نشر موقع "
ذي إنترسبت" تقريرا أعدّته ناتاشا ليونارد وبريم ثاكر، قالا فيه إن محرري مجلة "كولومبيا لو ريفيو" (مجلة كولومبيا للمراجعة القانونية) رفضوا حذف مقال عن فلسطين، ولهذا قام مجلس إدارتها بحجب كل الموقع الذي نشر المقال.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر اتخذت مجلة "هارفارد لو ريفيو" قرارا، بسحب مقال حرّرته بشكل كامل قبل نشره، مؤلفته محامية حقوق الإنسان ربيعة إغبارية، وكان المقال الأول لفلسطيني، ينشر في المجلة المعروفة وذات المكانة المتميزة.
وكما ذكر موقع "
ذي إنترسبت" في حينه، فقد تعرّض مقال إغبارية وهو محاولة لتأسيس
النكبة الفلسطينية كمفهوم رسمي قانوني وتوسيع مفهومه، لتدقيق غير عادي ورقابة في النهاية.
وعندما قرّرت هيئة النشر في هارفارد رفع مقالته وعدم نشرها، فقد قام محرّرون من جامعة نخبة "آيفي ليغ" أخرى بالطلب منه، وكتابة مقال جديد، وهو ما فعله إغبارية وأرسله بحسب طلب الطلاب المحررين لـ"كولومبيا لو ريفيو"، وبعد تلقي المقال قاموا بتحريره وإعداده للنشر. وبعد مرور ثمانية أشهر من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، ظل مقال إغبارية مجمّدا، وهذه المرة من مجلس إدارة "كولومبيا لو ريفيو".
وتم نشر المقالة لـ إغبارية في الساعات الأولى من صباح الاثنين، على موقع "كولومبيا لو ريفيو"، ورد مجلس إدارة المجلس بحجب كل الموقع عن الإنترنت.
وبحسب إغبارية، فإنه عمل مع المحررين في مجلة "كولومبيا لو ريفيو" وعلى مدى خمسة أشهر على النص المكون من 100 صفحة. ونقل عن الموقع قوله إن "محاولات إسكات باحث قانوني في النكبة وتعريضه لعملية غير عادية من التمييز لا تعكس فقط الاستثناء المنتشر للحرية الأكاديمية المتعلقة بفلسطين، بل هي شهادة عن ثقافة إنكار باعثة للأسى للنكبة".
وقال سبعة من المحرّرين الذين عملوا على المقال لـ"إنترسبت" إن مجلس إدارة المجلة ضغط على قيادة التحرير تأخير النشر أو عدم نشر المقال. وأكد عدد كبير من المحرّرين أن التعليقات التحريرية كانت واسعة وأن نص المقال وزع بشكل كبير على عدد من الناس وأكثر من أي مقال حضر للنشر في مجلة "كولومبيا لو ريفيو".
وبعد رد ورد فعل بين المجلس والمحررين، فقد خشي أعضاء المجلة الموكلين بمقال إغبارية من أن مسودته قد سرّبت ولهذا قاموا بعمل وقائي ونشروه على موقع المجلة في الإنترنت، صباح الاثنين 3 حزيران/ يونيو. وعندما رفض المحررون حذف المقال بناء على طلب من مجلس إدارة المجلة، فإنهم قاموا بحجب كامل للموقع. وفي بيان من المجلس أخبروا فيه "ذي إنترسيبت" عن قلقهم "من انحراف في المجلة عن الإجراءات العادية"، وقرروا حجب الموقع لمنح أعضاء مجلس المجلة فرصة لقراءة المقال وأنه لا يوجد قرار نهائي لنشره.
وقال المجلس، في بيانه: "لقد تحدثنا مع قيادة الطلاب لتأجيل النشر عدة أيام، على الأقل، ويمكن مشاركة النص مع المحررين الطلاب ومنحهم الفرصة للقراءة والرد، ومع ذلك، علمنا هذا الصباح أن النص أصبح منشورا. ومن أجل منح وقت للمجلة وتحديد كيفية التقدم، فقد قمنا بحجب الموقع مؤقتا".
وقالت كاثرين فرانكي: "لا أشك بأنهم كانوا سيقومون بتأكيد هذه السيطرة، لو كانت القطعة عن كشمير، التيبت، بورتوريكو أو أي مكان فيه خلاف سياسي".
و"عندما نشر أستاذ القانون في كولومبيا، هيربرت وسشلر، مقاله، الذي تساءل فيه عن مبرّرات براون ضد البورد التعليمي عام 1959، فإنه اعتبر كُفرا، ولكنه يعتبر الآن قانونا، وهذا هو ما يجب أن يكون عليه القانون وفي أحسن حالاته، دفعنا للتفكير بقوة حول الأمور الصعبة وحتى عندما يكون الأمر غير مريح".
ويعتبر مقال إغبارية توسيعا لجدال عن النكبة ومفهومها في القانون الدولي. فيما يسعى المقال لأن يؤسّس لإطار للنكبة، شبيه بذلك الذي تأسس للإبادة الجماعية والفصل العنصري، بعد الجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية ونظام البيض في جنوب أفريقيا.
