سياسة عربية

لماذا ضربت أمريكا حركة "النجباء" دون غيرها من فصائل "المقاومة العراقية"؟

ولفت إلى أن زعيم الحركة، أكرم الكعبي، يَعتبر نفسه "وجه المقاومة" المسلحة للوجود الأمريكي هناك - حساب الكعبي في إكس

أفاد تقرير في معهد واشنطن للدراسات، بأن الولايات المتحدة وجهت الضربة إلى حركة النجباء، التي تعد جزءا من المقاومة العراقية، لأنها الأكثر استهدافا للقواعد الأمريكية مقارنة مع الكتائب والفصائل الأخرى، إلى جانب دور القيادي "أبي تقوى" في تعزيز النفوذ الإيراني في العراق.

وقال المعهد في مقال كتبه مايكل نايتس، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، إن "كوادر (حزب الله النجباء)، هم  الأكثر تهورا بين المليشيات المتحالفة مع إيران في العراق".

وأشار إلى أن الحركة "كانت السبب المباشر لجميع الضربات الأمريكية تقريبا ضد هذه المليشيات منذ تشرين الأول/ أكتوبر".


ويوم 4 كانون الثاني/ يناير 2024، نفذت أمريكا غارة جوية استهدفت سيارة نائب قائد عمليات فوج بغداد بالحشد الشعبي، مشتاق طالب السعيدي المعروف بـ "أبي تقوى"، أدت إلى مقتله إلى جانب ثلاثة آخرين كانوا برفقته، وذلك أثناء عودتهم من الحدود العراقية السورية إلى مقر الحشد شرق بغداد.

ووقعت العملية في بغداد بعد ساعاتٍ من الاحتفال بذكرى قيام الولايات المتحدة باغتيال اللّواء الإيراني قاسم سليماني وزعيم الحشد الشعبي العراقي أبي مهدي المهندس في 3 كانون الثاني/ يناير 2020.

وذكر التقرير أن "حركة حزب الله النجباء"، هي "المليشيا الأكثر عدوانية من بين المليشيات المناهضة للولايات المتحدة والمدعومة من إيران في العراق".

ولفت إلى أن زعيم الحركة، أكرم الكعبي، يَعتبر نفسه "وجه المقاومة" المسلحة للوجود الأمريكي هناك. وتحظى الحركة بإشادة من "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني الذي كان يقوده سليماني.


وقد رفع الفيلق الإيراني من شأن الكعبي مراراً وتكراراً في المناسبات العامة، بينما تعامل معه علنا مسؤولون روس رفيعو المستوى في موسكو، وفقا للتقرير.

وتصنف الولايات المتحدة الجماعات المسلحة الأخرى في العراق إلى جانب "النجباء"، مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء"، على لائحة الإرهاب، لكن الكعبي يختلف عنها، لكون حركته "لم تشكل حزبا سياسيا"، كما بقية الجماعات التي دخلت السلطة.

ورأى التقرير أنه "وفقا لتصريحات الحركة وأفعالها، فليس لديها الكثير لتخسره من إثارة غضب الولايات المتحدة والاحتلال"، مضيفا أن "المليشيات العراقية الأخرى تتوخى الحيطة والحذر، لا سيما (عصائب أهل الحق) وقائديها قيس وليث الخزعلي، اللذين سخرت منهما (حركة حزب الله النجباء) علنا ووصفتهما بالجبناء لعدم مهاجمتهما القوات الأمريكية".

واستند التقرير على سلسلة تقديرات "الأضواء الكاشفة للمليشيات"، مبينة أن حركة "النجباء" مسؤولة عن معظم الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا شمال الفرات (كونيكو والعمر والشدادي وخراب الجير/الرميلان وتل بيدر والمالكية)، فضلاً عن الهجمات على المواقع الأمريكية في "كردستان العراق" (أربيل وحرير).


ومنذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر، بدأت "المقاومة الإسلامية في العراق" موجة ضرباتها الأخيرة رداً على العدوان الإسرائيلي على غزة.

وذكر التقرير أن حركة النجباء "نفذت ما لا يقل عن 95 من إجمالي 136 هجوما ضد القوات الأمريكية (69%)".

