للمرة
الثانية عشرة منذ 30 عاما، يستخدم
الاحتلال الإسرائيلي أموال المقاصة الفلسطينية
كورقة ابتزاز لتحقيق أهداف سياسية أمام الفلسطينيين، الذين يواجهون أزمة مالية
واقتصادية كبيرة، وفق تقرير الأناضول.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن الاحتلال عن تحويل أموال المقاصة "منقوصة" إلى الجانب
الفلسطيني، بعد خصم مبلغ 270 مليون شيكل (73 مليون دولار)، تمثل مخصصات كانت تحول
شهريا إلى قطاع غزة.
ورفضت
السلطة الفلسطينية تسلم المبلغ منقوصا، الأمر الذي أدخلها في أزمة مالية عميقة،
دفعها إلى تعليق صرف أجور موظفيها العموميين، قبل أن تقوم البنوك العاملة في
فلسطين، بإقراض الحكومة جزءا من فاتورة الأجور.
ويتوزع
المبلغ المقتطع، بين 170 مليون شيكل (46 مليون دولار) تمثل فاتورة أجور الموظفين
العموميين التابعين للسلطة الفلسطينية في غزة، ومبلغ 100 مليون شيكل (27 مليون
دولار)، كانت تحول شهريا لتوفير الوقود اللازم لتوليد الكهرباء.
واليوم
صادق مجلس الوزراء
الكابينت، خلال اجتماعه، الأحد، على قرار تحويل أموال الضرائب
المقاصة للسلطة الفلسطينية عن طريق النرويج بعد اقتطاع الحصة المخصصة لقطاع غزة.
ما هي
أموال المقاصة؟
أموال
المقاصة، هي مجموعة الضرائب والجمارك المفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب
الفلسطيني، سواء من الاحتلال أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية (البرية
والبحرية والجوية).
ولا تسيطر
السلطة الفلسطينية على أي معبر من الخارج، فجميعها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية،
باستثناء معبر رفح الذي كانت تسيطر عليه حركة حماس من الجانب الفلسطيني.
يبلغ
متوسط أموال المقاصة شهريا، قرابة الـ950 مليون شيكل (256.7 مليون دولار)، لكن ما كان
يصل إلى الجانب الفلسطيني قبل الحرب على غزة، يبلغ متوسطه 750 مليون شيكل (203 ملايين
دولار).
بينما
المبلغ المتبقي البالغ 150 مليون شيكل (40.5 مليون دولار)، تقتطعه "إسرائيل" مقابل
ديون على الفلسطينيين لشركات الكهرباء والمياه، وبعض الغرامات، وأقساط ديون
إسرائيلية على السلطة الفلسطينية.
ويتألف
المبلغ المقتطع، من مبلغ مساو لمخصصات الأسرى في السجون الإسرائيلية، التي تقدمها
الحكومة الفلسطينية لهم بشكل شهري، إذ تقتطع "إسرائيل" مبلغ 60 مليون شيكل شهريا
(16.2 مليون دولار) يعادل ما تقدمه السلطة الفلسطينية للأسرى.
وتمثل
أموال المقاصة، ما نسبته 65% من مجمل دخل الحكومة الفلسطينية، وبدونها لن تكون
قادرة على توفير أجور الموظفين، ولا الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مؤسساتها
الحكومية.
أما النسبة المتبقية البالغة 35% من مجمل دخل الحكومة، فتأتي من طريقين؛ الأولى
جبايات ضريبية محلية في الضفة الغربية، والثانية منح خارجية بمتوسط سنوي لا يتجاوز الـ300 مليون دولار.
ما علاقة "إسرائيل" بالمقاصة؟
وفق
بروتوكول باريس الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو الموقع عام 1994 بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، تقوم وزارة المالية الإسرائيلية بجباية أموال المقاصة على
المعابر الحدودية.
ومقابل
هذه الجباية، تحصل "إسرائيل" على 3% من إجمالي أموال المقاصة المقتطعة، والتي تصل
قيمتها السنوية، إلى نحو 380 مليون شيكل (102 مليون دولار).
وفي
الأسبوع الأول من كل شهر، تحول "إسرائيل" أموال المقاصة إلى الجانب الفلسطيني، عبر
حوالة مالية بنكية، بالقيمة النهائية بعد كل الخصومات.
قبل أزمة
المقاصة، كانت الحكومة الفلسطينية تصرف رواتب منقوصة لموظفيها البالغ عددهم 145
ألف موظف، وذلك منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بسبب تراجع قيمة الدخل المالي.
بينما
اليوم، ومع أزمة المقاصة، فإن القطاع المصرفي الفلسطيني، أصبح الممول الأبرز
لفاتورة الأجور للموظفين الحكوميين، وهو ما أضاف أعباء على البنوك بسبب ارتفاع
نسبة الإقراض الحكومي.