ملفات وتقارير

صحيفة مصرية: الكلاب تأكل أطفال المصريين بالمقطم

كلاب مسعورة في حي المقطم بمصر - أرشيفية
يبدو أن شرطة الانقلاب تركز جهودها حاليا في مطاردة معارضي الانقلاب بالرصاص والخرطوش في الوقت الذي تضن فيه على المصريين "الغلابة" بتوفير الحماية الأمنية لهم من الكلاب الضالة والمسعورة، سواء بقتل هذه الكلاب، أو القضاء عليها، أو تنظيم حملات لإبعادها عن المناطق السكنية، بهدف تخليص المصريين من شرورها. 

فقد كشفت صحيفة مصرية موالية للانقلاب النقاب عن أن أطفالا مصريين تحولوا إلى طعام للكلاب في منطقة المقطم جنوب العاصمة القاهرة، في وقت تذرعت فيه أجهزة الشرطة بأن الحي، هو المنوط به إنهاء هذه المهمة، مؤكدة أنه من المستحيل أن تخرج حملة من القسم لقتل الكلاب الضالة دون تكليف رسمي لها، وأن مهام ضباط المباحث البحث عمّن قتل، أو حرق، أو سرق، وليس منوطا بهم البحث عمّن يعُض! 

وذكرت جريدة "الوطن" في عددها الأسبوعي 24 كانون الثاني/ يناير 2014 أن الكلاب الضالة حولت حياة سكان المنطقة إلى رعب دائم، إذ تهدد تحركاتهم لدى الخروج من المنازل، وأنها قتلت وجرحت بالفعل عددا كبيرا من الأهالي، لا سيما من الأطفال، والنساء. 

ونشرت الصحيفة تحقيقا مثيرا، هو بمثابة دليل إدانة جديد لسلطات الانقلاب في تراخيها في حماية أرواح المواطنين، إذ صارت حياة المواطن البسيط رخيصة في ظل هذا الانقلاب، بينما يتعامل مسؤولو الأحياء، وغالبيتهم من اختيار جهاز أمن الدولة المنحل العائد تحت اسم "جهاز الأمن الوطني"، بخفة شديدة، واستهتار بالغ، في وقت لا تعبأ فيه أجهزة وزارة الداخلية بالأمر، وتلقي التبعة فيه على الأحياء، التي تمارس الكذب كعادتها، وتقول إنها تبذل قصارى جهودها في هذا الصدد، في حين يستمر نزيف دماء المصريين، كأنه لا قيمة له، بسبب هذه الكلاب الوحشية الضالة، في وقت تقصر فيه امكانات الناشطين ومنظمات المجتمع المدني عن معالجة الأمر. أطفال المقطم يتحولون إلى طعام للكلاب الصحيفة نشرت تحقيقها تحت عناوين مثيرة بالصفحة الأولى تقول: "أطفال المقطم يتحولون إلى طعام للكلاب.. الكلاب أكلت أحمد وتركت ياسر بلا فروة رأس .. وشوهت العمود الفقري.. وبدرية: مش قادرة أنسى صوت أسنانها، وهي بتقطع في لحمي”. 

ونشرت الصحيفة التحقيق على صفحة كاملة بالداخل تحت عنوان: "المقطم.. عندما يصبح الأطفال طعاما للكلاب.. خسائر «ياسر» من الهجوم: "رأس بلا فروة وكوابيس مستمرة.. وإحساس بأن الكلاب مش هتسيبه فى حاله طول العمر.. بدرية: "صوت تقطيع الكلاب فى لحمى مش قادرة أنساه".. و"ذوالفقار": الحي مشغول بالإزالات.. والقسم تفرغ للمجرمين.. وشباب بالمنطقة قرروا "توعية" المواطنين". 

ووثقت الصحيفة تحقيقها الخطير بصور مثيرة للإصابات المختلفة من جراء عدوان الكلاب عليها في رؤوس وأجساد الأطفال والنساء.. ومن ذلك: آثار الإصابة على رأس ياسر، وصورة لبدرية التي أكلت الكلاب ذراعيه، وآثار العضة التي لم تفارق جسد "ملك". 

