روى أسير فلسطيني محرر تفاصيل مروعة،
للانتهاكات التي مارسها أطباء
الاحتلال بحقه خلال فترة أسره، فضلا عن الإهمال
الطبي المتعمد.
وقال الأسير المحرر إياد أبو ناصر، الذي
اعتقل عام 2003، وأمضى 18 عاما في السجن، إنه عانى من آلام شديدة في البطن، في
أولى سنوات اعتقاله.
وعلى مدار سنوات
اعتقاله خضع الرجل لثلاث عمليات جراحية في البطن وهو مكبل اليدين والقدمين بأصفاد
حديدية وتحت حراسة مشددة.
وقال إن 3 سنوات، طويلة
من الألم، فصلت بين الجراحات، لكنّ عمليتين منهما فشلتا بسبب
الإهمال الطبي ومواصلة
التعذيب منذ لحظة زوال تأثير المخدر.
وفي العملية الثانية،
ترك أطباء الاحتلال، وفق ما يقوله أبو ناصر، كتلة خيوط بلاستيكية في بطنه ما سبب
له آلاما شديدة لا تحتمل على مدار أكثر من 3 سنوات.
وأفاد بأنه في تلك
السنوات الثلاث، اعتقد أن الموت سيكون أرحم من الآلام، التي تعرض لها جراء الإهمال
الطبي.
وقال أبو ناصر: "يعالجوننا علاجا يجعلنا بين البينين،
فلا أنت صحيح ولا مريض، فأنت تأخذ علاجا لكن تتعذب على البطيء".
وذكر أنه خضع لجراحاته
داخل غرف العمليات وهو مكبل اليدين والقدمين بأصفاد حديدية مثبتة بأطراف السرير،
بينما يقف إلى جانبه ضباط مدججون بأسلحتهم ومخصصون لحراسته وهو تحت تأثير المخدر.
ووصف أبو ناصر خضوع أي
إنسان لعملية جراحية وهو مكبل بالأصفاد بـ"الشيء الفظيع" الذي لا يمكن
أن ينساه طيلة سنوات حياته.
وبعد انتهاء الجراحة
وبدء الإفاقة، يسارع الضباط بربط الأغلال الحديدية مرة أخرى لإعادته إلى السجن
فورا في ظروف إنسانية قاسية تسببت في فشل عمليته الأولى التي أجراها عام 2005.
ويروي عن ذلك، قائلا
إن الجيش أعاده إلى السجن بسيارة غير مؤهلة لنقل مرضى وبسياقة عنيفة جدا، فما إن وصل
إلى قسم السجن حتى فشلت العملية.
واستمر صراعه مع
السجان والمرض لمدة عامين كاملين حتى تم إجراء عملية ثانية عام 2007.
وبعد العملية الثانية
تولد شعور لدى أبو ناصر بوجود كتلة غريبة في بطنه تُسبب له آلاما مبرحة، فبدلا من
أن تساهم العملية الثانية في التخفيف من آلامه حدث العكس وقد تضاعفت الأوجاع.
وقال أبو ناصر:
"قلت لهم مرارا إنني أتألم ويوجد جسم غريب في بطني".
وبسبب هذه الآلام التي
لم تلتفت لها مصلحة السجون، طلب أبو ناصر عام 2010 أن يقدموه "لمحكمة إعدام
لمرة واحدة"، كما يفيد.
وتابع: "كنت أريد
أن أموت لمرة واحدة.. فأنا كنت أموت كل يوم".
وفي اليوم التالي من
طلبه، فوجئ أبو ناصر بأن مصلحة السجون تصطحبه إلى قسم الجراحة بمستشفى السجن
لإجراء جراحة له بناء على طلبه.
واستكمل قائلا:
"ذهبت إلى هناك على مسؤوليتي الشخصية، ووقعت ورقة بذلك".
وبعد خضوعه للعملية
الثالثة، قال أبو ناصر إنه سأل الجراح عن المشكلة التي كانت في بطنه ليجيبه
الأخير: "كتلة من الخيوط البلاستيكية".
ليرد متسائلا:
"من وضعها؟"، فأجاب الجراح وكأن الأمر طبيعي ولا يسبب أي خطر:
"ربما تم نسيانها من العملية الماضية".
وبعد انتهاء العملية
شعر أبو ناصر بالتحسن تدريجيا بعدما تخلص من أثر الإهمال الطبي الذي لازمه لمدة 3
سنوات.
ويشير إلى أن الروايات
المتداولة عن قسم الجراحة بمستشفى السجن تفيد بأن الأطباء "يجرون عمليات
جراحية تجريبية، بمعنى أن الشباب الذين تخرجوا حديثا يجرون على أجساد
الأسرى
الفلسطينيين هذه العمليات".
وعن أوجه المعاناة
الأخرى داخل سجون الاحتلال، يقول المحرر الفلسطيني إن الأسرى يتعرضون لمعاملة سيئة
جدا على صعيد العلاج والطعام.
وخلال 18 عاما، عاش
مئات من عمليات التفتيش المباغتة للغرف التي كانت تجرى في أوقات يكون فيها الأسرى
نياما وتشرع وحدات القمع الإسرائيلية بتكبيل أيديهم وتجريدهم من الملابس، كما
يقول.
وأضاف: "يطلقون
الكلاب وقنابل الصوت والدخان داخل الغرف، وهذا كان يتكرر باستمرار داخل السجن".
ويشير إلى أنه التقى
منذ أيام بأسرى كان قد أمضى معهم سنوات طويلة وكانت أجسادهم رياضية قوية، لكن
أوزانهم أصبحت هزيلة والعظام بارزة في وجوههم وأجسادهم.
والسبت، قال المرصد
الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن الدفعات
الأربع من الاتفاق "بدا على معظمهم تدهور صحي حاد، مع فقدان كل منهم عشرات الكيلوغرامات
من أوزانهم جراء ما يبدو أنه تجويع متعمد".