كتاب عربي 21

جاذبية الإسلام

1300x600

في كتاب المستشرق الإنجليزي "سيرتوماس أرنولد" (1864 – 1930) "الدعوة إلى الإسلام" – الذي ترجم إلى العربية ونشر بالقاهرة عام 1970 - حديث عن التغييرات الجذرية والثورية التي أحدثها ظهور الإسلام في ميدان علاقة الدين بالدولة، والخروج من إطار القبلية والعلاقة القائمة على العرق والدم إلى إطار الأمة القائمة على المعتقد، وعن هذه الخصيصة من خصائص الإسلام يقول "أرنولد":

"لقد باشر محمد سلطة زمنية كالتي كان يمكن أن يباشرها أي زعيم مستقل، مع فارق واحد هو أن الرباط الديني بين المسلمين كان يقوم مقام رابطة الدم، وعلى هذه الصورة أصبح الإسلام - كما سن دائما - نظاما سياسيا بقدر ما هو نظام ديني. كانت رغبة محمد ترمي إلى تأسيس دين جديد، وقد نجح في هذاالسبيل، ولكنه في الوقت نفسه أقام نظاما سياسيا له صفة جديدا متميزة تميزا تاما. وكان دخول مبدأ جديد من الوحدة الإجتماعية في ظل الأخوة الإسلامية في المجتمع العربي قد بدأ منذ حين في إضعاف القوة الرابطة للفكرة القبلية القديمة، تلك الفكرة التي أقامت بناء المجتمع العربي على أساس قرابة الدم".

وكان إسلام الفرد ودخوله في المجتمع الجديد هدما لأهم قوانين الحياة العربية الأساسية، كما كانت كثرة دخول العرب في الإسلام من العوامل القوية التي أدت إلى تفكيك النظام القبلي وتركه ضعيفا أمام حياة قومية شديدة التعصب قوية التماسك، كتلك التي صار إليها المسلمون.

إن دخول الإسلام في المجتمع العربي لم يدل على مجرد القضاء على قليل من عادات بربرية وحشية فحسب، وإنما كان انقلابا كاملا لمثل الحياة التي كانت من قبل.

كذلك نجد أداء الصلوات الخمس كل يوم على جانب عظيم من التأثير، سواء في جذب الناس أو الاحتفاظ بالمسلمين منهم. وقد أحسن الفيلسوف الفرنسي "ف. تسكيو" (1689 – 1755م) في قوله "إن المرء لأشد ارتباطا بالدين الحافل بالكثير من الشعائر، وذلك لأن المرء شديد التعلق بالأمور التي تسيطر دائما على تفكيره".

إن دين المسلم يتمثل دائما في مخيلته، وفي الصلوات اليومية. يتجلى هذا الدين في طريقة نسكية خاشعة مؤثرة، لا تستطيع أن تترك العابد والمشاهد كليهما غير متأثرين.

يتحدث سعيد بن الحسن – أحد يهود الإسكندرية الذي اعتقد الإسلام عام 1238م – عن مشهد صلاة الجمعة في المسجد، باعتباره عاملا حاسما في تحوله إلى الإسلام. ففي خلال مرض شديد قد انتابه، رأى في المنام صوتا يأمره أن يجهر بالإسلام.. "وعندما دخلت المسجد ورأيت المسلمين يقفون صفوفا كأنهم الملائكة، سمعت هاتفا يقول: هذه هي الجماعة التي أخبر الأنبياء – صلوات الله عليهم – بقدومها. ولما ظهر الخطيب مرتديا عباءته السوداء، استولى علي شعور عميق من الرهبة.. ولما ختم خطبته بالكلمات: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، وبدأت الصلاة، أحسست بقوة تدفعني إلى النهوض، لأن صفوف المسلمين بدت أمامي كأنها صفوف الملائكة، الذين يتجلى الله القدير في سجداتهم، ثم سمعت هاتفيا يهتف بي: إذا كان الله قد تحدث مرتين إلى بني إسرائيل، في كل العصور، فإنه يتحدث إلى هذه الجماعة في كل وقت من أوقات الصلاة وأيقنت في نفسي أني خلقت لأكون مسلما".

أما الفيلسوف الفرنسي "رينان يارنست" (1823 – 1892م) فإنه يقول: "ما دخلت مسجدا قط، دون أن تهزني عاطفة حادة، وبعبارة أخرى، دون أسف محقق على أنني لم أكن مسلما"!

ومن كلمات أسقف مسيحي مشهور: "ما من فرد يتصل بالمسلمين لأول مرة إلا أُخذ بمظهر دينهم هذا. وحيثما يمكن أن توجد – في الطرق العامة أو في محطة السكة الحديدية، أو في الحق - فإن أكثر من ذلك أنه ما من فرد رأى يوما ساحة الجامع الكبير يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وهي غاصة بما قد يربو على 15000 مصل، وكلهم جميعا  منهمكون في صلاتهم، مظهرون أعمق آيات الإخلاص والخشوع في كل إشارة يبدونها، إلا تأثر تأثرا عميقا بهذا المشهد. ومثله النظام الدقيق الذي يتجلى في دعوة الناس إلى الصلاة، عندما يؤذن الداعي في وقت السحر، قبل أن يتنفس الصبح، أو بين ضوضاء ساعات العمل، أو عندما يرخي الليل سدوله كذلك، مفعما بتلك الرسالة ذاتها. وإن صيام شهر رمضان لجزء من دليل على أن الإسلام ليس الدين الذي يجذب الناس بالمتع والملذات الشخصية!".