صحافة دولية

WP: شكوك أمريكية بتحقيق أهداف الهجوم الأوكراني المضاد هذا العام

بدأت القوات الأوكرانية الهجوم المضاد منتصف حزيران/يونيو الماضي- الأناضول
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعده جون هدسون وأليكس هورتون حول الهجوم الأوكراني المضاد ومدى فاعليته بتحقيق أهدافه.

وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21”, أن المخابرات الأمريكية لا تعتقد أن القوات الأوكرانية ستحقق أهداف الهجوم المضاد، فمثلا لن تستيطع القوات الوصول إلى مدينة ميلتوبول، التي تعتبر مركز عبور مهم للروس. بسبب حقول الألغام.

وهذا التقييم بحسب خبراء نقلت عنهم الصحيفة يعني، "فشل القوات الأوكرانية بتحقيق واحد من أهم الأهداف للعملية المضادة وهي تخريب الجسر البري الذي يقود إلى شبه جزيرة القرم، في حملة هذا العام".

وأرجعت الصحيفة ذلك الفشل إلى خبرة الروس القاسية في الدفاع عن المناطق المحتلة عبر حقول الألغام والخنادق.

وبحسب الصحيفة فإن فشل الهجوم المضاد سيقود إلى جملة اتهامات في كييف والعواصم الغربية حول الأسباب خصوصا أن الدول الغربية ضخت مليارات الدولارات والأسلحة والمعدات لدعم الهجوم. 

وأضافت الصحيفة، أن القوات الأوكرانية التي تحاول التقدم باتجاه مدينة ميلتوبول من بلدة روبوتين التي  تبعد 50 ميلا ستظل في مكانها على بعد عدة أميال من المدينة حسب المسؤولين الأمريكيين.

ولم يكشف المسؤولون الأمريكيون والغربيون عن هويتهم نظرا لعدم السماح لهم بمناقشة معلومات حساسة، فيما رفض مكتب مدير الإستخبارات القومية التعليق، بحسب واشنطن بوست.

وتعتبر مدينة ميلتوبول مهمة للهجوم المضاد كونها تمثل بوابة شبه جزيرة القرم، حيث تقع المدينة على تقاطع طريقين سريعين وسكة حديد تسمح للقوات الروسية بتحريك الجنود والمعدات من شبه الجزيرة إلى المناطق المحتلة الأخرى في جنوب أوكرانيا. 

وبدأت القوات الأوكرانية الحملة المضادة في حزيران/يونيو الماضي على أمل تكرار ما حققته من نجاح خلال 2022 في منطقة خاركيف.

وتكبدت القوات الأوكرانية في الأسبوع الأول من الهجوم خسائر فادحة ضد الدفاعات الروسية القوية، رغم ما لديها من معدات جديدة مثل دبابات لييورد2 وعربات برادلي وعربات متخصصة في تنظيف حقول الألغام، وفق واشنطن بوست.

واعتبر مسؤولون غربيون الخسائر الأوكرانية ثمنا لإحداث خرق في الخطوط الدفاعية الروسية وفق الصحيفة.

وأشارت واشنطن بوست إلى أن أوكرانيا اختارت منع الخسائر وحولت تكتيكاتها نحو الوحدات الصغيرة للدفع أماما على عدة جبهات، وهو ما قاد لتحقيق الأوكرانيين تقدما بطيئا في جيوب على مختلف الجبهات إذ خصصت كييف في الفترة الأخيرة وحدات احتياط جديدة للجبهة بمن فيها وحدات سترايكر وتشالنجر، لكنها لم تخترق بعد الدفاعات الروسية وفق الصحيفة الأمريكية.


وتابعت الصحيفة أن الطريق إلى ميلتوبول يعتبر صعبا جدا، وحتى السيطرة على المدن القريبة مثل توكماك سيكون صعبا، وفقا لحديث روب لي، المحلل العسكري في معهد أبحاث السياسة الخارجية للصحيفة.

وأضاف لي، "لدى روسيا ثلاثة خطوط دفاع رئيسية ومدنا محصنة بعدها، كما أن السؤال لا يتعلق بقدرة الأوكرانيين على اختراق واحد، أو اثنين منها ولكن عليهم اختراق الثلاثة ويكون لديهم قوات كافية بعد حرب الإستنزاف لتحقيق أمر مهم مثل السيطرة على توكماك أو أي شيء بعدها".

وتقول الصحيفة إن النظرة القاتمة التي أحيط بها بعض الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن، قادت إلى موجة لوم خلف الأبواب المغلقة. 

وعبر بعض الجمهوريين عن تردد في دعم طلب الرئيس بايدن لدعم إضافي بـ 20 مليار دولار في ظل نتائج الحملة المتواضعة، كما انتقد جمهوريون وصقور الديمقراطيين الإدارة لأنها لم ترسل معدات عسكرية قوية وسريعة لأوكرانيا.

