وقع
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرسوم الرئاسي بشأن انضمام
السويد إلى حلف شمال الأطلسي
"
الناتو" ووافق على البروتوكول ذي الصلة.
وقالت رئاسة دائرة الاتصال التركية في تدوينة على منصة "إكس"، إن
"رئيسنا السيد رجب طيب أردوغان قرر نشر القانون الذي اعتمده البرلمان التركي بشأن
انضمام السويد إلى الحلف، ووقع القرار الرئاسي بشأن بروتوكول انضمام السويد إلى الحلف
ووافق على البروتوكول ذي الصلة".
ونشرت
الجريدة الرسمية التركية البروتوكول الذي وافق عليه أردوغان، لتكون بذلك الخطوة الفنية
الأخيرة في مسار مصادقة
تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
موافقة
برلمانية
وتأتي
موافقة الرئيس التركي على القرار، بعد أن صادق البرلمان على مشروع القانون حول إبرام
بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي"الناتو".
وأجري التصويت داخل البرلمان، وحظي البروتوكول على موافقة نواب حزب العدالة والتنمية، وحزب
الحركة القومية، ونواب حزب الشعب الجمهوري المعارض، ونواب آخرين، فيما رفضه نواب
"الحزب الجيد" وحزب السعادة وحزب "ديم الكردي"، وتمت المصادقة على
مشروع القانون بعد حصوله على تأييد 287 نائبا من أصل 346، في حين رفضه 55 نائبا، وامتنع
عن التصويت 4 نواب.
وتظهر
نتائج التصويت أن القرار تم بموافقة الأغلبية، ويرى الباحث في مركز القارات الثلاث
أحمد الحسن في تصريحاته لـ"عربي21" أن "المعارضين للقرار هم الكتل
الصغيرة من الأحزاب، وهذه الأحزاب مواقفها فقط لإظهار التباين الداخلي، لأن أهم حزب
يمكن له عرقلة الاتفاق، هو الحركة القومية وقد وقف خلف القرار ودعمه بسبب نجاح تركيا
في تحقيق تفاهمات أمنية مهمة مع السويد والولايات المتحدة على هامش الاتفاقات المعلنة؛
شملت تقديم أسماء وإحداثيات لمطلوبين ضمن لوائح "الإرهاب" التركية من حزب
العمال الكردستاني، وكذلك دعم تركيا في عمليات الاستهداف لعناصر الحزب في سوريا والعراق
وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا على عمق تجاوز الـ60 كم، وهذه صفقة أمنية مهمة من وجهة
نظر الحركة القومية ما ساهم في دعم القرار".
مخاض
عسير
مر انضمام
السويد إلى حلف شمال الأطلسي بمراحل عديدة، بدأت مع ترشحها مع فنلندا إلى عضوية الحلف
"ناتو" في عام 2022، وتوقيع مذكرة ثلاثية صيف العام نفسه مع تركيا لتنفيذ
بعض المطالب التركية، ومنها حظر بعض الأحزاب والجماعات المحظورة بتركيا في الدولتين،
وتسليم مطلوبين ومحكومين منها، وتم تشكيل آلية لمتابعة تطبيق هذه الاتفاقيات.
وفي
الوقت الذي سار فيه مسار انضمام فنلندا بشكل سلس وتكلل بالموافقة عليه من قبل تركيا،
في نيسان/ أبريل الماضي، فقد شهد انضمام السويد مخاضا طويلا.
وفي
كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، شهدت السويد تظاهرات لأنصار حزب العمال الكردستاني
في ستوكهولم، وسمحت السلطات السويدية لزعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي
اليميني المتطرف، راسموس بالودان، بإحراق نسخة من القرآن قرب السفارة التركية في ستوكهولم،
وسط حماية مشددة من الشرطة وقد استفز ذلك الحكومة التركية.
وعلى
خلفية ذلك، قامت أنقرة بسلسلة إجراءات تمثلت في إلغاء زيارة رئيس البرلمان السويدي إلى
أنقرة، ولاحقا إلغاء زيارة وزير الدفاع السويدي، وإلغاء اجتماع آلية التنسيق الثلاثية
التي تجمع تركيا والسويد وفنلندا لانضمام الأخيرتين إلى "الناتو".
وفاجأ
الرئيس أردوغان حلفاءه في "الناتو"، قبل قمة الحلف في ليتوانيا في تموز/
يوليو الماضي، بوضعه شرطا جديدا تمثل في فتح الباب أمام تركيا للانضمام إلى الاتحاد
الأوروبي، مقابل فتح أنقرة الباب لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
لكن
خلال القمة في ليتوانيا، اتفقت تركيا والسويد و"الناتو" على أن تحيل الحكومة
التركية بروتوكول انضمام السويد إلى الحلف إلى البرلمان، مقابل دعم السويد لتركيا في
مرحلة انضمامها للاتحاد الأوروبي، والاعتراف بالمنظمات المحظورة في تركيا على أنها
"منظمات إرهابية".
