طرحت التطورات السريعة في
سوريا، وسقوط نظام بشار الأسد حليف إيران وفراره إلى روسيا، بعض التساؤلات حول تأثير ذلك على وضع ومستقبل جماعة الحوثيين في
اليمن؟
وفي الوقت الذي تثار التكهنات بشأن احتمالية استئناف العمليات القتالية ضد جماعة الحوثيين بعد فشل مساعي السلام، وفي سياق الحرب الموجه ضد المحور الإيراني باعتبار الجماعة واقعة ضمن هذا المحور، يرى متابعون للشأن اليمني أن الوضع في هذا البلد معقد، وليس من السهولة إسقاط الجماعة الحوثية التي تسيطر على صنعاء ومحافظات شمال وغرب اليمن، ولا يمكن مقارنته بالوضع السوري.
معركة خاطفة
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، أن هناك إعدادات وتفاهمات لإسقاط الحوثيين منذ فتحت المعركة مع حزب الله اللبناني، وكان الحوثي دوره بعد سوريا والعراق.
وقال الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21"، إن الخطوة القادمة ستعمل على ترتيب الوضع في العراق، ثم الانطلاق نحو اليمن، وقد بدأت المشاورات من فترة مع رؤساء القبائل والجيش اليمني، مؤكدا أن المعركة ستكون خاطفة لإدماج الحوثيين ضمن القوى المطلوبة للمرحلة القادمة، بعد أن يتخلصوا من قيادات الصف الأول داخل الجماعة".
الوضع صعب
من جانبه، قال الكاتب والصحفي اليمني، فهد سلطان، إن الوضع في اليمن صعب رغم تعقيداته، يختلف عن التجربة السورية بشكل ملحوظ.
وأضاف سلطان في حديثه لـ"عربي21"، أن "السعودية الممسك بملف البلاد تسعى جاهدة لفصل الحوثيين عن النفوذ الإيراني، وتراهن على الوقت لإقناعهم بإعادة ترتيب علاقاتهم".
وتابع :"لن تقبل السعودية باستمرار حكم الحوثيين كأمر واقع، لكنها في الوقت ذاته لن تلجأ إلى سيناريو تدخل عسكري شامل على غرار ما حدث في سوريا".
وأشار الكاتب اليمني إلى أن الرياض قد تلجأ لدعم انقلاب داخلي للإطاحة بقيادة الحوثيين حاليا إذا تعثرت جهودها الدبلوماسية.
وقال أيضا، إن الوضع الحالي في اليمن، رغم مأساويته، يوفر للسعودية والإمارات مكاسب استراتيجية، أبرزها "إبقاء اليمن منقسما وضعيفا، ما يمنع تشكيل تهديد مباشر على حدودها الجنوبية".
وأكد الصحفي سلطان على أن قدرة الشارع اليمني على تغيير الواقع قائمة في حال وجود إرادة جماعية حقيقية، مشيرا إلى أن جماعة الحوثي، رغم قوتها الظاهرة، ليست محصنة ضد الانهيار.
وبحسب الكاتب والصحفي اليمني، فإن تحرك ثلاث جبهات عسكرية بشكل متزامن ومدروس قد يؤدي إلى استعادة السيطرة على المحافظات المحتلة (الخاضعة لسيطرة الجماعة)، موضحا أنه في حال شعور الشعب بجدية التحركات نحو التحرير، ستشتعل انتفاضات واسعة في الداخل.
وأردف بأن التحديات تبقى كبيرة.. فالشرعية غير مستعدة بشكل كافٍ لأي تحرك، والجيش الوطني يعاني من ضعف في التسليح، في وقت أن القوات التي تمتلك القوة والسلاح، مثل "قوات طارق صالح، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي ( انفصالي)، وقوات العمالقة"، تتحرك في إطار تحالفات تخضع بشكل كبير لإرادة السعودية والإمارات، لافتا إلى أنها "قد لا تنخرط بشكل فعال في معركة وطنية شاملة".
جاهزون للسلام والحرب
من جهته، قال القيادي في جماعة الحوثيين، حسين العزي، إن جماعته تعمل للسلام وكأنه غدا، وتعمل للحرب وكأنها أبدا، والعالم وما يختار.
وأَضاف العزي عبر منصة "إكس" قبل أيام، أنه "لا شيء يوازي جاهزيتنا للسلام إلا جاهزيتنا للحرب".
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي المعترف بها دوليا، رشاد العليمي، قد بارك انتصار السوريين وسقوط نظام بشار الأسد.
وقال العليمي عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس": "باسمي وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة والشعب اليمني، نهنئ أبناء الشعب السوري العظيم بمناسبة عودة بلدهم الشقيق حرا إلى حاضنته العربية، وحضوره البناء في الأسرة الإقليمية والدولية".
واعتبر رئيس المجلس الرئاسي اليمني ما حدث في سوريا "لحظة تاريخية"، أكد فيها الشعب السوري على حقه في رفض الوصاية الإيرانية الأجنبية.
وأكد على أنه "حان الوقت ليرفع النظام الإيراني يده عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم، وصنع المستقبل الأفضل الذي يستحقونه جميعا"، في إشارة إلى الدعم الذي تقدمه طهران للحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وعدد من محافظات شمال ووسط البلاد.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق، وسيطرت عليها، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكام نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت معارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب، استطاعت الفصائل خلالها بسط سيطرتها على مدينة حلب ومحافظة إدلب، وفي الأيام التالية سيطرت على مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص، وأخيرا دمشق.