صحافة دولية

أزمات في الداخل والخارج.. هذا ثمن إقرار تعديلات نتنياهو القضائية

الكنيست أقر قانونا يحد من صلاحيات المحكمة العليا بالرغم من الاحتجاجات الواسعة ضد القانون- الأناضول
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لرئيس مكتبها في القدس، باتريك كينغسلي، قال فيه، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاوز مرة أخرى الحدود، بفرض قيود جديدة على القضاء الإسرائيلي، لمنعها من تقييد حكومته اليمينية المتطرفة.

وأضاف كينغسلي، أن مستوى الضغينة والتمزق الناجم عن انتصار نتنياهو وصل إلى حد جعل العديد من "الإسرائيليين" يعتقدون أن الضرر اللاحق بالمجتمع قد لا يكون قابلا للإصلاح.

وذكر المقال، أن النواب المعارضون حذروا من أن حكومة نتنياهو تدفع "إسرائيل" نحو الخراب، وصرخ أحدهم في الكنيست: "أنتم حكومة الدمار"، بينما قال صرخ آخر، "أنتم أعداء إسرائيل".
 
وفي الداخل الإسرائيلي، يتحدث كاتب المقال، أن خطوة نتنياهو تركت نصف المجتمع يتساءل عما إذا كانت "إسرائيل" التي تحكم من تحالف نتنياهو مع اليمين المتطرف، ستنزلق الآن ببطء إلى نظام استبدادي.

ونقل الكاتب عن يوفال نوح هراري، المؤلف والمؤرخ الإسرائيلي قوله: "قد تكون هذه الأيام هي الأخيرة للديمقراطية الإسرائيلية، وقد نشهد صعود دكتاتورية يهودية متعصبة في إسرائيل، الأمر الذي لن يكون أمرا فظيعا للمواطنين الإسرائيليين فحسب، بل سيكون أيضا أمرا مروعا للفلسطينيين وللتقاليد اليهودية وربما للشرق الأوسط بأكمله".

وبحسب المقال، "فإن النقاد والمؤيدين على حد سواء، لا تزال لديهم تساؤلات حول استقرار وقدرة الجيش الإسرائيلي، بعد تصاعد الاحتجاجات من جانب الآلاف من جنود الاحتياط العسكريين، بالإضافة إلى شبح الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، حيث حذر قادة العمال من إضراب عام، وأعلنت نقابة الأطباء عن خفض الخدمات الطبية طوال اليوم، فيما قالت شركات التكنولوجيا إنها تفكر في الانتقال إلى اقتصادات أكثر استقرارا".

وخارجيا، يتحدث المقال أن التصويت عزز الغموض حول مستقبل تحالف "إسرائيل" مع الولايات المتحدة، بعد تعبير إدارة بايدن عن قلقها المتزايد، حيث زاد عدم الارتياح بين اليهود الأمريكيين بشأن مسار الدولة اليهودية.

ورأى كينغسلي، “أن هناك مخاوف بين الفلسطينيين، من استيطان إسرائيلي أكثر جرأة في الضفة الغربية المحتلة، وهو مشروع عارضته المحكمة العليا الإسرائيلية في بعض الحالات”.

وأوضح أن المشهد الحالي يثير الجدل حول مدى قدرة نتنياهو على السيطرة على تحالفه اليميني المتطرف.

وأكد كينغسلي أن نتنياهو دفع إلى الأمام بأمر من شركائه الأكثر تطرفا في الائتلاف، على الرغم من الضغوط غير العادية من الرئيس جو بايدن، والاتهامات من 15 من قادة الأمن السابقين بأن التعديلات القضائية تهدد "أمن إسرائيل".

وأضاف أن المنتقدين يخشون من عرقلة نتنياهو محاكمته الجارية بتهمة الفساد، بعد أن أصبحت المحكمة العليا أقل قدرة على معارضته، وهو ادعاء كان ينفيه منذ فترة طويلة.

واعتقد كينغسلي، أن هناك احتمال نشوب أزمة وجودية وشيكة للحكم في "إسرائيل" إذا استخدمت المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة الأدوات المتبقية تحت تصرفها لعرقلة تطبيق القانون الجديد، فقد تجبر مختلف أجزاء الدولة الإسرائيلية على تحديد ذراع الحكومة الذي يجب أن تمتثل له.

من جانبه قال أنشل بفيفر، كاتب سيرة نتنياهو: "أعتقد أنه سيكون انتصارا باهظ الثمن. كل أسس المؤسسة الإسرائيلية، بما في ذلك حكومة نتنياهو، أضعفت بسبب ما حدث".
 
وأورد المقال حديث إيمانويل شيلو، وهو محرر إخباري يميني، حيث عبر عن "سعادته لأن أصوات اليمين لم تُلقى في سلة المهملات في المحصلة، كما أن المسؤولين المنتخبين في النهاية يفعلون شيئا بالتفويض الذي منحناهم إياه".

وبين كينغسلي، أنه بالنسبة لحركة الاحتجاج العلمانية في" إسرائيل"، كانت هذه ضربة أخرى، لكنها اعتبرها الكثيرون دعوة لمواصلة الاحتجاج.
 
وبالنسبة للفلسطينيين في الداخل المحتل، فإن القانون يبدو وكأنه نذير حقبة جديدة خطيرة، وفق كاتب المقال.

ونقل المقال حديثا لعدد من الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، حيث قال محمد عثمان، وهو ناشط سياسي واجتماعي من بلدة نحف العربية، "يعتقد جزء من مجتمعنا أن هذه الحكومة مثل الحكومات السابقة وأن وضعنا الآن سيء كما كان دائما"،إلا أنه رأى في خطوة نتنياهو تهديدا حقيقيا للفلسطينيين. مؤكدا : "سنكون أول من يتضرر".

وتحدث المقال، أن التصويت جعل مستقبل علاقة "إسرائيل" بالولايات المتحدة يبدو مشحونا أكثر من المعتاد، حيث اقترح سفيران أمريكيان سابقان لدى "إسرائيل" إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل.

بدوره قال آرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي الأمريكي السابق والوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن هذه الأزمة بالذات مختلفة لأنها لا تتعلق بالسياسة الخارجية بل بوضع "إسرائيل"، وباتت الفجوة بين بايدن ونتنياهو أكثر عمقا.

وأضاف: "بايدن لا يبحث عن معركة مع نتنياهو. لكن من الواضح أنه لن يكون هناك احتضان، ناهيك عن زيارات للبيت الأبيض".