وفي
تصريحاته لـ"عربي21" يرى الباحث أحمد الحسن أن "الموافقة على القرار تعني
خروج تركيا والسويد من المفاوضات الطويلة هذه على مبدأ الكل رابح، حيث حصلت السويد
على موافقة تركيا بدون تكلفة سياسية عالية اقتصرت على قانون مكافحة الإرهاب الجديد
الذي تم إقراره العام الماضي، وكذلك رفع قرار منع الأسلحة إلى تركيا".
وأضاف
الحسن أن "تركيا حصلت على أهدافها المتعلقة بإزالة قرارات المنع الهولندية والأوروبية
عن الأسلحة، وكذلك موافقة كندا على إعادة المحادثات بخصوص تجهيزات المسيرات التركية،
إضافة إلى موافقة الولايات المتحدة على صفقة طائرات "إف 16" إلى تركيا، وهذه
المكاسب لحزب العدالة في التوقيت الانتخابي الحالي تعتبر مفيدة للداخل وللدور التركي
الإقليمي أيضا".
ويشير
الحسن إلى أن "تركيا تعتبر أن أهم هدف للاتفاق هو بقاؤها كدولة رئيسية في حلف
"الناتو"، وتوسيع دورها، وإمكانية تمثيل تركيا الحلف في الملفات الإقليمية
ونزاعات المنطقة، إضافة إلى إحباط مشروع بعض الدول الأوروبية الذي كان يستهدف إخراج
تركيا من دائرة الناتو والتأثير في الحلف".
ترحيب
أمريكي وغربي بقرار تركيا
ورحب
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بقرار الموافقة على انضمام السويد إلى حلف شمال
الأطلسي "الناتو".
وقال
بلينكن عبر حسابه في منصة "إكس": "نرحب بموافقة الرئيس التركي أردوغان
على بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي"، مشيرا إلى أن بلاده "تنتظر
بفارغ الصبر وصول الوثائق المتعلقة بانضمام السويد للناتو، إلى واشنطن، وأن تصبح السويد
العضو الثاني والثلاثين في الحلف".
من جانبه
أعرب أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، عن شكره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان
على القرار الرئاسي بشأن بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وذكر
ستولتنبرغ أنه سعيد بمصادقة البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو، وقال:
"أود أيضا أن أشكر الرئيس رجب طيب أردوغان على توقيعه السريع".
صفقة
مرتقبة لطائرات "إف 16"
وفي
ذات السياق أعربت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن تطلعها للعمل مع
الكونغرس بشأن بيع الجيل الجديد من طائرات "إف
16"الحربية
إلى تركيا.
ووصف
المتحدث باسم الوزارة باتريك رايدر، تركيا بالحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في
إطار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، موضحا أن بلاده تريد مواصلة تعاونها مع
تركيا لضمان امتلاك جيشها قدرات متطورة باعتبارها حليفا مهما في "الناتو".
وذكرت
وكالة التعاون الأمني والدفاعي الأمريكية، أن وزارة الخارجية أرسلت الإخطار الرسمي
إلى الكونغرس بالموافقة على بيع 40 مقاتلة "إف 16 بلوك 70" إلى تركيا، و79
مجموعة تحديث لطائرات "إف 16" مضيفة أن قيمة الصفقة المحتملة مع تركيا تقارب الـ23 مليار دولارا.
مكاسب
متنوعة لأنقرة
وعن
تأثير انضمام السويد إلى الحلف يقول الباحث أحمد الحسن لـ"عربي21": "الهدف
الرئيسي من توسعة حلف شمال الأطلسي هو اتخاذ الاحتياطات لمنع روسيا من التوسع باتجاه
دول أخرى في "الناتو" بعد حربها على أوكرانيا، وانتقال الحرب من المواجهة
غير المباشرة مع "الناتو" إلى المواجهة المباشرة في حال قررت توسعة رقعة
المواجهات، كما أن هذا التوجه يعزز موقف الولايات المتحدة لإبقاء "الناتو"
كمشروع فاعل بعد أن حاولت فرنسا وبعض الدول الأوروبية التنصل من التزاماتها وإنهاء
الحلف".
ومع
موافقة تركيا على انضمام السويد "للناتو" فإنها تواصل حربها على حزب العمال الكردستاني
و"قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا والعراق، والتي تصنفها أنقرة على قوائم
الإرهاب، وفي هذا الشأن يضيف الحسن أن نتائج موافقة تركيا بدأت تظهر بشكل واضح مع غياب
أي موقف أمريكي أو أوروبي من العمليات الجوية، التي تنفذها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني
وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حيث تشتكي "قسد" حاليا من وجود
تفاهمات غير معلنة بين السويد والولايات المتحدة لدعم الموقف التركي ضدها، وتصفية المطلوبين
عبر عمليات جوية تركية دون الحاجة إلى نشاط عسكري موسع، كما أن التضييق على منظمات
قريبة لـ"قسد" سيكون جزءا من خطوات العمل القادمة على مراحل أيضا.