نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن
الاحتجاجات التي نظمتها
المعارضة في تبليسي، بعد قرار الحزب الحاكم
"الحلم الجورجي" تأجيل مسألة الاندماج الأوروبي حتى سنة 2028.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"
عربي21"، إن الاشتباكات مع أنصار المعارضة في شوارع العاصمة ليلة 29
تشرين الثاني/ نوفمبر أسفرت عن إصابة العشرات من رجال الأمن.
وتضيف الصحيفة أنه في مساء اليوم نفسه، تجمع
المتظاهرون مرة أخرى أمام مبنى البرلمان. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن المعارضة لا
تملك القوة الكافية لتكرار سيناريو الميدان الأوكراني.
المعارضة تواصل الاحتجاجات في تبليسي
اجتاحت الاضطرابات
جورجيا، بعد أن أعلن رئيس الوزراء
إيراكلي كوباخيدزه تجميد عملية الاندماج الأوروبي، الأمر الذي تعارضه المعارضة.
وفي حال كانت الاحتجاجات السابقة سلمية إلى حد ما، ففي ليلة 29 تشرين الثاني/
نوفمبر، استخدمت القوات الخاصة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، الذين قاموا بإشعال حاويات القمامة والإطارات، وألقوا قنابل دخانية وأشياء أخرى
على أفراد الشرطة. ووفقاً لوزارة الداخلية، نتيجة هذه الممارسات أصيب 32 شرطياً
واعتقل 43 متظاهراً. وفي مساء 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، خرج أنصار المعارضة مرة
أخرى في مظاهرة أمام مبنى البرلمان.
وفقاً لكوباخيدزه، كانت الاضطرابات نتيجة "عنف
منظم ومخطط مسبقاً من قبل المعارضة الراديكالية". وبالنظر إلى الوضع في
العاصمة، دعا قسم المصالح الروسية لدى السفارة السويسرية في جورجيا المواطنين
الروس إلى الامتناع عن التواجد في أماكن التجمعات الجماهيرية.
وتعيد الأحداث الجارية في تبليسي الأذهان إلى
الأحداث التي شهدتها كييف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. في ذلك الوقت، اتخذت
الحكومة الأوكرانية قرارًا مماثلًا بتعليق التحضير لتوقيع اتفاقية الشراكة بين
أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وهو ما تسبب في اندلاع احتجاجات واسعة النطاق وطويلة
الأمد من قبل المعارضة في الميدان، أدت في النهاية إلى انقلاب حكومي في
شباط/ فبراير 2014. ومع ذلك، يعتقد النائب السابق في البرلمان الجورجي بيتر
مامرادزه أن تكرار السيناريو الأوكراني في جورجيا أمر غير وارد.
وبحسب بيتر مامرادزه لا تملك المعارضة القوة الكافية
ولا أي إستراتيجية؛ حيث تتمثل إستراتيجيتهم الوحيدة في تنظيم الاحتجاجات فقط. لكن
أنصار الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي، المعروفين بمواقفهم المؤيدة للغرب
والذين يزعمون في الوقت الحالي أنهم ينقذون جورجيا، عددهم قليل جدا ويتلقون دعمًا
محدودًا من الشباب، مما يصعب عملية تنظيم احتجاجات جدية.
وينفي بيتر مامرادزه وجود مظاهرات شعبية واسعة
النطاق أو أي انقسام داخل الحزب الحاكم أو الهياكل الحكومية، مستبعدًا إمكانية
حدوث "ثورة ملونة" في جورجيا.
ولم تفلح المعارضة الجورجية، الممثلة بأربع أحزاب
برلمانية، من تقديم زعيم موحد. لذلك، كان للرئيسة سالوميه زورابيشفيلي دور خاص في
الاحتجاجات التي جرت في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر. بعد تصريح كوباخيدزه، اتهمت
زورابيشفيلي الحزب الحاكم "الحلم الجورجي" بتنفيذ انقلاب دستوري، ووصفت
نفسها بأنها الممثل الشرعي الوحيد للسلطة في البلاد. وصرحت بأنها التقت بالفعل
بسفراء دول
الاتحاد الأوروبي وطلبت منهم القيام بكل ما يلزم لإجراء انتخابات جديدة
في جورجيا.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين في معهد موسكو
للعلاقات الدولية نيكولاي سيلايف أن زورابيشفيلي تفتقر إلى أنصار خاصين بها. وبعد
انتخاب الرئيس الجديد، ستغادر بهدوء إلى فرنسا. بالنسبة للمعارضة، يصعب عليها
اختيار قائد لها. يكمن الفارق بين ما يحدث في جورجيا والأحداث في أوكرانيا هو أن
السلطات الأوكرانية في سنة 2013 كانت تتردد في إعطاء أوامر واضحة للشرطة، بينما
السلطات الجورجية الحالية لا تتردد في ذلك.
كيف يتفاعل الاتحاد الأوروبي مع الوضع في جورجيا؟
وبحسب سفير الاتحاد الأوروبي في جورجيا، بافيل
غيرشينسكي، ولد عدم اهتمام السلطات الجورجية بإتمام مسار الاندماج الأوروبي
"خيبة أمل شديدة". وفي رد على ذلك، اتهم حزب "الحلم الجورجي"
غيرشينسكي بنشر معلومات مضللة. وقالت إدارة الاتصالات التابعة للحزب في بيان لها: "في الواقع، أكدت السلطات الجورجية أنها ستراقب عن كثب تنفيذ اتفاق
الشراكة، وأنه بحلول عام 2028، سيتم تنفيذ 90 بالمئة من الاتفاق". وكان اتفاق
الشراكة بين جورجيا والاتحاد الأوروبي، الذي تم توقيعه في صيف 2014، قد منح العديد
من المزايا في التجارة مع الاتحاد الأوروبي.
ووعد كوباخيدزه باتخاذ جورجيا تدابير دبلوماسية في
حال لم يغير سفير الاتحاد الأوروبي خطابه ولم يتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية
للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، انتقد رئيس الوزراء الجورجي الاتحاد الأوروبي مرة أخرى
بسبب ما وصفه بالابتزاز، مشيرًا إلى أن ما يحدث حول جورجيا مرتبط مباشرة بمحاولات
الغرب لجر البلاد إلى الصراع في أوكرانيا منذ عام 2022.
من جانبها؛ لم تعلق بروكسل بشكل رسمي حتى الآن على
قرار السلطات الجورجية تعليق مسألة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي. وفقًا
لنيكولاي سيلايف، فإن المسؤولين الأوروبيين يفكرون حاليًا في كيفية الرد على هذا
القرار من أجل الحفاظ على ماء الوجه.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة بأنه في 28 تشرين
الثاني/ نوفمبر، اعتمد البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو بروكسل لفرض عقوبات على رئيس
وزراء جورجيا إيراكلي كوباخيدزه وكبار المسؤولين في حزب "الحلم الجورجي".