استعاد المخرج الفلسطيني نورس أبو صالح وفريق عمل فيلم "ليلة السقوط" ذكريات إنتاج الفيلم عام 2014، بعد تطابق بعض أحداثه مع المشاهد الأخيرة التي شهدتها
سوريا.
حمل الفيلم القصير الذي أنتج قبل 10 سنوات رؤية استشرافية عكست ما كُتب له أن يتحقق بعد عقد من الزمن.
في ذلك العام، بدأ أبو صالح بكتابة "ليلة السقوط"، وكان المشروع في بداياته يرتكز على مشهد محوري واحد يُجسّد "الانشقاق"، الذي شكّل في تلك المرحلة رمزًا لموجة الثورة السورية. إلا أن حصول الفيلم على تمويل من “التجمع الإسلامي لأجل سوريا” أتاح لأبو صالح وفريقه فترة ستة أشهر للعمل على تطوير النص، حيث تحوّل التركيز من مشهد واحد إلى توسيع الفكرة لتشمل الأحداث الكبرى التي غيرت مجرى الثورة.
ومع تتابع التطورات حينها، مثل الهجمات الكيميائية والمجازر، أصبح الفيلم محاولة لتوثيق المنعطفات الكبرى للثورة. النتيجة كانت فيلمًا دراميًا قصيرًا ركز على الليلة المفترضة لسقوط النظام السوري، مستعرضًا لحظة الفرح الثوري بسقوطه، مع استرجاع محطات الثورة الرئيسية منذ بدايتها وحتى ذلك المشهد الفاصل.
في حديثه لموقع “عربي21”، قال أبو صالح: "هكذا وُلد سيناريو ليلة السقوط، الذي حاولنا فيه استعراض الأحداث الكبرى وتخيّل اللحظة التي ينهار فيها النظام، رسمنا صورة درامية للحظة فرار
الأسد إلى جهة مجهولة، بينما يدخل الثوار
دمشق من عدة محاور، وخاصة من الجنوب".
وأضاف: "حرصنا على تقديم مشاهد تُحاكي تفاصيل دقيقة، مثل المعتقلين الذين يتحررون من السجون، واحتفالات الأطفال الذين عاشوا الثورة وهم صغار وكبروا ليشهدوا نهايتها".
ومن بين التفاصيل الإنسانية التي يتذكرها أبو صالح، قصة بطل الفيلم الذي كان طفلا في العاشرة من عمره عام 2014، وظهر في الفيلم يتخيل لحظة سقوط النظام. هذا الطفل أصبح شابا في العشرينيات اليوم ويعيش في تركيا، حيث التقى أبو صالح أثناء عرض الفيلم مؤخرا في جامعة صباح الدين زعيم، وناقشه حول العمل، في لحظة وصفها المخرج بأنها “التقاء الحلم بالواقع”.
وأشار أبو صالح إلى أن هذا التداخل بين السينما والواقع أضفى على الفيلم بُعدًا إنسانيًا عميقًا. “الفن أحيانًا لا يكتفي برصد الواقع، بل يسبقه أو يعبر عنه بطرق غير مباشرة”، كما أوضح.
ورغم مدته القصيرة التي لا تتجاوز 24 دقيقة، استطاع “ليلة السقوط” أن يلامس التوقعات ويرسم صورة لما حدث مؤخرًا، خاصة خلال الأسبوع الذي شهد انهيار النظام وصولاً بتوقع فرار الأسد لروسيا، لكن الفيلم لم يقتصر على توثيق الأحداث، بل ركز على الجانب الإنساني من الثورة، من معاناة الأطفال الذين عاشوا سنوات الحرب، إلى قصص المعتقلين الذين خرجوا إلى الحرية، وصولًا إلى الأمل بسوريا جديدة.
ويختتم أبو صالح حديثه قائلًا: “القصص الإنسانية التي تقف خلف الثورة هي ما نسعى لنقله. هذه القصص هي ما يجعل ليلة السقوط أكثر من مجرد فيلم. إنه شهادة حقيقية عن الحلم السوري”.
شارك في بطولة الفيلم مجموعة من الفنانين العرب، بينهم السوري عبد الحكيم قطيفان والأردني أحمد العمري، إلى جانب ممثلين آخرين من سوريا والوطن العربي، منهم الصحفيان السوريان نور حداد وعبيدة غضبان، ليجسدوا مشاهد حملت في طياتها توق الشعب السوري إلى الحرية والتحرر.