علوم وتكنولوجيا

تسلا.. من شركة ناشئة إلى أيقونة في السيارات الكهربائية

لعبت تسلا دورا محوريا في تطوير السيارات الكهربائية- جيتي
تأسست شركة تسلا في عام 2003 على يد إيلون ماسك ومجموعة من المهندسين المبتكرين، بهدف تسريع انتقال العالم إلى الطاقة المستدامة، وسعت منذ بدايتها إلى إحداث تحول جذري في صناعة السيارات عبر تطوير سيارات كهربائية متقدمة، وخلال سنوات قليلة، أثبتت تسلا مكانتها كشركة رائدة في مجال السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة، محققة إنجازات بارزة في هذين القطاعين.

منذ انطلاقتها، ركزت تسلا على تحسين الكفاءة البيئية للسيارات من خلال تبني تقنيات مبتكرة في التصميم والتصنيع، أطلقت أول نموذج لها تحت اسم "رودستر" عام 2008، وهو أول سيارة رياضية كهربائية تُنتج على نطاق واسع، ما لفت أنظار العالم إلى إمكانيات السيارات الكهربائية عالية الأداء.

لم تتوقف الشركة عند هذا الحد، بل وسعت خطوط إنتاجها لتشمل طرازات جديدة مثل "موديل إس" و"موديل إكس" و"موديل 3"، التي تميز كل منها بتصميمه وتقنياته المتطورة، وقدرتها على منافسة السيارات التقليدية من حيث الأداء والسرعة والراحة.

تحول نحو الطاقة النظيفة
إلى جانب صناعة السيارات، وضعت تسلا هدفا استراتيجيا يتمثل في تحقيق تحول شامل نحو الطاقة النظيفة، من خلال تطوير تقنيات البطاريات وحلول الطاقة الشمسية، حيث أصبحت الشركة لاعبا رئيسيا في مجال الطاقة المستدامة، كما جسدت مشاريعها التزامها ببناء مستقبل يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.

التأسيس
تعود بدايات "تسلا موتورز" إلى صيف عام 2003، حين أسسها المهندسان مارتن إيبرهارد ومارك تاربينينج في مدينة سان كارلوس بولاية كاليفورنيا، وسميت الشركة تيمنا بالمخترع الصربي الشهير نيكولا تسلا.



وانطلقت "تسلا" بفكرة تطوير سيارات تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، مستفيدة من تجارب "جنرال موتورز" السابقة، ومع دخول المستثمر إيلون ماسك عام 2004 بصفته الممول الأكبر ورئيس مجلس الإدارة، حصلت "تسلا" على دفعة قوية مكنتها من الانطلاق الفعلي في تطوير سياراتها الأولى.

الخطة الكبرى والأزمة المالية
في عام 2006، كشف ماسك عن ما سماها "الخطة السرية الكبرى" لتسلا، التي هدفت إلى تسريع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية.

وفي العام ذاته، نجحت الشركة في جذب استثمارات كبيرة، لتطلق في شباط/فبراير 2008 أولى سياراتها "رودستر"، التي حققت نجاحا تقنيا رغم ارتفاع سعرها ومحدودية شحن البطارية.

لكن الأزمة المالية العالمية أواخر 2008 كادت أن تتسبب بانهيار الشركة، قبل أن تتدخل شركة "دايملر" باستثمار قيمته 50 مليون دولار، أعقبه قرض حكومي أمريكي بقيمة 465 مليون دولار أنقذها من الإفلاس.

وبعد تجاوز الأزمة، دخلت تسلا مرحلة نمو متسارع بإطلاق سيارة السيدان الفاخرة "موديل إس" عام 2011، التي حققت نجاحا كبيرا وساهمت في أول أرباح للشركة عام 2013.

توسعت بعدها في إنشاء شبكة محطات الشحن السريع، ثم دشنت عام 2014 مصنعا ضخما لإنتاج البطاريات في ولاية نيفادا، ما خفض التكلفة وفتح الباب أمام سيارات بأسعار تنافسية، وفي السنوات التالية، طرحت الشركة "موديل إكس" عام 2015، و"موديل 3" عام 2017 الذي استهدف السوق الواسع، ثم "موديل واي" في عام 2020.

من السيارات إلى الطاقة المتجددة
واصلت تسلا توسيع أعمالها في مجال الطاقة النظيفة، فدخلت قطاع الألواح الشمسية وتخزين الطاقة، وغيرت اسمها في عام 2017 إلى "تسلا إنك" لتصبح شركة طاقة شاملة، ومع اتساع إنتاجها ومبيعاتها، أصبحت رمزًا عالميًا للابتكار في صناعة السيارات.

وفي عام 2021، تجاوزت قيمتها السوقية حاجز التريليون دولار بعد صفقة توريد مئة ألف سيارة كهربائية لشركة "هيرتز"، لتصبح من أسرع الشركات في التاريخ وصولا إلى هذا المستوى من القيمة.

الابتكارات التقنية
تميزت تسلا بتطوير تقنيات مبتكرة جعلتها في مقدمة قطاع السيارات الكهربائية، حيث اعتمدت على بطاريات الليثيوم-أيون المتقدمة، التي توفر مدى أطول وكفاءة عالية في استهلاك الطاقة.


