ملفات وتقارير

ما وراء تعيين الأسد نائب وزير خارجيته سفيراً في السعودية؟

الأسد عيّن نائب وزير الخارجية أيمن سوسان سفيراً لنظامه في الرياض
حظي تعيين النظام السوري أول سفير له في المملكة العربية السعودية منذ قطع العلاقات قبل أكثر من 11 عاماً، باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام، وخاصة لجهة اختيار النظام نائب وزير خارجيته لهذا المنصب.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد عيّن نائب وزير الخارجية أيمن سوسان سفيراً لنظامه في الرياض، وبعد ذلك أعلنت سفارة النظام، عن استئناف أعمالها القنصلية.

وأضافت أنها ستبدأ في تقديم الخدمات القنصلية للمواطنين السوريين اعتباراً من 17 كانون الثاني/يناير، مؤكدة أن مراجعة السفارة متاحة عبر المواعيد المسبقة من خلال الحجز على الموقع الإلكتروني.

ولم تعلن السعودية بعد عن تعيين سفير لها لدى النظام السوري، غير أن مراقبين رجحوا أن تعلن الرياض قريباً عن تسمية سفيرها في دمشق، وخاصة أن خطوة النظام تزامنت مع الزيارة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية، ليبدو أن كل ما يجري هو بدفع روسي.

لماذا اختار النظام نائب وزير خارجيته؟
وحول أسباب اختيار النظام لسوسان الذي كان مرشحاً لشغل منصب وزير خارجية النظام سابقاً، يقول الدبلوماسي السوري السابق بشار الحاج علي،  إن ذلك يأتي في إطار رغبة النظام بإرسال رسائل "إيجابية" على أهمية عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، وأنه يسعى لرفعها لأعلى المستويات.

ويضيف لـ"عربي21" بأن تعيين نائب وزير خارجية في منصب سفير يعطي انطباعاً بذلك، وخاصة بعد "برود" مسار التطبيع العربي مع النظام السوري الذي انطلق رسمياً بعد حضور بشار الأسد في القمة العربية في جدة في أيار/مايو الماضي.

وتابع الحاج بأن الأسد يحاول أن يعيد الزخم لهذا المسار من خلال هذه الخطوة، بعد حضوره الباهت في القمة العربية والإسلامية بشأن غرة التي عقدت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بالرياض.

وفي السياق ذاته، يقلل الدبلوماسي السوري من تأثيرات تسلم سوسان للمنصب على مسار التطبيع، بقوله إن "كل من يعمل في وزارة خارجية النظام هم مجرد أدوات تنفيذية للدور المطلوب المرسوم من قبل الأسد وأجهزته الأمنية".


وسوسان من مواليد العاصمة دمشق وحاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية، وشغل منصب سفير سوريا في بلجيكا والاتحاد الأوروبي حتى عام 2012، وشغل منصب معاون وزير الخارجية والمغتربين منذ عام 2014.

تخفيف الاحتقان
أما الكاتب والمحلل السياسي المهتم بالشأن السعودي درويش خليفة، فيقول إن النظام السوري يعتبر التقارب مع المملكة السعودية هدفاً رئيسياً في طور العودة للمنظومة العربية، وهو ما يتطلب سفيرا يمتلك الباع الكبير في العلاقات الدولية والدبلوماسية وهو ما يتقنه سوسان، على حد تأكيده.

ويعتقد خلال حديثه لـ"عربي21" بأن تعيين سوسان جاء بنصيحة من قبل الروس، لتقريب وجهات نظر النظام مع الجانب السعودي من جانب، ولتخفيف الاحتقان والتشنج بين سوسان ووزير خارجية النظام فيصل المقداد على إدارة الوزارة، من جانب آخر.

من جانب آخر، وبحسب خليفة، يمكن قراءة الاستعجال في خطوة النظام، على أنها في إطار التحسب لاشتعال الحرب في لبنان، بعد تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه ضربات واسعة ضد لبنان، ويوضح أن "اشتعال الحرب في لبنان يمكن أن يعرقل حركة السوريين بالانتقال إلى بيروت ثم الوصول عبر مطارها إلى المطارات السعودية".

أما المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام السوري، عمر رحمون، فيؤكد أن سوسان يتمتع بخبرة دبلوماسية واسعة، وأنه ليس له أي حالة صدام مع المسؤولين العرب، ويضيف لـ"عربي21": "كانت مشاركة سوسان بالقمة العربية مشاركة إيجابية وتصريحاته تجاه العرب تصريحات تقرب، وهو يملك كاريزما لا يملكها غيره تؤهله ليكون سفيراً لدى المملكة".

وكانت السعودية قد قطعت علاقتها مع النظام السوري منذ بداية اندلاع الثورة السورية في العام 2011، لكن منذ مطلع العام 2023 بدأ الموقف السعودي يتغير تدريجياً، وتَوضح ذلك على وجه التحديد بعد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط/فبراير الماضي، حيث أعلنت الرياض عن إرسال طائرات محملة بمساعدات إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلنت السعودية والنظام السوري عن استئناف البعثات الدبلوماسية، وبعدها كان للسعودية الدور الأبرز في إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، لكن يبدو لمراقبين أن مسار التطبيع العربي مع النظام لم يُستكمل بسبب عدم موافقة النظام السوري على بعض الخطوات المطلوبة منه، مثل تفعيل المسار السياسي للحل، والتعاون في مجال مكافحة المخدرات.