تراجعت حدة الاشتباكات في محافظتي
اللاذقية وطرطوس غربي
سوريا خلال الساعات الأخيرة، بعد يومين من معارك عنيفة شهدتها مناطق الساحل السوري بين مسلحين موالين للنظام البائد وقوات الجيش السوري.
ففي ساعات الفجر الأولى من السبت، هاجم مسلحون موالون للنظام مشفى ابن سينا ومرفأ اللاذقية، حيث أفادت مصادر أمنية بأن الهجوم انتهى باعتقال عدد من المهاجمين. وعموماً، شهدت المدينة هدوءاً نسبياً مع انتشار واسع لدوريات الأمن العام.
جبلة
وفي مدينة
جبلة، جنوبي اللاذقية، سلّم عدد من المسلحين الموالين للنظام المخلوع أنفسهم لقوات الأمن بعد اشتباكات عنيفة في المدينة، التي عانت من الفوضى وعمليات السرقة والنهب قبل وصول تعزيزات أمنية كبيرة ساعدت في استعادة السيطرة على الوضع.
ويعاني سكان المدينة من انقطاع المياه والكهرباء، وسط دعوات عاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية والأدوية. ونقلت صحيفة "الحرية" الرسمية عن مصدر في إدارة الأمن العام تأكيده مصادرة أكثر من 200 مركبة كانت قد سُرقت من قبل من وصفهم بـ"ضعاف النفوس واللصوص"، مشيراً إلى اعتقال عدد كبير من المشتبه بهم وإعادة المركبات إلى أصحابها.
وفي طريق جبلة - اللاذقية، شهد السبت اشتباكات متقطعة، بينما بدأت قوات الأمن بإغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل السوري وإعادة الأشخاص غير المكلفين بمهام عسكرية إلى منازلهم.
وكانت وكالة "سانا" الرسمية قد نقلت أمس الجمعة عن مصدر في وزارة الداخلية قوله إن "فلول النظام البائد قامت باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن، مما دفع حشوداً شعبية غير منظمة للتوجه إلى الساحل، ما أدى إلى بعض الانتهاكات الفردية"، مؤكداً أن الجهات الأمنية تعمل على وقف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري.
طرطوس
وفي محافظة
طرطوس الساحلية، هاجم مسلحون موالون للنظام المخلوع رتلاً عسكرياً للجيش السوري على طريق طرطوس - حمص، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى. كما شهد ريف مدينة بانياس اشتباكات متقطعة.
وأفاد مصدر أمني بأن وزارة الدفاع السورية وقوى الأمن العام ستشرع في المرحلة الثانية من عمليات ملاحقة فلول النظام السابق بعد تأمين مراكز المدن، مشيراً إلى أن الجيش تمكن من قتل ست مجموعات من مليشيا "درع الساحل 313" في جبال الساحل.
كما أكد مصدر بوزارة الدفاع لوكالة "سانا" السبت٬ "استعادة السيطرة على معظم المناطق التي عاثت فيها فلول النظام البائد فساداً وإجراماً؛ تعلن وزارة الدفاع بالتنسيق مع إدارة الأمن العام إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تدريجياً إلى المنطقة".
ومساء أمس الجمعة٬ أعلنت وزارة الدفاع السورية٬ إفشال هجوم شنته فلول النظام المخلوع على قيادة القوات البحرية في مدينة اللاذقية. وعلى مدار ثلاثة أيام، شهدت منطقة الساحل السوري حالة من التوتر الأمني إثر استهداف عناصر من النظام السابق لدوريات أمنية، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
مدن تتظاهر
وفي أمس الجمعة، خرج آلاف السوريين في مدينتي دمشق وحلب، في مظاهرات حاشدة لدعم الحكومة الجديدة. ورفع المتظاهرون الأعلام السورية، مرددين هتافات تطالب الحكومة باستخدام القوة ضد من وصفوهم بـ"المسؤولين عن زعزعة استقرار البلاد".
بالسويداء.. الهجري يطلب تدخلا دوليا
وفي رده على الحملة الأمنية الحكومية٬ أصدر شيخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا، حكمت سلمان الهجري، السبت، بيانًا دعا فيه إلى وقف العمليات العسكرية في الساحل السوري، معربًا عن رفضه لما وصفه بـ"القتل الممنهج".
وطالب الهجري في بيانه بـ"وقف إطلاق النار ووقف الاقتتال"، داعيًا "القيادات المختصة، وكل الجهات المحلية والدولية والأمم المتحدة إلى أخذ دورها في فض الاشتباكات ووقف القتل ونشر السلام بشكل فوري وعاجل".
