كتاب عربي 21

شعب من المؤلفين!!

1300x600
تقع جمهورية أيسلندا إلى الشمال من بريطانيا قريبا من القطب المتجمد الشمالي ويبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة فقط، يعيشون في برد شبه دائم مع فترة صيف قصيرة، ولكن لماذا أتحدث عن هذه الجزيرة التي لا يعرف الكثيرون بوجودها أصلا؟

لسبب رئيسي واحد، هو أن هذه الجزيرة بها 30 ألف كاتب ومؤلف، أي أن واحدا من كل عشرة من سكانها ألف كتابا أو رواية، فسكان هذه الجزيرة هم أكثر شعوب العالم تأليفا للكتب وأكثر شعوب العالم قراءة للكتاب مقارنة بعدد السكان.

ولو أسقطنا هذا العدد على دولة مثل مصر التي يبلغ عدد سكانها 80 مليونا، فإن عدد المؤلفين بها يجب أن يبلغ حوالي 8 ملايين مؤلف، ولو أسقطنا هذه النسبة على سوريا فيجب أن يكون لدينا ثلاثة ملايين مؤلف، ولو أسقطناها على قطر فيجب أن يكون لدينا في حدود عشرين ألف مؤلف، هل هذه النسب صادمة؟ 

حتى بداية القرن العشرين كانت أيسلندا من أكثر دول المنطقة الأوروبية تخلفا، فقد كانت تعتمد اعتمادا كليا على الزراعة وصيد الأسماك، ولكن المساعدات الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية أنقذتها من كارثة اقتصادية حينها وأوقفتها على قدميها، وبحلول التسعينيات أصبحت من أكثر دول العالم ثراء، وفي عام 2013 احتلت المركز 13 في قائمة أكثر دول العالم تطورا، كما جاء في تقرير الأمم المتحدة عن تطور التنمية البشرية HDI.

في تقرير نشره موقع البي بي سي العام الماضي وأسقطه كاتب أمريكي يدعى دومينيك سمث على مدينته الأمريكية نشره في موقع Themillions.com يقول: "إن المؤلفين لا يعملون بأسلوب اقتصادي أبدا، فهم لا يقيمون السوق ليعرفوا إن كان هناك طلب على كتبهم قبل الشروع في الكتابة، إن الكتابة تنبع من دافع ذاتي، فالأمر يتطلب الكثير من الوقت والطاقة ووجع القلب من دون أي ضمان لهذا الاستثمار، كما هو الإيمان بقوة عليا، التأليف يتطلب تجاوز النقاشات المنطقية والأرقام.. فمتوسط مبيعات أي كتاب في أمريكا لا يتجاوز ثلاثة آلاف نسخة".

انتهى 

عن هذه الجزيرة يقول أحد المؤلفين المواطنين: "نحن شعب من (الحكواتية)، كنا في الأيام الخوالي قبل مجيء الكهرباء نجلس حول النار لنحكي القصص لبعضنا، وبعد ذلك بدأنا في تحويل هذه القصص إلى روايات، وبعد استقلالنا عن الدنمارك عام 1918 شكلت الثقافة والأدب هويتنا".

بعد قراءة التقرير عن أيسلندا وعن أمريكا كانت مبررات الكتابة التي أجمعوا عليها هي وجود ثقافة عامة عالية وتوفر نظام اقتصادي قوي واستقرار سياسي، ولكن هل هذا يكفي؟

نعم، إن وجود هذه العوامل مهم جدا، بالإضافة إلى وجود معايير للحفاظ على حياة جميلة هي من أسباب الإبداع، فالتلوث وسوء الطرق والازدحام وسوء النظام القضائي والإداري والتعليمي والصحي وكثرة الأعباء الحياتية، وغياب المعايير المنظمة لحياة الناس لا تصنع مبدعين ولا تصنع حياة هادئة جميلة.