عندما علمت لينا أففاندر أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (إيدز)، تلقت وصفة طبية ومشورة قضائية أيضا، إذ أن
القانون السويدي يلزم الأشخاص الإيجابيي المصل بالكشف عن حالتهم لشركائهم.
ويشكل تشخيص
فيروس الإيدز صدمة نفسية عادة، لكنه مرتبط في السويد بخطر مواجهة ملاحقات قضائية في حال عرّضت حياة الآخرين للخطر.
ومع اقتراب اليوم العالمي لمكافحة الإيدز الذي يحتفى به في الأول من كانون الأول/ديسمبر، يرفع المدافعون عن حقوق المصابين بفيروس الإيدز، الصوت عاليا للتنديد بهذا القانون.
ويهدف هذا القانون إلى الحد من انتشار الفيروس وهو يعد من أكثر القوانين تشددا في العالم على هذا الصعيد.
وهو ينص على أن الأشخاص الإيجابيي المصل الذين يقيمون علاقات جنسية من دون استخدام وسائل وقائية ويخفون حالتهم على شركائهم، ويعرّضونهم للإصابة بالعدوى يرتبكون جنحة قد تفرض عليها عقوبة سجن، في حال نقلت العدوى أو لم تنقل.
ولا يمكن بالتالي لأي شخص إيجابي المصل أن يقيم علاقات من دون استخدام وسائل وقائية حتى لو قبل شريكه بذلك، إذ أنه ما من أحد مخول أن يوافق على ارتكاب جنحة بموجب القانون.
وقد تعرض نحو 40 شخصا لملاحقات قضائية بعد أن عرّضوا حياة آخرين للخطر بهذه الطريقة، وذلك منذ الحالات الأولى للإيدز المشخصة في البلاد في العام 1982.
وتضم السويد 6500 شخصا إيجابي المصل أغلبيتهم (90%) يخضعون لعلاجات مضادة للفيروسات القهقرية.
وجاء في تقرير صدر في العام 2010 عن شبكة "جي ان بي" الدولية التي تعنى بالدفاع عن حقوق المصابين بفيروس الإيدز أن السويد هي أكثر البلدان صرامة في هذا الشأن.
لكن يبدو أن السلطات القضائية باتت تغيّر موقفها.
فقد برّأت محكمة مالمو في تشرين الأول/أكتوبر شخصا مصابا بالإيدز، كان قد حكم عليه بالسجن لمدة سنة في محكمة الدرجة الأولى.
غير أن النيابة العامة طعنت في هذا القرار في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال يان ألبرت الأستاذ المحاضر في الطب في جامعة كارولينسكا الذي شارك في إعداد تقرير استندت إليه محكمة مالمو لاتخاذ قرارها إن "الأشخاص الخاضعين لعلاج مضاد للفيروسات القهقرية أثبتت فعاليته هم عموما غير معديين خلال العلاقات الجنسية"، مضيفا أن "هذه الحال لم تؤكد بالكامل في الظروف جميعها".
وأظهر هذا التقرير أن الأشخاص الأكثر خطورة ليسوا هؤلاء الذين شخصّت إصابتهم بالفيروس، والذين يتلقون علاجا، بل هؤلاء الذين لم يعلموا بعد بإصابتهم.
وحتى لو كان هذا القانون يتعرّض لانتقادات لاذعة، فهو يعكس المعتقدات السائدة في أوساط السويديين.
فقد كشفت هيئة الوقاية من الأوبئة التي تستطلع آراء السويديين في ما يخص مفهومهم للإيدز منذ العام 1987 أن 40% منهم كانوا يرغبون في العام 2011 أن يمتنع المتعايشون مع الفيروس عن إقامة العلاقات الجنسية.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز، "ينبغي ألّا يعتبر عدم الكشف عن الإصابة بالفيروس جنحة".
ولم يتخذ أي من الحزبين الرئيسيين في البلاد موقفا واضحا في هذا الشأن.
فحزب المحافظين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء فريدريك رينفلدت يعتزم أن يبقي على الكشف الملزم عن الإصابة، مع تخفيف العقوبات المفروضة في حال مخالفة القانون.
أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فهو لا يزال يتباحث في هذه المسألة ليعرض موقفه مع اقتراب الانتخابات التشريعية المزمع انعقادها في أيلول/سبتمبر 2014.