تشهد محال الحلويات في سوريا ركوداً كبيراً، وسط شكاوى من السكّان من ارتفاع الأسعار قبل عيد الفطر، ما يدفع بالكثير من العائلات إلى العزوف عن شراء هذا الصنف المعتاد في الأعياد.
وأحجمت غالبية الأسر، وفق شهادات لـ"عربي21" من مدينة حلب عن صناعة بعض أصناف الحلويات في المنزل بسبب غلاء المستلزمات، وخاصة الأصناف التي تدخل المكسرات في إعدادها، بحيث وصل سعر كيلو الفستق الحلبي إلى نحو 600 ألف ليرة سورية، وكيلو الجوز إلى قرابة 150 ألف ليرة سورية.
وتقول ربة المنزل أم علاء التي تقيم في حلب، إنها ستكتفي بصناعة كمية قليلة من الكعك والبيتي فور، مؤكدة لـ"عربي21" أنها حصلت على سلة غذائية تحتوي على الطحين والزيت.
وأضافت: "لو لم نحصل على السلة الإغاثية، لكنت غير قادرة على إعداد شيء، لأن أولوياتنا شراء الملابس للأطفال، والطعام".
وبحسبة بسيطة بيّنت أم علاء أن إعداد كمية قليلة من الكعك البيتي فور يكلّف أكثر من 150 ألف ليرة سورية، وقالت: "يعني بدك تقريباً راتب شهري لإعداد أصناف بسيطة، ومع هيك بدنا نفرح أطفالنا بالعيد، وبدون حلويات الفرحة ناقصة".
وتتقاطع شهادة أم علاء مع معطيات نشرتها وسائل إعلام موالية للنظام، أكّدت ارتفاع المواد اللازمة لصناعة الحلويات إلى أكثر من الضعف هذا العام مقارنة بالعام الماضي.
وذكر موقع "بزنس 2 بزنس" أن كيلو السكر ارتفع من 7000 ليرة إلى 15 ألف ليرة، وكيلو السمنة الحيواني ارتفع من 55 ألف ليرة إلى 290 ألف ليرة وكيلو الطحين ارتفع من 6500 ليرة إلى 8500 ليرة، وكيلو عجوة التمر ارتفع من 20 ألف ليرة إلى 35 ألف ليرة سورية، مؤكداً أنه "وفقاً للأسعار الحالية لمواد صناعة حلويات العيد، فإن الكثير من الأسر السورية سوف تكون عاجزة عن صناعة هذه الحلويات".
وتصل أسعار بعض الحلويات الفاخرة مثل المبرومة والبقلاوة إلى نصف مليون ليرة سورية للكيلو، ما يعادل راتب أكثر من شهرين للموظف الحكومي، الأمر الذي جعل من مستهلكي هذه الأصناف قلة، وحتى الحلويات الشعبية ارتفعت أسعارها إلى ما بين 100 -150 ألف ليرة سورية.
الأسواق.. حركة بدون جدوى
وفي شمال البلاد، يقول عبدو حمادة الذي يعمل في صناعة الحلويات إن الأسواق قبل العيد تبدو مزدحمة، لكن بدون إقبال على الشراء.
ويضيف أن حركة الشراء في مدينة أعزاز منخفضة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ويقول: "الوضع أصعب، وكل سنة أصعب من السنة الماضية".
وعن أسعار الحلويات يوضح حمادة أن أسعار الحلويات الفاخرة تتجاوز 700 ليرة تركية للكيلو، في حين تباع الأصناف الشعبية المصنعة من الفستق السوداني بـ 150 ليرة للكيلو.
وعلى حد تأكيده لـ"عربي21"، يعود سبب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسعار المواد التي تدخل في صناعة الحلويات مثل السكر، والغاز، ويختم حديثه: "كان الله في عون العباد، الغالبية مهتمة بتدبير الطبخة".
ويقول وزير المالية والاقتصاد في "الحكومة المؤقتة"، عبد الحكيم المصري، إن المنظمات الدولية تقدر نسبة الفقر بسوريا عند 90 في المئة، ففي مناطق سيطرة النظام متوسط الرواتب عند 25 دولارا أمريكيا، والنظام يتخلى تدريجيا عن دعم المواد الأساسية.
ويضيف لـ"عربي21" أن انخفاض سعر الليرة السورية أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهذا ما قاد إلى عدم تناسب الأسعار مع مستويات الدخل، مبيناً أن "الأسعار في مناطق سيطرة النظام ترتفع بشكل متواصل نتيجة قلة المعروض على خلفية صعوبات الاستيراد".
الحوالات
وعلى حد تأكيد المصري، فإن غالبية السكان بمناطق سيطرة النظام يعتمدون على الحوالات المالية (المساعدات) التي تصلهم من ذويهم في الخارج وخاصة في الأعياد والمواسم، مستدركاً: "لكن مع ذلك فإن الحوالات غير قادرة على التكفل بمعيشة الأهالي، والحلول هي بيع ما تبقى من مدخرات لتأمين المعيشة".
أما في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، يوضّح الوزير أن مستوى الدخل أعلى من مناطق سيطرة النظام، غير أنه "مع ذلك لا يكفي لسد احتياجات الأسر، نتيجة الغلاء والبطالة واكتظاظ المنطقة بالسكان، وعدم استقرار سعر صرف الليرة التركية".
ولا حلول وفق المصري إلا بزيادة المشاريع الإنتاجية والاستثمارية، وهذا ما يتطلب دخول الأموال من الخارج.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي، خيرو العبود، إن حركة الأسواق في كل سوريا ضعيفة، نتيجة الفقر، وبالتالي هذا ما يجبر التجار والباعة على استهداف شرائح معينة من الأثرياء وغيرهم، وهذا ما يفسر وجود أصناف مرتفعة الثمن، رغم قلة الطلب.
ويتابع العبود لـ"عربي21"، بأن الشريحة الواسعة من السوريين ليست مبالية بارتفاع أسعار الحلويات والألبسة وغيرها من مستلزمات العيد، لأن الأولوية للطعام، متسائلاً: "هل يستطيع الموظف الذي يتقاضى شهريا نحو 2000 ليرة تركية شراء كيلو حلويات بـ1000 ليرة تركية؟".