ملفات وتقارير

آخرهم إسماعيل هنية.. رموز وعلماء احتضنت الدوحة جثامينهم (شاهد)

احتضنت الدوحة العديد من جنازات وجثامين الرموز والعلماء والقيادات- جيتي
شُيّع جثمان رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، إسماعيل هنية، عقب اغتياله في طهران بضربة نُسبت إلى الاحتلال الإسرائيلي، حيث جرت في العاصمة القطرية الدوحة، مراسم تشييعه، بعد صلاة الجمعة، من مسجد محمد بن عبد الوهاب، وهو الأكبر في قطر، ثم ووري الثرى في مقبرة الإمام المؤسّس، في لوسيل.

وأمّ عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، خليل الحية، آلاف المصلين في صلاة الجنازة على هنية وحارسه، والتي شهدت حضور الآلاف.

وفي السنوات الأخيرة احتضنت الدوحة العديد من جنازات وجثامين الرموز والعلماء والقيادات، فلم يكن جثمان القائد الشهيد أبي العبد إسماعيل هنية هو الأول.


أبو العبد هنية
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن اغتيال رئيس مكتبها السياسي، رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، إسماعيل هنية، في هجوم على العاصمة الإيرانية، طهران، الأربعاء الماضي.

وقالت حماس، عبر بيان لها: "تنعى حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم، وإلى الأمة العربية والإسلامية، وإلى كل أحرار العالم، الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد".


وإسماعيل عبد السلام أحمد هنية، المعروف فلسطينيا بكنية "أبو العبد"، ولد في 29 كانون الثاني/ يناير 1963، هو سياسي فلسطيني بارز ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ورئيس وزراء الحكومة الفلسطينية العاشرة.


وشغل هنية منصب رئيس وزراء فلسطين بعد فوز حركة حماس بأغلبية مطلقة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني خلال عام 2006.

ونشأ هنية في مخيم الشاطئ للاجئين، الذي لجأ إليه والداه من مدينة عسقلان عقب النكبة، وتلقى تعليمه في الجامعة الإسلامية في غزة، وفي عام 1987 تخرج منها بعد حصوله على إجازة في الأدب العربي، ثم حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية  في عام 2009.


العلامة القرضاوي
في السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2022 شهدت الدوحة موكبا جنائزيا مهيبا حين ووري الثرى جثمان المؤسّس والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة، الشيخ يوسف القرضاوي، في العاصمة القطرية، عن عمر ناهز 96 عاما.



وشارك وقتها في الصلاة على الدكتور القرضاوي، التي أقيمت في المسجد ذاته، وهو مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، المتواجد في الدوحة، الآلاف من المشيعين الذين توافدوا من أجل أداء واجبهم الأخير تجاه شيخهم الجليل، وذلك قبل أن ينقل الجثمان للدفن بمقابر مسيمير في ضواحي العاصمة القطرية.


اللاّفت في الأمر، أن جنازة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ورئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، إسماعيل هنية، شهدت رثاءً للشيخ القرضاوي، حيث قال إنه كان "علما من أعلام الأمة" وإنه "كرس حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية، وكان يتمنى رؤية تحرير القدس قبل وفاته".

وشارك في التشييع مسؤولون قطريون رفيعو المستوى، بينهم الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني، وهو نائب أمير البلاد، وممثّله الشخصي الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية خالد بن خليفة آل ثاني، ووزير الأوقاف غانم بن شاهين الغانم.

كذلك، شهد التّشييع مشاركة عدد كبير من العلماء والأكاديميين والشخصيات الإسلامية، منهم الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي القره داغي، وعلي أرباش، وهو رئيس الشؤون الدينية التركي، والأكاديمي التركي، ياسين أقطاي، والدّاعية طارق السويدان، وفق إعلام محلي.

وشهدت الجنازة، مشاركة قادة بارزين بحركة "حماس" الفلسطينية، على رأسهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ورئيسها في خارج فلسطين خالد مشعل.

العالم السوري مصطفى الصيرفي

في المقبرة ذاتها التي دفن فيها العلامة القرضاوي (مقابر مسيمير في ضواحي العاصمة القطرية) ووري الثرى الشيخ والداعية مصطفى الصيرفي في 26 آب/ أغسطس 2023 في العاصمة القطرية الدوحة بعد معاناة مع مرض السرطان، عن عمر ناهز 93 عاما.


ويعد الصيرفي عالما وخطيبا وداعية سوريًا، ولد بمدينة حماة سنة 1930 وتخرج في جامعة دمشق، بدأ العمل في الدعوة الإسلامية منذ المرحلة الإعدادية، وانتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وبسبب التضييق والمتابعة الأمنية غادر سوريا إلى الإمارات ثم إلى قطر.

