قال تحقيق صحفي، إن هناك صلات مباشرة بين تجارة
المخدرات، وشخصيات قيادية في جيش النظام السوري، وعائلة رئيس النظام بشار الأسد.
وأشار التحقيق الذي أجراه قسم التحقيقات في
هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وشبكة الصحافة الاستقصائية "OCCRP"، إلى أن سيطرة جماعة منافسة للنظام، على مقر شخص يدعى راجي فلحوط، زعيم مليشيا موالية للنظام، كشفت عن
العثور على أكياس بدا أنها تحوي حبوب
الكبتاغون معدة للتوزيع، وآلة يمكن استخدامها
لضغط الحبوب، بالإضافة إلى بطاقة هوية لجيش النظام السوري، الخاصة بشركة فلحوط،
وهاتف محمول غير مقفل.
وأضاف أنه بعد حصولها على حق الوصول الحصري إلى
الهاتف، وجدت "بي بي سي" سلسلة من الرسائل بين فلحوط ومسؤول لبناني
يسميه "أبا حمزة"، ناقشوا فيها شراء الجهاز، وهناك محادثة على الهاتف
المحمول من أغسطس/ آب 2021، يتحدث فيها فلحوط وأبو حمزة عن نقل آلات المصنع من
لبنان إلى
سوريا.
باستخدام رقم الهاتف، جرى تتبع هوية أبي حمزة الحقيقية، ليتضح أنه يدعى
حسين رياض الفطروني، ونقلت أنه مرتبط بحزب
الله، الحزب السياسي اللبناني والجماعة المسلحة المرتبطة بشكل وثيق بالنظام
السوري.
وأوضح صحفي سوري من منطقة السويداء من المنفى،
أن "حزب الله متورط ولكنه حريص للغاية على عدم قيام أعضائه بأدوار رئيسية في
نقل وتهريب البضائع".
وقال التحقيق، إنه لم تكن هذه هي المرة الوحيدة
التي ورد فيها اسم حزب الله. وبعد شهور من الاستعدادات الأمنية، تمكنت "بي بي سي" من
الوصول بشكل نادر إلى داخل قوات النظام في حلب.
وأشار إلى أن أحد الجنود "تحدث
إلينا بشرط عدم الكشف عن هويته، وأخبرنا بأن الراتب الشهري لزملائه كان أقل من 150
ألف ليرة سورية (60 جنيها إسترلينيا؛ 65 دولارا أمريكيا). وقال إن العديد منهم
أصبحوا تجار مخدرات في مناطقهم لتكملة دخلهم، وإن هذا أصبح أمرا روتينيا بالنسبة
لهم. طلبنا منه أن يصف دور وحدته في تجارة الكبتاغون المحلية؛ فقال: "لم يسمح لنا
بالذهاب إلى المصنع. كانوا يختارون مكانا للاجتماع ونشتري من حزب الله، نستلم
البضائع وننسق مع الفرقة الرابعة لتسهيل حركتنا".
والفرقة الرابعة هي وحدة نخبة في جيش النظام، مكلفة
بحماية الحكومة من التهديدات الداخلية والخارجية، فمنذ عام 2018، كان يقودها رسميا
ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لرئيس النظام ويخضع ماهر الأسد لعقوبات غربية لشنه
حملات قمع وحشية على المتظاهرين خلال الحرب، كما أنه تم ربطه بالاستخدام المزعوم
للأسلحة الكيماوية.
ويقال أيضا إنه أشرف على تحول الفرقة الرابعة
إلى لاعب اقتصادي رئيسي.
ونقلت "بي بي سي" عن ضابط منشق من
النظام قوله إنه "بسبب الظروف المالية الصعبة التي يمر بها الضباط وأصحاب
الرتب خلال الحرب، فقد لجأ العديد من أفراد الفرقة الرابعة إلى التهريب، وهكذا بدأ
استخدام سيارات ضباط الفرقة الرابعة في حمل المتطرفين والأسلحة والمخدرات، لأنها
كانت الجهة الوحيدة القادرة على التحرك عبر نقاط التفتيش في سوريا".
وقالت إن الاقتصاد السوري، الذي أصابه الشلل
بسبب العقوبات والحرب، يقترب من الانهيار، لكن ما يبقيه صامدا حتى الآن، هو عائدات
حبوب الكبتاغون المربحة، التي تفوق حجم ميزانية الدولة السورية، وفي حال توقفت، فسينهار
النظام بحسب المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جويل رايبورن.
وأشار التحقيق إلى وجود أدلة أخرى على تورط
عائلة الأسد بالتهريب، بعد محاكمة رجل أعمال لبناني يدعى حسن دقو، أطلق عليه
لقب ملك الكبتاغون.
وأدين بتهريب الكبتاغون بعد ضبط شحنة ضخمة من
المخدرات في ماليزيا. وكانت الكمية، التي تحتوي على ما يقرب من 100 مليون حبة،
متجهة إلى المملكة العربية السعودية حيث قدرت قيمتها السوقية بما يتراوح بين مليار
دولار وملياري دولار، ما يجعلها واحدة من أكبر عمليات ضبط المخدرات في التاريخ.
وتمت مداولة القضية خلف أبواب مغلقة لكن فريق التحقيق التقى بالقاضي الذي أخبرنا بأن معظم الأدلة جاءت من مراقبة الاتصالات الهاتفية بين
دقو، وعدد من مهربي المخدرات وفي المحاكمة، وقال دقو إنه كان يتعاون مع الفرقة
الرابعة لمحاربة مهربي الكبتاغون، وقدم بطاقة هوية الفرقة الرابعة كدليل.
وبينما أُدين داقو بتهمة الاتجار بالبشر، فإن القاضي قال لـ"بي بي سي" إنه لم يتم العثور على دليل على تورط مسؤولين سوريين في أعمال
الكبتاغون الخاصة به.
لكن التحقيق كشف عن شيء في وثيقة المحكمة
المكونة من 600 صفحة يحكي قصة مختلفة.
ولفتت لقطات شاشة لرسائل من طرف دقو، إلى
شخص أطلق عليه المعلم، يتكون رقم هاتفه في الغالب من رقم يتكرر عدة مرات، ما يجعله يسمى بـ"الرقم الذهبي"، أكدت مصادر رفيعة المستوى في سوريا أن
الرقم يخص اللواء غسان بلال.
اللواء بلال هو الرجل الثاني لماهر الأسد في
الفرقة الرابعة، ومن المعروف أنه يدير مكتب الأمن القوي. وفي رسائل الواتساب،
يناقش دقو مع "المعلم" حركة "البضائع"، التي يعتقد أنها
كبتاغون، إلى بلدة تسمى صابورة، حيث يوجد للفرقة الرابعة قاعدة كبيرة، بالإضافة
إلى مناقشة تجديد التصاريح الأمنية.
وإذا كان "المعلم" هو غسان بلال، فإن
المحادثة تشير إلى أن أحد كبار الضباط في سوريا مرتبط بتجارة الكبتاغون غير
القانونية، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.