ورفض المسؤولون الأمريكيون النقد من أن مقاتلات أف-16 أو الصواريخ بعيدة المدى مثل أتاكمس كانت ستحدث نتيجة مختلفة، بحسب الصحيفة.

ونقلت واشنطن بوست عن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية قوله، "المشكلة تظل في اختراق خطوط الدفاع الروسية الرئيسية، ولا توجد أدلة أن هذه الأنظمة هي الحل السحري". 

وفي مقابلة هذا الأسبوع، قال قائد الأركان المشتركة الجنرال مايك ميلي إن الولايات المتحدة كانت صريحة بشأن المهمة الصعبة و"قلت قبل عدة أشهر بأن هذا الهجوم سيكون طويلا، وسيكون دمويا وبطيئا هو قتال صعب جدا جدا".

وأضاف ميلي، أنه برغم أن الأوكرانيين لم يحققوا أهدافهم إلا أنهم نجحوا في إضغاف القوات الروسية وجعلها في وضع صعب، حيث يعانون من خسائر ضخمة، ومعنوياتهم ليست عالية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم، "إن البنتاغون نصح الأوكرانيين أكثر من مرة بتركيز قوات ضخمة على نقطة اختراق واحدة، مع أن أوكرانيا مالت نحو استراتيجية مختلفة، وكان هذا هو قرار كييف نظرا للتضحيات الضخمة في ساحات المعارك".

واعترف وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوبيلا ببطء العملية لكنه أكد أن الهجوم المضاد لن يتوقف حتى تتم استعادة كل الأراضي الأوكرانية قائلا "لا يهمنا كم سيأخذ من الوقت"، حسب تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية.


ولفتت الصحيفة إلى أن منتقدي الهجوم شجعوا على الذهاب والإنضمام للفيلق الأجنبي لو أرداوا نتائج سريعة.

في المقابل أكد المسؤولون الأوكرانيون أن التوقيت يعتمد على قدرة القوات على اختراق حقول الألغام، وهي عملية صعبة زادت من الضغوط على جهود عمليات تنظيف الألغام وعلى مساحة واسعة. 

وتنقل الصحيفة عن محللين قولهم، "إن روسيا فاقت التوقعات في حرفيتها للدفاع عن المناطق المحتلة".

وقال لي إن العامل الأكثر تحديدا هو الكيفية التي مضى فيها الهجوم حتى الآن وهي نوعية الدفاعات الروسية، و"لديهم الكثير من الوقت للتحضير جيدا وتعقيد مهمة التقدم الأوكراني". 

وذكرت الصحيفة أن هناك أسئلة حول الطريقة التي نشرت فيها أوكرانيا قواتها وفي أي منطقة، فعلى مدار عدة أشهر ضخ الأوكرانيون جنودا ومعدات في باخموت ولكنهم فقدوا السيطرة عليها ولم يحققوا إلا تقدما ضئيلا في المناطق المحيطة بها. 

وفي الوقت الذي يعتبر فيه القتال على خطوط النار والخنادق مختلفا في باخموت عن مشاكل الألغام في الجنوب إلا أن التركيز جعل رموز الإدارة الأمريكية يتساءلون عن النشر المبالغ فيه بالشرق وأنه قد يؤدي لتآكل القدرة بالجنوب، وفقا للصحيفة.

ويتطابق التقييم الإستخباراتي الأخير مع التكهن السري في شباط/فبراير الماضي الذي أكد أن نقص المعدات وقوة الجيش ستعني فشل الهجوم المضاد أو عدم تحقيق كل الأهداف الأوكرانية من ناحية قطع خطوط الإتصال مع القرم. 

وبحسب الصحيفة فقد سُرب هذا التقييم على منصات التواصل الإجتماعي فيما عرفت بملفات ديسكورد، إلا أن المسؤولين في واشنطن لا يزالون يأملون بمفاجآت أوكرانية وإثبات خطأ المتشككين. 

ونقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع الأوكرانية قوله، "إن كييف قد تستطيع تغيير الأعراف التاريخية ومواصلة الحرب في الشتاء، عندما يصبح توفير الدفء والطعام والإمدادات للجنود صعبا".

واستدركت الصحيفة، أن ذلك يعتمد على عدة عوامل منها عدد الجنود الواجب نشرهم وعلى المعدات المتخصصة بالإضافة إلى برد الشتاء القارص، كما أن روسيا لديها القدرة القتالية في الشتاء، حيث قال المسؤول الأوكراني إن الروس معروفون بقدرتهم على القتال في الجو البارد.
الأكثر قراءة في أسبوع