هناك شىء ما خطأ، يحدث داخل النظام الحاكم هذه الأيام، ينبغى إصلاحه بسرعة قبل أن «نلبس فى الحيط».
أؤمن أن موجة أو ثورة 30 يونيو أعادت ثورة 25 يناير إلى مسارها الصحيح، لكن البعض ــ بحسن أو سوء نية ــ يرتكب أخطاء كارثية غير مفهومة وغير مبررة، وتقودنا الى المهالك.
أسهل حل لمواجهة الانتقادات، أن يتم اتهامك بأنك إخوانى أو طابور خامس أو «متمول» من الخارج، ولسوء الحظ، فإن هذه الأسطوانة لن تحل شيئا بل ستعجل فقط بحدوث ما لا يحمد عقباه.
عندما يخرج محمد البرادعى قبل شهور، ثم يخرج زياد بهاء الدين قبل أيام من الحكومة، ويتم حصار كل العقلاء وتشويه صورتهم، فالمؤكد أن هناك شيئا ما خطأ.
هل لدى أحدكم أى تفسير يبرر هذا الهجوم الأحمق ضد حمدين صباحى والتيار الشعبى وكأنه كان من أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان؟!.
الذين شاركوا فى 30 يونيو كانوا خليطا متنوعا من الشعب والقوى السياسية والمجتمعية المختلفة، والملاحظ أن بعضهم بدأ يصاب باليأس أو الإحباط، وتلك هى المأساة.
ما نحتاجه الآن على وجه السرعة، أن يؤمن فريق الصقور داخل الحكومة أن الجميع فى مركب واحد، وأن غرق هذا المركب ــ لا قدر الله ــ سيغرق الجميع، المتشددين والمعتدلين، وبالتالى فعلى هؤلاء الصقور الاستماع إلى صوت العقل.
أتمنى أن تصل هذه الكلمات إلى من بيدهم الأمر وأن يدركوا أن هدفها ليس الانتقاد أو الهدم، بل التنبيه قبل فوات الأوان.
هناك وقائع ومشاهد ومؤشرات تقول إن هناك أخطاء مجانية لا ينبغى أن نقع فيها ونكررها بصورة كربونية.
الطريقة التى تمت بها معالجة مسألة قضية الصحفيين الأجانب المقبوض عليهم على ذمة قضية التعاون مع فضائية الجزيرة لم تكن موفقة.
لا أتحدث عن القانون والقضاء والإحالة إلى الجنايات.
أتحدث عن الخطوات السياسية التى سبقت كل هذه المعضلة.
مرة أخرى، لا يوجد شىء مجرد فى السياسة. وبالتالى كان مطروحا مثلا أن يتم إبعاد الصحفيين الأجانب خارج مصر فورا، وتكون الرسالة قد وصلت إلى من يريد تكرار الأمر غيرهم.
الآن صارت لدينا مشكلة كبيرة مع دول أخرى تشبه إلى حد ما أزمة منظمات المجتمع المدنى التى اضطررنا فيها إلى تسفير المتهمين الأجانب بصورة مخزية ومحاكمة المصريين فقط.
شىء من هذا القبيل حدث مع قضية شعبان هدية أو أبوعبيدة الليبى، وحتى الآن لم نعرف الحقيقة، هل كان متهما فعلا بالتآمر على مصر والمشاركة فى أحداث جامعة الأزهر، أم أنه كان هناك تسرع فى القبض عليه، ولماذا لم تتم دراسة الأمر بهدوء ومشاورة وزارة الخارجية مثلا حتى لا نضطر إلى تسفير الرجل بعد أن خطفوا دبلوماسيينا.
مرة أخرى، وزارة الداخلية قدمت تضحيات كثيرة فى مواجهة الإرهابيين والمتطرفين والخارجين على القانون، لكن بعض أجهزتها ارتكبت أخطاء كارثية فى الأيام الأخيرة كلفتنا الكثير.
لم يعد مقبولا أن نقول «على العالم الخارجى أن يضرب رأسه فى أقرب حائط». صورتنا تزداد سوءا كل يوم بالخارج، وليتنا كنا أقوياء فعلا كى نقول: «لا يهمنا الخارج».
مازلنا فى حاجة للخارج، ومن المهم أن نفهم المحيط الاقليمى والدولى. والأهم أن نتوقف عن
خسارة الحلفاء والأصدقاء فى الداخل والخارج بصورة مجانية وعبثية.
(الشروق)