تشهد الأراضي السورية تصعيدا غير مسبوق بالغارات الإسرائيلية خلال الآونة الأخيرة، لا سيما على حي
المزة فيلات غربية الذي يعد واحدا من الأحياء الراقية بالعاصمة دمشق، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على الاستهدافات الإسرائيلية التي وقعت بأحياء توصف بأنها "راقية" في
سوريا.
ومنذ مطلع شهر تشرين الأول /أكتوبر الجاري، شن
الاحتلال الإسرائيلي 3 هجمات عنيفة على مبان سكنية في حي المزة المكتظ بالسكان، في إطار عملياته المتواصلة ضد المليشيات الإيرانية المتحالفة مع النظام السوري.
وأسفرت هذه الهجمات عن سقوط عدد من الشهداء في صفوف المدنيين وإصابة عشرات آخرين بجروح مختلفة، حسب منصات محلية.
كما أسفرت عن اغتيال شخصيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله، بما في ذلك حسن جعفر قصير، صهر حسن نصر الله، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي كذلك بغارة على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 أيلول /سبتمبر الماضي.
ومساء الثلاثاء، شن الاحتلال الإسرائيلي غارة عنيفة على بناية سكنية بحي المزة، ما أسفر عن استشهاد 8 أشخاص على الأقل وإصابة 14 آخرين بجروح مختلفة.
ووفقا لمنصات محلية، فإن من بين الشهداء الذين سقطوا إثر الغارة الإسرائيلية أكاديمي يمني و4 من أفراد عائلته، بالإضافة إلى سيدة سورية وطفلها، وطبيبة باختصاص أمراض الكلى بمديرية صحة دمشق، تدعى رهف قمحية، وتنحدر من محافظة
حمص.
وأظهرت لقطات مصورة من موقع الحادثة دمارا واسعا في الطوابق الثلاثة الأولى من المبنى السكني المستهدف، فضلا عن الدمار الذي لحق بعدد من المركبات المتوقفة بجانب البناء.
ويعد حي المزة من الأحياء التي توصف بـ"الراقية" بالعاصمة السورية، كما يتمتع بأهمية استراتيجية بسبب بعده عن مركز العاصمة وقربه من الطريق الدولي الواصل بين دمشق وبيروت، فضلا عن وجود السفارة الإيرانية فيه، حسب الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، نوار شعبان.
وأوضح شعبان في حديثه لـ"عربي21"، أنه سبق لهذا الحي أن كان في مرمى النيران الإسرائيلية حتى قبل السابع من تشرين الأول / أكتوبر عام 2023.
وتعرض حي المزة للقصف نحو سبع مرات قبل الهجمات الأخيرة في الشهر الحالي، وكانت الغارات الإسرائيلية تهدف لتصفية شخصيات تشكل "خطرا على الأمن الإسرائيلي"، وفقا لشعبان.
وأوضح الباحث أن العلة وراء الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للمزة لا تتعلق بالحي، بل بوجود المليشيات الإيرانية التي انتقلت إلى الأحياء الراقية بهدف الانخراط ببيئة مختلفة من المجتمع من أجل حماية نفسها.
وأشار إلى أن الغارات الإسرائيلية التي طالت حي المزة قبل السابع من أكتوبر كانت تجري "وفقا لاستراتيجية إسرائيلية كانت تتعلق باستهداف شخصيات يشكل تواجدها خطرا على الأمن الإسرائيلي".
لكن بعد السابع من أكتوبر، أصبح القصف الإسرائيلي "يستهدف شخصيات مرتبطة بالدعم اللوجستي والعسكري لحزب الله في لبنان"، وفقا لشعبان.
والمزة ليس الحي "الراقي" الوحيد الذي كان مسرحا للغارات الإسرائيلية المتصاعدة على الأراضي السورية، حيث سبق أن تعرضت أحياء أخرى سواء في العاصمة دمشق أم خارجها للقصف العنيف.
وفي مطلع شهر شباط /فبراير الماضي، استهدف الاحتلال الإسرائيلي حي "الحمرا" بحمص، الذي يعد أيضا من أرقى أحياء المحافظة الواقعة وسط سوريا، ما أسفر عن انهيار مبنى بشكل كامل.
وأسفرت الغارة حينها عن سقوط عدد من الشهداء في صفوف المدنيين بينهم سيدة وطفل، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ووفقا لشعبان، فإن الغارة الإسرائيلية على "الحمرا" استهدفت حينها اجتماعا متعلقا بنقل شحنة من الأسلحة، مشيرا إلى أن ذلك يأتي ضمن "سعي إسرائيل لاستهداف الشخصيات المرتبطة بالمليشيات الإيرانية، بغض النظر عن الأحياء الموجودة فيها".
وفي الشهر ذاته، تعرض حي كفرسوسة بالعاصمة دمشق إلى غارة إسرائيلية عنيفة، كانت هي الأولى من نوعها منذ عام 2019.
ويلفت شعبان إلى أن "المعهود سابقا هو تواجد المليشيات الإيرانية في أحياء مثل حي السيدة زينب جنوبي دمشق، لكن ذلك أصبح يعزز فرص استهدافه، الأمر الذي دفعها للانتقال إلى مثل الأحياء الراقية".
واللافت للانتباه هو تكرار الغارات الإسرائيلية على المواقع ذاتها التي سبق أن استهدفت فيها المليشيات الإيرانية، وهو الأمر الذي يعلله شعبان بارتباطه "بالاستراتيجية الإسرائيلية التي لا تستهدف هذه المواقع بهدف إزالة الوجود الإيراني منها، بل هي تقوم بعمليات ذات أهداف محددة تهدف إلى استهداف أهداف معينة لحظية".
ويؤكد أن "هذا سبب وراء استمرار وجود هذه المليشيات في هذه الأحياء على الرغم من استهدافها بشكل متكرر".
ويشن الاحتلال الإسرائيلي مئات الغارات الجوية على مواقع مختلفة في سوريا لقوات النظام وأهداف إيرانية وأخرى لحزب الله منذ عام 2011، الذي شهد بداية اندلاع الأزمة في البلاد جراء قمع النظام الوحشي للثورة الشعبية.
وتكثفت الضربات الإسرائيلية على الأراضي السورية منذ بدء العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.