نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" مقال رأي لمارك الموند قال فيه إن التقارب بين دول منطقة الشرق الأوسط يدفع أمريكا خارج اللعبة في المنطقة.
وتحدث الموند عن جولة الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان إلى الخليج والتي جاءت ضمن توجهاته الجديدة للتركيز على الاقتصاد، لكنها لا تعني بالنسبة له تحولا في موقف السياسة الخارجية التركية، ولا
السعودية التي تقاربت مع إيران.
وقال إن الرئيس التركي المخضرم وولي العهد السعودي
محمد بن سلمان، يمثلان "زوجا غير منسجم".
إلا أن المتفائلين من المراقبين رأوا في لقائهما هذا الأسبوع بمدينة جدة، على أنه جزء من الميول الواضحة نحو الاعتدال بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة. نعم، عين مستشارين من أصحاب الرؤية الأرثوذكسية في الاقتصاد ودعم عضوية أوكرانيا في حلف الناتو وإن اشترط شروطا يجب تلبيتها، بحسب الكاتب.
وفي الواقع، فآمال الغرب، لا تصل إلا لحد التعلق بقشة. فالتقارب بين الرجلين والذي بدأ قبل عام، جاء في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، ويعكس حسا أن تحدي فلاديمير بوتين الشرس للأعراف الدولية، يمثل بالنسبة للبلدين فرصة للتحرر من القيود التي تقيدهما.
ويقول الكاتب إنه وبرغم كلام أردوغان الحميم بشأن عضوية أوكرانيا في الناتو، فلا تزال دعوته لبوتين كي يزور أنقرة قائمة. ولا تزال
تركيا نقطة العبور الرئيسية للروس الراغبين بالسفر إلى الخارج.
ويرى الكاتب أن قدرة ولي العهد السعودي على العبور من المياه الصعبة بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018 هي دليل عن الطريقة التي يمكن فيها للاحتياط النفطي الهائل لديه كي يهدئ الضمائر. وفي ذلك الوقت وجه أردوغان إصبع الاتهام للسعوديين وسرب التسجيلات، لكنه خفف النبرة منذ العام الماضي.
وبعد ثورانه احتجاجا على الانقلاب الذي نفذه العسكر في مصر ضد الإخوان المسلمين عام 2013، باتت تركيا ومصر تقتربان من لململة الخلافات والمصافحة في ظل عهد أردوغان.
وقال الكاتب: "لا يعتبر الديكتاتور المصري عبد الفتاح السيسي أو الحاكم السعودي حليفين قويين للغرب، تماما مثل السابقين لهما. ويقوم المستبدون في الشرق الأوسط بالتصرف ضد مصالح وسياسة الولايات المتحدة. وتقرب السيسي ومحمد بن سلمان من بوتين، لكنهما لم يترددا بقبول الأسلحة الأمريكية المتقدمة التي صادقت عليها واشنطن بطريقة آلية".
وتصالحت السعودية مع إيران التي كانت مرة عدوتها الرئيسية، فيما أكد أردوغان على التعاون التجاري بين تركيا وإيران.
وجاء في المقال أن "اقتصاد تركيا المترنح سيجد دعما من صفقة المسيرات التي عقدها أردوغان مع السعوديين والتي اعتبرت مع غيرها من الصناعات العسكرية التركية المشمولة فيها بأنها أكبر صفقة دفاعية في تاريخ البلد".
ويرى الكاتب أن الشرق الأوسط يعيش نوعا من الفوضى حيث يحاول اللاعبون الإقليميون فيه حرف ولاءاتهم والتقرب من أعدائهم، في وقت ركزت فيه إدارة بايدن اهتمامها على الإصلاحات القضائية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويصف الكاتب هذا "تدخلا".
ولم يعد احتواء إيران أو إقناع محمد بن سلمان أو أردوغان للابتعاد عن رمي ثقليهما في المنطقة التي ظلت على حافة الحرب، أولوية لواشنطن.
وختم الكاتب مقاله بالقول إنه "مهما يكن، فغياب الاتجاه بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لن يفعل الكثير لمنع مثيري المشاكل. وربما عول الغرب مرة أن غياب أمريكا عن المنطقة سيؤدي إلى ولادة محور استقرار بين أنقرة والرياض، ليس الآن، فقد أصبح في المركز قادة لديهم ميل للمقامرة بدون حساب".