وأكد الهجري في بيانه: "الساحل السوري يشتعل.. نرفض هذا القتل الممنهج.. ونطالب بوقف فوري لهذه العمليات العسكرية غير المبررة على المدنيين الأبرياء، والتي لا تجلب إلا المزيد من الدماء والاحتقان".
كما ناشد "الجميع بالاحتكام إلى القانون والأصول الدينية التي تمنع قتل الأبرياء والمدنيين"، مشيرًا إلى أن "المذنب يحاسب تحت مظلة القانون والقضاء والعدل، بعيدًا عن لغة العنف والانتقام".
وأضاف البيان: "نضع المسؤولية أمام الدول الضامنة لكل الأطراف، أن تتخذ إجراءاتها الفورية وبكل الوسائل لوقف هذه المأساة فورًا، دون تردد أو ازدواجية في المعايير".
من جهة أخرى، شهدت ساحة الكرامة في مدينة السويداء، الخميس الماضي، مظاهرة احتجاجية ضد الحكومة السورية، استجابة لدعوات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المتظاهرون عن رفضهم لما أطلقوا عليه "سياسات السلطة الجديدة".
العبدي: قسد ليس لها يد
كما نفى قائد ما يُعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، وجود أي أفراد من فلول نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في مناطق شمال وشرق سوريا. وأكد عبدي، في تصريحات نشرت مساء أمس الجمعة، أن الحل الوحيد للأزمة السورية يكمن في الحوار السوري-السوري، مشيرًا إلى اتفاقه مع دمشق على استبعاد الحل العسكري في التعامل مع جميع القضايا العالقة.
وأعلن قائد "قسد" عن تشكيل وفد من أهالي المنطقة لإجراء حوار مع دمشق حول مستقبل المنطقة والدولة السورية. وتسيطر قوات "قسد" على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى جزء من محافظة دير الزور (شرق).
من جهتها، دعت الإدارة السورية الجديدة "قوات سوريا الديمقراطية" إلى الاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع والجيش الوطني، مع رفضها أي شكل من أشكال الحكم الذاتي في المناطق الكردية.
الاحتلال الإسرائيلي ينتهز الفرصة
كما توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ليل أمس الجمعة - السبت في بلدة جملة الواقعة غربي محافظة درعا، حيث قامت بتنفيذ مداهمات استهدفت عدداً من المنازل في المنطقة، وذلك وسط حالة من الاستنفار الأمني.
ونقل موقع "تجمع أحرار حوران" الإخباري المحلي أن قوات الاحتلال فرضت طوقاً أمنياً حول أحد المنازل في البلدة، وطلبت من مالكه الحضور إلى الموقع، بينما كانت زوجته وأطفاله لا يزالون داخل المنزل. وبحسب مصادر محلية، اتصل جنود الاحتلال بمالك المنزل، مطالبين إياه بتسليم نفسه دون تقديم أي توضيحات حول الأسباب الكامنة وراء هذه المطالبة.
ويأتي هذا التوغل في إطار سلسلة من العمليات المماثلة التي شهدتها مناطق في الجنوب السوري خلال الفترة الأخيرة، وذلك في ظل تصاعد التوتر الأمني في المنطقة.
من جهته، علق وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الأمنية في سوريا ضد ما وصفه بفلول النظام المخلوع في منطقة الساحل، مؤكدًا أن بلاده لن تنسحب من المناطق التي احتلتها في الجنوب السوري، وذلك بحسب زعمه، "لحماية نفسها من أي تهديد" ومن تصاعد العنف في سوريا.
وأكد كاتس، في بيان نشره عبر منصة "إكس"، أن إسرائيل "ستحمي نفسها من أي تهديد قادم من سوريا"، مشددًا على أن "الجيش الإسرائيلي سيبقى في مناطق الأمن ومرتفعات جبل الشيخ، وسيواصل حماية مستوطنات الجولان والجليل".
وأضاف أن بلاده ستعمل على إبقاء جنوب سوريا خاليًا من الأسلحة والتهديدات، متعهدًا بـ"حماية السكان الدروز في المنطقة، ومن يمسّهم سيدفع الثمن"، على حد تعبيره.
وحذر كاتس من تصاعد العنف في سوريا، مدعيًا أن القوات الحكومية ترتكب "فظائع ضد المدنيين العلويين".
يذكر أنه في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تمكنت فصائل سورية من بسط سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاماً من حكم نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
وفي أعقاب ذلك، فتحت السلطات السورية مراكز للتسوية مع عناصر النظام المخلوع لتسليم أسلحتهم، حيث استجاب آلاف الجنود لهذه الدعوة، بينما رفض آخرون، خاصة في منطقة الساحل التي تُعد معقل كبار ضباط النظام السابق، واختاروا الهروب والاختباء في المناطق الجبلية، حيث ينصبون الكمائن للقوات الحكومية.