وتابع: "في حين أن الجماعات الإرهابية المناهضة علنا للولايات المتحدة، مثل (كتائب حزب الله)، اكتفت بتقديم الحد الأدنى فقط من الدعم لحركة حماس ومحور المقاومة، إلّا أن النجباء بذلت كل ما في وسعها على هذا الصعيد"، بحسب التقرير.

أيضاً، تُعتبر أعمال "النجباء" السبب المباشر لإجراء ست جولات من إجراءات الضرب الأمريكية المستهدفة، التي تم تنفيذها ردا على هجمات المليشيات منذ 27 تشرين الأول/ أكتوبر.

في هذه الحالات الست، قام عناصر "حركة حزب الله النجباء" إما بإطلاق وابل طائش من الصواريخ غير الموجهة، حيث نجا الأفراد الأمريكيون منها بأعجوبة، أو بشن هجمات دقيقة تسببت عمدا في وقوع إصابات.


وجاء في التقرير: "على سبيل المثال، أسفرت غارة بطائرة مسيّرة في 25 كانون الأول/ ديسمبر في أربيل عن إصابة أحد أفراد الخدمة الأمريكية بجروح خطيرة. وتتسق هذه الأفعال مع نهج "حركة حزب الله النجباء" الذي اتّخذ في السابق، حيث أسفر هجوم مماثل في آذار/ مارس 2023 بواسطة طائرة مسيّرة متقدمة في "خراب الجير"/الرميلان عن مقتل أمريكي واحد".

من ناحية أخرى، قال التقرير إن "كتائب حزب الله" كانت السبب المباشر وراء ضربة أمريكية واحدة فقط، وذلك خلال عملية نُفذت في 20 كانون الأول/ ديسمبر بعد إطلاق المليشيا صاروخين من طراز "الأقصى 1" على "قاعدة عين الأسد الجوية".

ورغم أن هذه الصواريخ تم استخدامها من قبل "كتائب حزب الله" في ضربات سابقة، إلا أن الضربة الأمريكية كانت استجابة "احتياطية" أو استباقية بهدف تحذير الجماعة كي توقف هجماتها، وكانت رسالة تم فهمها بسرعة من قبل "كتائب حزب الله"، وفقا لمعهد واشنطن للدراسات.


وحول ضربة بغداد، ذكر التقرير أن القيادي في النجباء، مشتاق طالب السعيدي (المعروف أيضاً باسم أبي تقوى السعيدي)، معاون قائد "عمليات حزام بغداد" في "الحشد الشعبي"، وقد أدى دورا في "اللواء 12" من "قوات الحشد الشعبي" الذي تديره "حركة حزب الله النجباء".

وأضافت أنه "كان يُعرف بتوزيعه لأسلحة تقليدية إيرانية متطورة (طائرات مسيّرة وصواريخ) تم تخزينها في مناطق أحزمة بغداد".

إلى جانب "أبي تقوى"، اغتيل في ذات الضربة مساعده علي نايف (عرف بأبي سجاد)، إضافة إلى أن تقارير تؤكد مقتل نائب رئيس الاستخبارات في "الحشد الشعبي" أبي امتحان الحلفي بذات الضربة.

ويشير التقرير إلى أن اغتيال شخصية في حركة النجباء بعد تعقبها، يعني أن الولايات المتحدة "ترسل إشارة قوية توضح فيها استعدادها للذهاب إلى أبعد من ذلك".

ويرى كاتب التقرير نايتس، أن "حركة النجباء تستحق بشكلٍ ملحٍ هذا النوع من الاستهداف المميت أكثر من أي جماعة أخرى، على الأقل استنادا إلى نشاطها الأخير".


ورجّح التقرير أن "يكون لدى الجهات الفاعلة الأخرى في المليشيات ردود فعل متباينة: فهي تشعر بالغيرة إلى حدٍ ما من سجل الحركة وقربها من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لذلك فقد يؤدي كبح جماح حركة حزب الله النجباء إلى إسعاد بعض هذه الجهات بصمتٍ، ولكنها قد تشعر أيضاً بالغيرة من الدعاية المحتملة التي ستكتسبها الحركة بفضل شهدائها البارزين".

وخلص التقرير إلى أنه "يتعين على حركة النجباء الآن اتخاذ قرار مهم: إما أن تتبع غريزتها الطبيعية وتصعّد عملياتها، أو أن تحوّل هذه العمليات إلى هجمات رمزية واضحة تتجنب فيها وقوع إصابات من أجل وقف التصعيد مع الولايات المتحدة".