بدأ نشطاء ومحامون تحركات للبحث عن
الثروات
الكبيرة التي يعتقد أن عائلة الرئيس المخلوع بشار
الأسد، جمعتها على مدى أكثر من نصف قرن من السيطرة على
سوريا.
وبينما يعاني ملايين
السوريين من الفقر والتشرد، يعتقد محامون ومعارضون أن الأسرة تمكنت من بناء
إمبراطورية اقتصادية في حسابات سرية وشركات وهمية، مستفيدة من الاتجار غير المشروع
في
المخدرات وغيرها، ما مكنها من جمع الأموال للعيش في ثراء فاحش.
وقالت صحيفة وول ستريت
جورنال، إن الأسرة وداعميها اشتروا عقارات في روسيا وفنادق في فيينا وطائرة خاصة في
دبي، من بين أصول أخرى، وذلك نقلا عن مسؤولين أمريكيين سابقين ومحامين ومنظمات
بحثية.
وبدأت أسرة الأسد بجمع الثروة بعد فترة وجيزة من تولي حافظ السلطة، وخلال العقود الماضية، استخدم
الأسد الأب والابن الأقارب لإخفاء هذه الثروة في الخارج.
وقال توبي كادمان،
محامي حقوق الإنسان، الذي حقق في أصول الأسد: "كانت الأسرة الحاكمة خبيرة في
العنف الإجرامي مثلما كانت خبيرة في الجرائم المالية".
في خضم السقوط المفاجئ
للنظام الحاكم في سوريا وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، اختفت معظم رؤوس أجهزة
المخابرات وتركت خلفها وثائق استخباراتية كثيرة كشفت معلومات حول سياسة النظام
الخارجية والداخلية، وبالتحديد في ما يخص وقوف الأسد خلف تفجيرات واغتيالات اتهم
بها الجماعات المرتبطة بالمعارضة السورية وقتها.
ولا يعرف على وجه
التحديد حجم ثروة عائلة الأسد، وكذلك الأشخاص الذين يتحكمون فيها، وكان تقرير صادر
عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2022 ذكر أنه من الصعب تحديد رقم محدد، مشيرا إلى أن بعض التقديرات "مفتوحة المصدر" ترجح أن تكون بين مليار إلى ملياري
دولار، "ولكنه تقدير غير دقيق لا تستطيع وزارة الخزانة الأمريكية التحقق منه
بشكل مستقل".
اظهار أخبار متعلقة
وأشارت الوزارة إلى أن
الأموال "تم الحصول عليها غالبا من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات،
خاصة الأمفيتامين والكبتاغون، وإعادة استثمارها جزئيا في ولايات قضائية خارج نطاق
القانون الدولي".
وتنشأ الصعوبة في
تقدير صافي ثروة الأسد وأفراد عائلته الممتدة من أنها "منتشرة ومخفية في
العديد من الحسابات ومحافظ العقارات والشركات والملاذات الضريبية الخارجية"،
وبعض الأصول في خارج سوريا تعود إلى أسماء مستعارة لإخفاء الملكية والتهرب من
العقوبات.
ووفقا لتقارير منظمات
غير حكومية، ووسائل الإعلام، فإن "عائلة الأسد تدير شركات وهمية وشركات واجهة
تعمل كأداة للنظام للوصول إلى الموارد المالية عبر هياكل شركات شرعية وكيانات غير
ربحية، وغسل الأموال المكتسبة من الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة، بما في ذلك
التهريب وتجارة الأسلحة والاتجار بالمخدرات وعمليات الحماية والابتزاز".
وحافظ آل الأسد على
علاقات وثيقة مع أكبر اللاعبين الاقتصاديين في سوريا، باستخدام شركاتهم لغسل
الأموال من الأنشطة غير المشروعة، وتحويل الأموال إلى النظام.
وتشير الوزارة إلى
سيطرة زوجة بشار، أسماء الأسد، في 2019 على جمعية البستان الخيرية التي تعود
ملكيتها لرامي مخلوف، ابن خال بشار. وتقدر الوزارة ثروة الأخير بما يتراوح بين 5 و10 مليارات دولار.
وفي عام 2021، ورد أن
مسؤولين في القصر الرئاسي، مقربين من أسماء، تم تعيينهم في مجلس إدارة شركة
"سيريتل"، أكبر شركة اتصالات في سوريا، التي كان مخلوف يمتلكها حتى
استولت عليها الحكومة في عام 2020.
وأشارت الوزارة إلى
ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، الذي شارك في عمليات تهريب للمخدرات، بما في ذلك
تهريب الأمفيتامين والكبتاغون، وجمع رسوما جمركية بطريقة غير مشروعة.
أما رفعت الأسد، عم
بشار، فقد ارتبط اسمه بغسل الأموال والاحتيال الضريبي واختلاس الأموال العامة،
ويعتقد أنه يمتلك ثروة تقدر بـ850 مليون دولار.
وأوردت الصحيفة أسماء
بعض هؤلاء، مثل بشار وأسماء ورامي مخلوف ورفعت الأسد وغيرهم.
وتوضح أن عائلة مخلوف
اشترت عقارات في دبي بقيمة 3.9 مليون دولار، وفقا لدراسة أجريت لمركز الدراسات
الدفاعية المتقدمة، مركز الأبحاث في واشنطن، الذي فحص بيانات للعقارات مقدمة من
مصادر سرية.
وقال رامي مخلوف في
طلب للحصول على الجنسية النمساوية، إن عائلة مخلوف اشترت أيضا فنادق بقيمة 20 مليون
يورو في فيينا.
ووفقا لتحقيق أجرته
مجموعة مكافحة الفساد "غلوبال ويتنس" عام 2019، فإن عائلة مخلوف تمتلك
أيضا عقارات بقيمة 40 مليون دولار تقريبا بناطحات سحاب فاخرة في موسكو.
ويليام بوردون،
المحامي الفرنسي الذي حقق في أصول الأسد، قال إن آل مخلوف كانوا يجنون المال نيابة
عن بشار لتمكين النظام وعائلته الحاكمة عند الحاجة. وأضاف: "آل مخلوف أمناء
سر آل الأسد".
وعلى إثر اندلاع
التظاهرات عام 2011، فإن فرصا جديدة خُلقت لعائلة الأسد، فقد تولى ماهر الأسد قيادة
الفرقة المدرعة الرابعة التي شاركت في تهريب الكبتاغون إلى دول الشرق الأوسط، وفقا
لوزارة الخارجية الأمريكية.
وساعدت عائدات
المخدرات، التي جناها النظام على مدى سنوات، في تعويض الخسائر الناتجة عن
العقوبات الاقتصادية الغربية، إذ إنها جلبت حوالي 2.4 مليار دولار في المتوسط سنويا بين
عامي 2020 و2022، وفقا لمرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، وهي منظمة بحثية تتعقب
تجارة الكبتاغون.