سلاح أحيانا. كان يفترض أن يبدأ أحدهم دراسة علوم الحاسوب في الجامعة، وكان آخر يوشك أن ينهي دراسة الطب، وآخرون بلا عمل. إن الحديث عن شباب جندوا أنفسهم للجهاد في
سوريا والعراق".
وحول أعداد الشبان الأوروبيين الذين يلتحقون بداعش، يؤكد يميني أنّ الأعداد الدقيقة ليست معلومة، مضيفا أنّه "في 2013 قدر منسق محاربة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي عددهم بـ 500. وعلى حسب بث قام به ريتشارد برنت، فان الحديث، وهذا صحيح حتى حزيران 2014، عن نحو من 3 آلاف شاب من دول غربية، 2500 من غرب أوروبا منهم 700 من فرنسا على الأقل و400 من بريطانيا و70 من الولايات المتحدة. وهذه زيادة بمئات الدرجات المئوية كل سنة".
وينوه الكاتب إلى أن منظمة داعش "اعتادت في إطار حملتها الدعائية العامة أن تنشر أفلام فيديو تعرض أفعالها. ويصعب على من لم يشاهدها أن يدرك الفظاعة، فهناك شهوة للقتل تثير الرعب. على سبيل المثال تمر دورية قاتلة من رجال داعش في شارع مليء بالسيارات وتحصد كل المسافرين برشاش. لماذا؟ أليس الحديث عن نساء سنيات منقبات مع أولادهن؟ لكن "المجاهدين" يطلقون النار عليهن".
ويشير الكاتب إلى "لقاء أجري مع متطوع من بلجيكا وكان فرحا وهو يقود سيارة تجر عشرات الجثث قتلت قبل ذلك بدقائق. ورفع متطوع من ألمانيا هو فيليب بيرغر، وقد أسلم، صورة يقف فيها مبتسما قرب رؤوس مقطوعة. وتفيد تقارير من سوريا أن البريطانيين هم الأكثر قسوة".
ويضيف "لا يحدث هذا في سوريا والعراق فقط، فقد جاء متطوعون في الماضي إلى أفغانستان ويأتي متطوعون من الغرب إلى الصومال، وهم لا يقتلون صهاينة أو أمريكيين بل مسلمين. وإن اكثر ضحايا منظمة بوكو حرام في نيجيريا مسلمون أيضا".
ويقول الكاتب "نشرت داعش قبل بضعة أيام فيلم فيديو لتجنيد متطوعين من الغرب وأحد نجومه شاب بريطاني اسمه علي قنطار، وتحدث أبوه رحيم قنطار الى الـ بي.بي.سي عن أن ابنه جرى عليه تطرف عند إمام مسجد كوبنتري".
وحول مساجد بريطانيا وهويتها، زعم الكاتب إنّ بحثا كشف في 2007 عن أن 600 مسجد من 1350 مسجدا في بريطانيا تعمل بحسب المذهب الوهابي، وتنشر الكراهية للغرب والدعاية المعادية للسامية. وسربت الاستخبارات البريطانية آنذاك أن مجموعة "جماعة التبليغ" المسؤولة عن بناء المسجد الضخم في لندن تشتغل بالتجنيد للقاعدة، وفقا للكاتب.
واستدرك الكاتب بالقول إنّ المواعظ الإسلامية في المساجد لا تحل اللغز الكبير وهو ما الذي يجعل شخصا جاء إلى سوريا والعراق من باريس أو من لندن، ما الذي يجعله حيوانا بشريا، ولماذا ينفذ قتلا جماعيا في مسلمين آخرين بعد أسابيع قليلة أو ربما بعد أيام يكون فيها مقاتلا؟.
ويعود الكاتب للاستشهاد ببحث تناولهم وقال إنهم "يميلون إلى الانضمام إلى أكثر الجماعات قتلا. وقد تركوا جماعات تنتمي إلى القاعدة مثل جبهة النصرة، إلى داعش. وليس الصراع مع نظام استبداد ولا مع كفار بل ولا مع شيعة بل هو صراع بين السنيين انفسهم".
ويضيف الكاتب "يجب أن نذكر شيئا آخر وهو أن اكثر الشباب المسلمين في أوروبا لم ينضموا إلى الجهاد، لكن أولئك الذين انضموا يعبرون عن تطرف يجري على ملايين الشباب. ويأتي المتطوعون أيضا من أماكن مثل السويد والدانمارك.
وينقل الكاتب عن خبراء زعمهم أن أحد الأسباب الرئيسة للتجنيد هو أزمة هوية. ويعلق على هذا الزعم بالقول "هذا صحيح". ويعود للتساؤل "ولكن هل هذا هو التفسير لتحولهم بسرعة لا تُعقل إلى مُصفين على الدوام؟ يوجد ملايين الشباب والمهاجرين والأجانب في العالم عندهم أزمة هوية لكن ذلك لا يجعلهم حيوانات بشرية".
وختم يميني مقالته بالقول "اعتادت حلقات المتقدمين عندنا أن تتهم يد إسرائيل القاسية بتطرف الشباب. وهذه دعوى تثير الاهتمام، لأن المتطوعين من أوروبا لم يجربوا الاحتلال البتة، فلم يُذلوهم في أي حاجز ولم يطوروا عداوة بسبب طوق أمني في الليل. وكان كثيرون منهم رمزا للاندماج والنجاح. هؤلاء مسلمون يقتلون مسلمين وهذه هي الحقائق".