تسعى
مدينة
برشلونة، إحدى أكثر الوجهات السياحية شهرة في العالم، إلى إعادة النظر في
نموذجها السياحي بسبب تدفق الزوار المتزايد، والذي بات يشكل مصدر قلق متنامٍ
لسكانها.
وفقًا
لاستطلاع أجرته البلدية، تحتل
السياحة المرتبة الثالثة بين أكثر القضايا التي تشغل
سكان برشلونة، إلى جانب الزحام وارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تشكل السياحة نحو
13.5% من الناتج المحلي الإجمالي للمدينة، خاصة مع تدفق حوالي 170 ألف زائر يوميًا،
لكن هذا النمو السريع يثير استياء سكانها الذين يبلغ عددهم 1.6 مليون نسمة.
هذا
التوتر نابع من النمو غير المنضبط للسياحة بعد جائحة كوفيد-19، ما أدى إلى ظهور
دعوات شعبية متزايدة لمغادرة السياح المدينة، وقد شهدت الشهور الأخيرة تصاعدًا في
الاحتجاجات ضد النمو السياحي، بما في ذلك مظاهرات ضد تنظيم سباق كأس أمريكا
للمراكب الشراعية والنموذج الاقتصادي القائم على السياحة.
وإلى
جانب الازدحام والتلوث الصوتي، يواجه السكان مشاكل مرتبطة بارتفاع الإيجارات، حيث
ارتفعت بنسبة 68% خلال العقد الماضي، ويعاني سكان المناطق السكنية مثل باميلا باتيغامبي من ضوضاء الحفلات، واحتلت السياحة وحدات سكنية كانت مخصصة في الأصل للسكان
المحليين.
هذا الضغط دفع بعض السكان إلى مغادرة المدينة، ما يعزز الجدل حول
السياحة "غير المستدامة".
وسجلت
برشلونة في الأشهر الأخيرة ازديادا في الكتابات على جدران المدينة لدعوة
"السياح للعودة إلى ديارهم"، وفي المظاهرات المناهضة للسياحة المفرطة،
في ظل معدلات تدفق قياسية للزوار إلى المدينة، على غرار إسبانيا بأكملها، ثاني أهم
وجهة سياحية في العالم بعد فرنسا، مع 85.1 مليون زائر دولي العام الماضي.
وفي
محاولة لاحتواء
الأزمة، أعلن رئيس بلدية برشلونة جاومي كولبوني خططًا لإنهاء تأجير
الشقق للسياح بحلول عام 2028، وهو الإجراء الذى قد يؤثر على نحو 10 آلاف وحدة سكنية،
لكن أصحاب الشقق يرفضون هذه الخطوة، معتبرين إياها "مصادرة مقنعة"،
ويطالبون بتعويضات ضخمة.
من
جانبه، شدد نائب رئيس البلدية جوردي فالس على ضرورة تنويع الأنشطة الاقتصادية
لتقليل الاعتماد على السياحة. ومع ذلك، يعتقد خبراء مثل آنا توريس ديلغادو أن
الحلول يجب أن تركز على الجوانب الاجتماعية والبيئية، وليس فقط على المؤشرات
الاقتصادية.
في
الوقت الحالي، تعاني العديد من المتاجر التقليدية في المدينة، حيث أغلقت أبوابها
لصالح المطاعم ومحلات بيع الهدايا التذكارية. ويشعر السكان أن الحياة لم تعد كما
كانت، ويماثل وضع برشلونة مدنًا أخرى مثل أمستردام التي تواجه مشكلات مشابهة.