الجميع طاله العضّ والنهش والقتل جاءت مقدمة التحقيق كالتالي: "أبدان كتب الله لها النجاة، وأخرى ظلت منهوشة ينقصها قطع لحم لتكتمل مرة أخرى، عظام تحت لحم آدمى، تراءت أمام الأعين المُجردة، أُم طفلها قُتل ترقد إلى جواره وتخاطبه، كأنه ما زال موجودا، أخرى يأتيها هاتف بأن ابنها فى المستشفى نتيجة "عضة كلب" فلا تُبالي لكونها اعتادت الأمر، وسيدة تسير صوب منزلها صباحا، فتصير مركزا لدائرة تتوسطها من الكلاب. 

هنا المُقطم؛ حيث لا فرق بين طفل أو سيدة أو شيخ عجوز، الجميع طاله «العضّ» و«النهش» و«القتل»، المنطقة السكنية أصبحت حديقة حيوان مفتوحة، غابة ملكها «الكلاب»، حتى لو كتب الله لأشخاص النجاة، فما زال صوت تقطيع لحم وأذن «بدرية» في أذنها، ويستيقظ «ياسر» كل يوم مفزوعا من مرقده وقت سماعه لأى نباح، وتستمر «أم أحمد» في مخاطبة وليدها الذي ربته 11 سنة، وفي النهاية ذهب في «عضة كلب». 

المشهد الأول: الكلاب تقتل أحمد الشمس

في قمة أوجها، الساعة الثانية ظهرا، الصمت يعُم مساكن البحر الأحمر بمنطقة المقطم، إلا همهمات أطفال تخرج منهم أثناء لعبهم بالكرة، يمشى «أحمد حمدي» ابن الـ11 عاماً، على استحياء مرتديا زيه المدرسي، يراقب بعينيه زملاءه وهم يلعبون، أصوات نباح الكلاب اقتربت منهم، لم يعبأوا بالأمر، وظلوا فى لعبهم يمرحون، قبل أن يهاجم قطيع منها لاعبى الكرة من الأطفال، في الوقت الذي ظلّ فيه «أحمد» جالسا على الرصيف مُراقبا للأمر، حاول الجري وراء زملائه، لكنه فوجئ بثلاثة كلاب تحاصره، انقض أحدها عليه فسقط الطفل بجسده النحيل، اقتادت أكثر من سبعة كلاب ضخمة الطفل الصغير صوب الجبل، حاول الصُراخ، لكن أحدا لم يستجب، في الوقت الذي كان يهُم فيه أحد الكلاب بغرز أنيابه في عُنق الطفل الصغير، روح الطفل فارقته. 

المشهد الثاني: ثمانية كلاب تنهش "ملك" 

كعادتها، تنتظر «ملك»، الطفلة التي لم يتعد عمرها الثلاثة أعوام، جدها الشيخ سعيد إذ انتهى من صلاته، ثم خرج من باب المسجد بلحيته الكثة وجلبابه الأبيض نظر صوب المنزل، فوجد حفيدته وفى ظهرها ثمانية كلاب على أهبة الاستعداد، ما إن لوحت الطفلة الصغيرة بيدها له، حتى جذبها الكلاب من الخلف، ظلت تجرها عدة أمتار صوب المنطقة النائية خاصتها، الصُراخ لم يسترق قلوبها، منهمكة فى إنهاء وليمتها، قضمت أجزاء من جسدها، تكاد أنيابها تُحطم عمودها الفقري، لم ينشغل الشيخ «سعيد» بارتداء نعله، وجرى حافي القدمين صوب «ملك»، استطاعوا إنقاذ الطفلة بصعوبة، «قبلوها أخيرا في مستشفى المنيرة». 

المشهد الثالث: تمزيق جسد ياسر: 

«ابنك ياسر عضه كلب».. هكذا أخبرتها واحدة من الجيران خلال اتصال هاتفى بها، لم تنزعج «أمنية عبدالستار» من الأمر؛ فقصة عضّ الكلاب أمر طبيعي كونهم يقطنون في تلك المنطقة العشوائية، همّت بالذهاب إلى المكان حيث أخبرتها المُتصلة، لم تجد ابنها «ياسر»، سألت المجاورين، أفادوها بأن أصحاب الخير ذهبوا به صوب المُستشفى التخصصي بالمقطم، جسده مُلقى على «التروللي» الخاص بالمستشفى، عيناه مفتوحتان، لكنهما لا تتحركان يمينا ولا يسارا، جسده مُمزق «عارف لما تجيب قطعة لحمة، وتقطع فيها.. أنا ابني كان لحمه كله باين»..الطفل ما زال يتلقى العلاج حتى الآن، فروة رأسه المُهترئة أضحت سببا وجيها كي لا يذهب إلى المدرسة. 