عرف بدروسه وخطبه في المساجد في سوريا وقطر. وشغل عددا من المناصب في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما شارك في بعثات للاتحاد إلى عدة دول في مهام إصلاحية ودعوية.

تلقى الصيرفي تعليمه الشرعي عن طريق الدروس التي كان يحضرها عند علماء حماة، أمثال العالم الشيخ محمد الحامد، والشيخ محمد علي المراد، والشيخ منير لطفي، بالإضافة إلى تعليمه الجميع.

انضم الصيرفي إلى الحركة الإسلامية في سوريا وهو في الـ 15 من عمره، وكان التحاقه بالحركة على يد صديقه الدكتور عبد الكريم عثمان، الذي كان عضوا بجماعة الإخوان المسلمين.

وبعد سيطرة حزب البعث على السلطة في سوريا في الثامن من آذار/ مارس 1963، تعرّض الصيرفي لمضايقات من سلطات النظام السوري، فغادر إلى الإمارات عام 1964، بعد ما تُعرف بـ"أحداث جامع السلطان"، لكنه عاد إلى سوريا بعد ذلك، ثم غادرها إلى قطر واستقر فيها حتى وفاته عام 2023.

عباسي مدني أول زعيم في زمن العولمة

أدّى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يوم الـ25 من نسيان/ أبريل عام 2019، وعدد من المسؤولين والأعيان والشخصيات الرسمية والشعبية، صلاة الجنازة على مؤسس "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" الجزائرية، عباسي مدني، بالعاصمة القطرية الدوحة.

وشارك أمير قطر في صلاة الجنازة على مدني، الذي توفّي بعد صراع مع المرض في مستشفى بالعاصمة الدوحة إثر مرض عضال، في مسجد محمد بن عبد الوهاب، أكبر المساجد في العاصمة القطرية.


ونشأ مدني في محيط محافظ يهتم بالتعليم الديني، في مدينة سيدي عُقبة بولاية بسكرة جنوبي الجزائر، ثم التحق في بداية الخمسينيات بثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وبعد استقلال الجزائر عام 1962، اعترض مدني على التوجه الاشتراكي للحكم في الجزائر، واحتكار حزب جبهة التحرير الوطني للعمل السياسي بالبلاد.

وبقيَ بعد خروجه من البلاد رقماً مهمّاً في السياسة الجزائرية؛ نظراً إلى دور حزبه، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتيار الذي ينتمي إليه، في الأحداث التي شهدتها الجزائر منذ إقرار التعددية في نهاية الثمانينيات.

انخرط مدني في العمل السياسي إبان الاستعمار الفرنسي؛ حيث التحق بـ"الحركة الوطنية الجزائرية" سنة 1948، وانضم من أول يوم للثورة التحريرية مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، ضد الاستعمار الفرنسي وعمره حينذاك 23 سنة.


ألقي القبض عليه وأدخل السجن بعد 20 يوما من اندلاع الثورة، وتعرض مثل غيره من السجناء الجزائريين إلى أشد أنواع التعذيب، ولم يطلق سراحه إلا سنة 1962 بعد نيل الاستقلال.

يعد مدني من بين أبرز الوجوه السياسية التي صنعت جزائر التعددية خلال الفترة بين عامي 1988 و1992 وما أعقبها من أحداث عنف سميت بـ"العشرية السوداء"، فبعد عودته من بريطانيا عام 1978، باشر مدني نشاطه السياسي، داعيا إلى حكم "إسلامي" في البلاد؛ ما كلفه السجن في ثمانينيات القرن الماضي، خلال عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.

وخلال سنة 1988، أسّس مع قادة إسلاميين حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" للمطالبة بإصلاحات ولا سيما التعددية السياسية، ونظمت الجبهة، حتى قبل اعتمادها بشكل رسمي كحزب سياسي، عدة مسيرات بالعاصمة ومختلف محافظات الوطن.

قاد مدني، رفقة نائبه علي بلحاج، "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، إلى فوز ساحق في الانتخابات البلدية عام 1990، وبعدها التشريعية عام 1991.

وتدخل المجلس الأعلى للأمن، معلنا توقيف المسار الانتخابي، وتبع ذلك استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في 11 يناير/ كانون الثاني 1992، لتدخل البلاد دوامة عنف، خلفت 200 ألف قتيل وخسائر اقتصادية ناهزت الـ 30 مليار دولار، حسب إحصائيات رسمية.