نشر موقع "
تسارغراد" الروسي تقريرا تحدث فيه عن تحذير موسكو من إمكانية قطع العلاقات مع
الولايات المتحدة في حال تمت
مصادرة أصولها المالية ونقلها إلى كييف.
ونقل الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، عن العالم السياسي أندريه بيرلا، قوله إن هذا السيناريو يهدد أوروبا بأزمة اقتصادية واسعة النطاق مماثلة للكساد الكبير في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي.
وذكر الموقع أن وزارة الخارجية الروسية أشارت إلى أن مصادرة الأصول الروسية المجمدة يليها تصعيد عسكري قد يؤدي إلى انهيار العلاقات بين
روسيا والولايات المتحدة.
وبحسب نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، فإن روسيا مستعدة لأي سيناريو ولا ينبغي للولايات المتحدة تعليق آمال على تمسك موسكو بهذه العلاقات الدبلوماسية بكل قوتها.
وأكد ريابكوف أن موسكو لا تسعى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، إذ تلعب روسيا والولايات المتحدة دورا رئيسيا في الحفاظ على الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي.
ووفقا لما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد أجرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مفاوضات عاجلة مع حلفائها الأوروبيين بشأن تحويل الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي إلى أوكرانيا في شكل مساعدة مالية.
ولجعل الأمر يبدو قانونيا، اقترح الأمريكيون تسمية دول
الاتحاد الأوروبي التي قدمت المساعدة العسكرية لكييف باعتبارها "ضحايا الصراع".
وتعليقا على ذلك، حذر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف من أنه في حالة مصادرة الأصول الروسية في أوروبا، فستتخذ روسيا إجراءات مماثلة، موضحا أنه "إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار، فسوف يتبع ذلك استجابة متماثلة تماما من روسيا، التي لديها ما يكفي من الأصول المجمدة وهي عبارة عن التزامات بشأن الأوراق المالية وأرباح الأسهم".
وبالنظر إلى أن الهيكل الكامل للاقتصاد الدولي والتبادل الاقتصادي قد تم بناؤه على وضع هذه الأصول في البنوك الأوروبية، فإنها تُطرح العديد من الأسئلة حول ما سيحدث بعد ذلك.
تحذير روسي
بحسب أندريه بيرلا، تلتزم الدبلوماسية الروسية بقواعد الدولة الروسية في ما يتعلق بالعلاقات بين الدول، وفي مواقف مشابهة للعلاقات مع الولايات المتحدة، تقدم في البداية تلميحا مهذبا ثم تحذيرا بعبارات مبسطة للغاية.
وأضاف بيرلا: "لسبب ما قرر الغرب وضع القواعد التي تخدم مصالحه في الوقت الراهن. لكن لروسيا وجهة نظرها الخاصة بشأن ما يحدث وهي مختلفة عنه".
الولايات المتحدة تمارس لعبة خطيرة
وأوضح بيرلا أنه كان هناك نظام في العالم لفترة طويلة، حيث احتفظت جميع البلدان بما في ذلك روسيا بجزء كبير من أصولها في التزامات ديون البلدان التي تصدر العملات الاحتياطية، أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكانت روسيا جزءا مهما من هذا النظام الاقتصادي الدولي. وحسب بيرلا فإن الدول تتخذ قرارها بتوظيف أصولها في الخارج، انطلاقا من ضرورة تشغيل الأموال حتى لا تنخفض قيمتها، ولهذا اختارت البنك الأكثر موثوقية في العالم.
وتابع: "يدرك الجميع أنه إذا كانت الدولة التي يقع فيها هذا البنك الموثوق تريد الاستيلاء على هذه الأموال، فإنه يمكنها القيام بذلك من الناحية الفنية لكنها ستفقد ثقة المجتمع الدولي برمته وكل من أودع أمواله في بنوكها وليس فقط الدول الأخرى بل أيضًا الأفراد والشركات".
وفقا لبيرلا، "كانت هناك عدة حالات جمدت خلالها أصول الدول شاركت روسيا في التصويت خلالها، وعليه، فقد اتفقت روسيا مع التحالف الدولي الذي أسقط نظام صدام حسين في العراق، ودعمت العقوبات ضد إيران، ونتيجة لذلك، جُمّدت أصول إيران".
لكن عند التصويت على فرض عقوبات على ليبيا فقد امتنعت روسيا عن التصويت وبذلك أضفت الشرعية على ما حدث هناك بعد ذلك.
وأورد الموقع أنه عند بدء العملية العسكرية الروسية كان تجميد الأصول الروسية غير قانوني بالأساس، لأنه لم يكن هناك أي تصويت ولو غير رسمي على هذا القرار من قبل المجتمع الدولي.
وذكر بيرلا، أن "قبول المجتمع الأوروبي اقتراح بايدن بالاستيلاء على الأصول الروسية ونقلها إلى أوكرانيا، يُهدد بعواقب وخيمة ليس فقط على روسيا بل أيضا على جميع الدول الأخرى المشاركة في هذا الأمر".
وذكر بيرلا أنه سيكون لروسيا الحق الكامل في اتخاذ تدابير مماثلة للاستيلاء على كل ما تمتلكه الدول الأوروبية على أراضيها، ما ينذر بتدمير الاقتصاد الأوروبي باعتباره اقتصادًا قويًا يمكن أن يكون منافسًا للولايات المتحدة والصين، وحتى روسيا.
هل يريد بايدن أن يترك أوروبا في نعاله؟
وأوضح الموقع أن دول الشرق الأوسط بدأت بسحب الذهب من البنوك الأوروبية وسارت على خطاها العديد من دول أمريكا اللاتينية.
وفي حال قرر الاتحاد الأوروبي سحب الـ210 مليارات دولار التي تتم مناقشتها اليوم، فسوف يترتب عن ذلك خسارته تريليونات الدولارات وسوف تنهار البنوك وتبدأ أزمة اقتصادية واسعة النطاق.
ويعتقد بيرلا أن بايدن يريد عمدا إسقاط الاقتصاد الأوروبي وذلك عبر تدفق أموال الشركات الوطنية من أوروبا إلى الولايات المتحدة، وهو يرى أنه يمكن لروسيا معاقبة الأوروبيين لكن لا يمكنها معاقبة الولايات المتحدة، لأنه لا علاقة لها بها رسميًا وستضطر فقط إلى قطع العلاقات معها.