كتاب عربي 21

عن زواج «الطفلة» عائشة وحد الرجم اليهودي!

1300x600
قليلون هم من يجرؤون على إجراء القراءة النقدية لنصوصنا الدينية، التي ورثناها عن آبائنا من الفقهاء والمؤرخين الذين ما ادخروا جهدا في الحفاظ على هذا المخزون الديني، ونقلوه لنا جيلا عن جيل، ولكن هذا لا يعني أن نصوصهم تتمتع بقداسة تجعلها في منأى عن المراجعة العقلية، المتسقة مع حقائق علمية استقرت بعد الانفجار المعرفي الهائل الذي نقل البشرية من حال إلى حال في العصور الحديثة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لا نستطيع أن ننحي جانبا تأثيرات الأحداث السياسية على مسار النص الديني، خاصة في الخلاف بين دولتيْ الأمويين والعباسيين، أو من سموا أنفسهم «شيعة» أهل البيت في مواجهة من سموا أنفسهم «أهل السنة والجماعة» ناهيك عن تأثيرات رواسب الثقافة الإسرائيلية وموروثات الفلسفة اليونانية، وما حمله المسلمون الأوائل من ثقافة إنسانية من عصور سابقة لظهور الإسلام، كل هذا ترك ترسبات على نحو أو آخر في نصنا الديني، فغدا لدى البعض دينا يحرم الاقتراب منه، باعتباره حاز قداسة ما، لا يملكها، ما يجعل من إعادة قراءته ونبشه واجبا حضاريا، ذلك أن بعض المفاصل في هذا الإرث سببت كثيرا من اللغط والأذى البليغ لنا مسلمين وعربا!

من هؤلاء الباحثين المميزين، الدكتور محمد هلال، وهو مختص بالغدد الصماء وذو خبرة طويله في هذا العلم، لكن هذا لم يمنعه من خوض قراءة نقدية للنص الديني، عبر بحث ضخم صرف فيه وقتا ومالا طويلين، كانت نتيجته مؤلف ضخم أغبطه عليه، سماه: ترتيب سور القرآن الكريم/ وزمن نزولها وكيفية وبيان ترابطها الموضوعي في ظلال زمن التنزيل، وهو مؤلف طريف يقع فيما يزيد عن الخمسمائة صفحة من القطع الكبير، طبعا من الصعب أن استعرض في مقال كهذا ما ورد في هذا السفر الهام، ولكن ما لفت نظري مسألتان على جانب كبير من الأهمية، لعبتا دورا كبيرا في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وبقيتا مدار جدل ونقد كبيرين طيلة قرون وحتى الآن، وهما تشكلان غصة في حلوقنا، بسبب ما يشتملان عليه من غرابة..

الأولى/ ما قيل عن زواج رسولنا صلى الله عليه وسلم بطفلة في عمر تسعة أعوام، حيث يثبت صديقنا أن عمر السيدة عائشة حين زواجها كان ثمانية عشر عاما، يعني ثمة عشرة أعوام قضمتها روايات ونصوص تحتاج لإعادة إثبات، وأبسط ما ينسف رواية السنوات التسعة ما يورده الدكتور هلال نقلا عن الخطيب التبريزي في «مشكاة المصابيح» وابن كثير في «البداية والنهاية» والذهبي في «سير أعلام النبلاء» أن أسماء كانت أكبر من أختها عائشة بعشر سنوات، وقد توفيت أسماء عام 73 للهجرة عن مائة عام، فتكون ولدت سنة 27  قبل الهجرة، وتكون عائشة ولدت سنة 17 قبل الهجرة، فكيف تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وعمرها تسع سنوات؟ والحقيقة كما يبينها الدكتور هلال أن رسولنا عليه الصلاة والسلام عقد عليها في السنة الثالثة قبل الهجرة وعمرها أربعة عشر عاما وتزوجها في شوال من السنة الأولى للهجرة وعمرها ثمانية عشر عاما!

أما المسألة الثانية، فما يقال عن حكم الزاني المحصن، ورجمه على تلك الطريقة البشعة، وغير الإنسانية، حيث يثبت كاتبنا إن هذه الممارسة ليست من الإسلام في شيء وأنها مستوردة من إرث اليهود الذين كان الرجم منتشرا بينهم كنوع من الإعدام بدون محاكمة الذي تقوم به الغوغاء عادة فنسبوه إلى الشريعة الموسوية ووضعوه في الكتب المنسوبة إلى موسى عليه السلام!

وتلك حكاية تحتاج إلى تفصيل في مقالة أخرى، نستعرض فيها أيضا بعض ما ورد في هذا السفر الهام، بإذن الله تعالى.

(عن الدستور الأردنية)