كما طورت نظام القيادة الذاتية المعروف باسم "أوتوبايلوت"، الذي يمكن السيارة من القيادة شبه المستقلة اعتمادا على الكاميرات وأجهزة الاستشعار والبرمجيات الذكية، وساهم هذا النظام في تعزيز الأمان والراحة، إلى جانب تطوير نظام تبريد البطاريات للحفاظ على أدائها في مختلف الظروف، وتقنية الشحن السريع "سوبرتشارجر" التي تختصر وقت الشحن بشكل كبير مقارنة بالشواحن التقليدية.

ويعد روبوت أوبتيموس، المعروف أيضا باسم تسلا بوت (Tesla Bot)، أحد أبرز مشاريع شركة تسلا في مجال الروبوتات الذكية، إذ أعلنت عنه الشركة لأول مرة في 19 آب/أغسطس 2021، ويبلغ ارتفاع الروبوت نحو 173 سم ووزنه قرابة 57 كيلوجراما، وقد صُمم ليقوم بمهام متكررة أو شاقة أو خطرة يصعب على البشر تنفيذها بأمان.

يعتمد أوبتيموس على منظومة ذكاء اصطناعي متقدمة تشمل الرؤية الحاسوبية، التخطيط، والتنقل الذاتي، كما يضم مجموعة حساسات ومحركات دقيقة تمنحه القدرة على التوازن والتفاعل مع البيئة من حوله، وتتيح له برمجياته المدمجة التعرف على الأشياء والتصرف بمرونة في المواقف المختلفة، ما يجعله قادرا على أداء الأعمال اليومية الميكانيكية أو الخطرة بفعالية عالية.



ويمثل أوبتيموس خطوة طموحة نحو دمج الروبوتات البشرية في بيئات العمل، إذ تسعى تسلا لاستخدامه في مجالات التصنيع والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية، بهدف دعم الإنسان لا استبداله، ويتوقع أن يسهم المشروع في إحداث تحول كبير في العلاقة بين البشر والآلات، رغم أن إنتاجه التجاري على نطاق واسع ما زال في مراحله المبكرة، كما أن تكلفته المرتفعة قد تحد مؤقتا من انتشاره الواسع.

أبر الطرازات
يعد موديل 3 أكثر سيارات تسلا انتشارا وشعبية، إذ يجمع بين الأداء العالي والسعر المناسب نسبيا، ما جعله الخيار الأول للعديد من المستهلكين حول العالم، ويتميز بتصميم أنيق وانسيابي، ومدى قيادة يتجاوز 500 كيلومتر في الشحنة الواحدة، مع تسارع من 0 إلى 100 كم/س في نحو 5 ثوان فقط، كما يضم تقنيات متقدمة مثل نظام القيادة الذاتية (Autopilot)، وشاشة مركزية كبيرة تعمل باللمس، ونظام ترفيهي متكامل يوفر تجربة قيادة ذكية ومتصلة بالكامل.



طراز موديل S و X
يعتبر موديل S السيارة الفاخرة في أسطول تسلا، ويُعرف بمدى قيادته الطويل الذي يصل إلى أكثر من 600 كيلومتر في الشحنة الواحدة، مع أداء رياضي فائق وتسارع مذهل من 0 إلى 100 كم/س في أقل من ثلاث ثوان في بعض الإصدارات.

أما موديل X فهو سيارة متعددة الاستخدامات (SUV) تتميز بأبوابها الخلفية الفريدة على شكل “Falcon Wing”، ومساحتها الداخلية الرحبة المناسبة للعائلات، ونظام الدفع الرباعي الذي يمنحها قدرة عالية على القيادة في مختلف الظروف المناخية والتضاريس.

طراز موديل Y وسايبرتراك
يمثل موديل Y النموذج الأحدث الذي يجمع بين خصائص موديل 3 وموديل X، إذ يوفر مساحة تتسع لسبعة ركاب، مع أداء قوي ومدى طويل يتجاوز 500 كيلومتر، ويعد خيارا مثاليا للعائلات الباحثة عن سيارة كهربائية متعددة الاستخدامات.

أما سايبرتراك (Cybertruck) فهو شاحنة كهربائية ذات تصميم مستقبلي من الفولاذ المقاوم للصدأ، تجمع بين القوة والمتانة والأداء العالي، وتعد خطوة تسلا الجريئة لدخول سوق الشاحنات الكهربائية بمنتج يجمع بين الابتكار والعملية.


رؤية تسلا المستقبلية
تسير تسلا برؤية طموحة تحت قيادة مؤسسها إيلون ماسك نحو تطوير تقنيات ثورية في مجالي السيارات والطاقة.

وتركز هذه الرؤية على القيادة الذاتية الكاملة، لجعل السيارات قادرة على التنقل دون تدخل بشري، مما يسهم في تقليل الحوادث وتوفير الوقت والجهد.

كما تستكشف الشركة فكرة السيارات الكهربائية الطائرة التي قد تغير مستقبل التنقل، إلى جانب طموحاتها في استكشاف الفضاء عبر تعاونها مع شركة "سبيس إكس" المملوكة لماسك، وتعكس هذه الجهود رؤية تسلا كشركة لا تقتصر على تصنيع السيارات، بل تسعى إلى تشكيل مستقبل النقل والطاقة والمساهمة في بناء عالم أكثر استدامة وابتكارا.