المشهد الرابع: 12 كلبا تهش الحاجة بدرية 

دقت الساعة العاشرة صباحا، فيما كانت الحاجة «بدرية» تقطع طريقها إلى المنزل، بعد أن أوصلت ابنتها «ندى» إلى الحضانة، كان الشارع خافتا، إلا صوت نباح الكلاب، في طرفة عين، أحاط ما يقرب من 12 كلبا بها على شكل دائرة، حاولت هشّها بيديها: «كانوا كلهم خايفين إلا كلب واحد.. صوب فخذها غرز أنيابه، بينما ركز بقية الكلاب على باقي أجزاء جسدها، كانت قطع اللحم تسقط منها، انهمك كلب آخر في تناول قطعة من أُذنها اليُمنى.. تمزيق اللحم له صوت لا تستطيع نسيانه..

انتهت وصلة العذاب، ليبدأ عذاب من نوع آخر بين المستشفيات، حتى استقرت أخيرا فى أحدها «شهرين راقدة ما بعرفش أنام من الألم»، كانت تعاني هي والطبيب الذى ينظف جروحها: "كان بيحتار يبدأ بأى جرح الأول". 

الشرطة تنفي أي مسؤولية لها 

بين أركان قسم المُقطم خرج النقيب محمد بهاء -معاون المباحث- من مكتبه، شاب في منتصف الثلاثينات، يرتدى زيا مدنيا، قال في نبرة لا تخلو من الثقة: "دي مسؤولية الحي، هو المنوط به إنهاء هذه المهمة بالكامل"! 

وأكد أنه من المستحيل أن تخرج حملة من القسم لقتل الكلاب الضالة دون تكليف رسمي لها من وزارة الداخلية «عشان أطلع بذخيرة من عندي، لازم يتعرف الطلقات دي هتضرب فين وإمتى.. لأن إحنا بنتحاسب على كل طلقة»! 

وأشار إلى مهام ضابط المباحث: «مسؤوليتنا البحث عمّن قتل، حرق أو سرق.. وليس منوطا بنا البحث عمّن يعُضّ»، مُضيفاً: «يعني احنا هنطارد المجرمين ولا الكلاب؟!. 

مسؤول الحي يلقي اللوم على الأهالي

على مقربة من البلدوزر، وقف اللواء عبد السميع وهدان -رئيس حي المقطم- يلوّح لسائقه بيديه، طالبا منه إزالة الإشغالات التي تحتل مساحة من الطريق، يلقي اللوم على الأهالي الذين يربون الدواجن والماعز والبط، التى تأتي الكلاب من أجلها، إلا أنه يجد أن الأزمة الحقيقية التي تواجهه هي عدم تناول الكلاب التي تهاجم المواطنين للسم «مستوى ذكائها شديد جدا»! 

ناشطون: لا دعم من الحي والشرطة 

تنقل "الوطن" عن الناشطة دينا ذو الفقار، قولها إن "منطقة المقطم تعتبر ظهيرا صحراويا، فتتوجد فيها حيوانات خطرة.. الدولة عليها لوم عدم الاعتناء بالمواطنين في المناطق العشوائية، بعد أن قُتل «أحمد» بواسطة الكلاب، جاءت هيئة من إدارة الطب البيطري، وقطعوا أجزاءً من اللحوم، ووضعوا السُم فيها، وألقوها في المناطق النائية، حتى يتم التخلص من الظاهرة، وهو ما ترفضه «ذوالفقار»، موضحة: «المفروض نعمل إخصاء وتطعيم للكلاب وليس قتلها». 

محمد رمضان، أحد أعضاء حملة «أنا من المقطم» يقول إن آخر ما فعلته الحملة الشبابية هو الذهاب ومحاولة البحث عن الكلاب التى تهاجم المواطنين، بعد جمع أوصافها، إلا أن المشكلة التى تواجههم عدم وجود أي دعم من الحي أو قسم الشرطة، ليكتفي الشباب بتوعية الأهالي وجمع توقيعات لحل مشكلة الكلاب الضالة.