وقالت مارغريت هاسيل، وهي المحررة السابقة في مجلة "كولومبيا لو ريفيو" وحتى شباط/ فبراير: "تملأ القطعة فجوة واضحة في الأدبيات القانونية والعقائدية والتاريخية والوضوح الأخلاقي. وأنا فخورة بالعمل، العناية والتفكير الذي قامت به إغبارية ومحرري المجلة من أجل هذه المقالة".
وتظل مجلة "كولومبيا لو ريفيو" مجلة غير ربحية منفصلة عن الجامعة لكنّ محرريها هم طلاب قانون في الجامعة وهي عرضة لمراقبة وإشراف كلية القانون. ويضم مجلس الإدارة أعضاء في الكلية وخريجين بارزين من مدرسة القانون. ومن بين أبرز أعضاء المجلس، أستاذة القانون بجامعة كولومبيا، غيليان ميتزغر، والتي تعمل في وزارة العدل كمستشارة قانونية. وكذا مستشار وزارة العدل القانوني البارز لويس يلين. إلا أن تدخل مجلس الإدارة في عمل محرري المجلة نادر.
وأكد كل المحررين في المجلة، أن مقالة إغبارية خضعت لمراجعة دقيقة وبمزيد من العناية خشية رد الفعل. وقالت إريكا لوبيز، المحررة بالمجلة ورئيسة التنوع والمساواة والشمول فيها: "أشعر بالغثيان مرة أخرى، أن هذا يحدث، سبعة أشهر بعد ما حصلت فضيحة هارفارد".
وقال المحررون الطلاب إن مجلس إدارة تحرير "كولومبيا لو ريفيو" اتصلوا في الأيام الأخيرة، وضغطوا على المحررين لتأجيل نشر المقالة.
وبحسب الطلاب، فقد اتصلت ميتزغر والمساعد السابق للمحامي العام للولايات المتحدة، جينجر أندريس، بالخريج السابق، الأحد، وطلبت مراجعة المقال أولا من 100 عضو في مجلس الإدارة. وقال أعضاء المجلس إنهم علموا عن عدم مرور المقال في الإجراءات المناسبة.
وقال الطلاّب المحررون الذين نقل عنهم الموقع إنه لم يطلب منهم أبدا توزيع مقالة على كامل أعضاء مجلس الإدارة، ولا يعرفون كيف وصل لعلم المجلس نص المقال.
وقال جيمي جينكنز الذي ساعد في تحضير المقالة: "ما قمنا به له سوابق للإجراءات التي قمنا بها في السابق، إلا أن توزيع المقالة على كل أعضاء مجلس الإدارة، غير مسبوق. فيما اقترحت لوبيز فحص المقالة عن فلسطين في سياق حقوق الإنسان وأتذكر البحث في موقع "كولومبيا لو ريفيو" في تشرين الأول/ أكتوبر ولم أعثر إلا على كلمة واحدة لفلسطين في كامل الموقع، ولكن في هامش عام 2015".
وتابع: "كما هو الحال مع هارفارد، فإن مقال إغبارية كان الأول الذي يكتبه فلسطيني في "كولومبيا لو ريفيو". وشاركت غالبية محرري المجلة من الطلاب لنشر مقال عن فلسطين- إسرائيل وبنسبة 23-0". وقامت لجنة تطوعية من 11 محررا للعمل واختيار ثم رعاية مقالة إغبارية.
وفي الغالب ما يتم اختيار المقالات عشوائيا من اللجنة المكلفة، إلا أنه في حالة إغبارية فقد تم توخي الحذر نظرا للمخاطر التي تحيط بالموضوع. وانتهى الأمر بـ30 محررا للعمل على المقالة خلال عملية إعدادها. وقال جينكنز: "كل قطعة تذهب للنشر تمر بعملية تدقيق عالية ولا تصدق، ولدينا معايير نشر عالية".
ومنحت مقالة إغبارية تدقيقا إضافيا، ولكنها مرّت كما يقول "بنفس خطوات الإنتاج". ويشير الموقع إلى أن المقال كان سينشر في الشهر الماضي، لولا تدخل ميتزغر وأندريس اللذين طلبا إرسال مقال إغبارية وليس المقالات الأخرى المعدة للنشر وهو ما فعلوه. وبعد ذلك تابع المحررون الأمر مع مجلس الإدارة وأخبروهم بأن لديهم سببا حقيقيا في أن المقال سرب خارج أعضاء مجلس الإدارة. وأخبرهم عدد من أعضاء المجلس بأنهم يتحدثون مع أساتذتهم ومشرفيهم حول المقال، وطلب من محررين الاستقالة من التحرير.
وردا على التسريبات فقد قرّر المحررون نشر
المقال في الساعة الثانية والنصف من صباح 3 حزيران/ يونيو. وبعد النشر طلبت إدارة المجلة حذف كل عدد أيار/ مايو وعندما رفض الطلاب فإنه حجب كامل موقع المجلة.
وقال رشيد خالدي، وهو عضو لجنة أطروحة إغبارية في جامعة هارفارد إن كاتب المقال "يقدم تحليلا أصيلا وذكيا لعدد من الملامح القانونية الإسرائيلية والتي أعتقد أنه يجب أن يرحب بها أي شخص منفتح في مهنة القانون". فيما يقول إغبارية: "ما نحن بحاجة إليه هو الاعتراف بالنكبة من خلال إطارها المستقل الذي يتقاطع ويتداخل مع الإبادة الجماعية والأبرتايد".