ناقش شيهان توغال بمقال بصحيفة "
نيويورك تايمز"
الانتخابات التركية التي ستجري الأحد، قائلا إن النتائج التي ستسفر عنها، سواء لصالح رجب طيب
أردوغان الرئيس الحالي أم فوز مرشح المعارضة كمال
كليتشدار أوغلو، لن تغير من واقع الأمر، فتركيا ستظل في معضلة.
وأشار أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، إلى أن المعارضة التركية لم تكن لديها آمال مثل اليوم. ورغم الكثير من المصاعب التي قابلت أردوغان، لم يحصل أن تجمعت عوامل متعددة ضده وحزبه العدالة والتنمية. فالاقتصاد في حالة يرثى لها بعد فقدان العملة قيمتها في 2018، ولم تنجح كل السياسات المتعجلة للحكومة بإعادته إلى المسار الصحيح.
ثم جاءت الهزة الأرضية التي هزت البلاد في شباط/ فبراير الماضي، ما أدى إلى مقتل أكثر من 50.000 شخصا ودمار لا مثيل له، حيث كانت القشة الأخيرة.
ومن المفارقة أن كارثة هزة أرضية هي التي جلبت حزب العدالة والتنمية للحكم في عام 1999، وهي الهزة التي كشفت عن فساد الأحزاب الرئيسية. ونظر لحزب أردوغان بأنه الحزب الأنظف والأفعل. ولكن مظهر الفعالية قد اهتز، ومن خلال الحكم على استطلاعات الرأي، يبدو أن الأتراك على حافة إنهاء حكم حزب العدالة والتنمية، الذي مضى عليه 21 عاما.
وهذا منظور مثير بالطبع، لكن النشوة تظل باكرة ومتعجلة. فلو تفوقت المعارضة، فإنها ستواجه الكثير من المشاكل البنيوية التي عرقلت تقدم البلاد خلال السنوات الماضية. فحتى لو تم إنزال أردوغان من عرشه، فمشروعه لن يذهب.
ويعلق الكاتب بأن واحدة من الكلمات التي ترددها المعارضة هي "إحياء" تركيا، فالتكتل المكون من ستة أحزاب لا يوافق على كل شيء، ولكن هناك إشارات حول ما يريدون تجديده. فحزبان في التحالفين هما بقيادة زعيمين سابقين في حزب العدالة والتنمية، أحدهما هو علي باباجان، الذي كان مسؤولا عن سياسة الحزب في سنواته الأولى. أما الثاني، فهو أحمد داوود أوغلو، المعروف بسياساته الخارجية.
من الناحية الجيوسياسية، فقد تغير موقف الاتحاد الأوروبي من دخول تركيا في النادي الأوروبي، وأصبح بطريقة أو بأخرى خارج التفكير، ولم تعد الهيمنة الأمريكية والدبلوماسية عاملا يحسب له حساب. والحكومة تعرف هذا، فالتحول من سياسات باباجان اللطيفة للسوق قد تعزز من خلال الانكماش في الأسواق العالمية قبل عقد.
وعلى مستوى العلاقات الدولية، فالسبب الرئيسي وراء استقالة داوود أوغلو عام 2016 هو أن الحزب لم يعد يجد في السياسات المؤيدة لأوروبا شيئا مثمرا. فمع تزايد التأثير الروسي والصيني على المنطقة، قررت حكومة العدالة والتنمية تحويط رهاناتها دون التخلي عن حلفائها في الغرب وبشكل دائم.
وفي السنوات الأخيرة، لجأ حزب العدالة والتنمية وبطريقة براغماتية إلى عدد من الأدوات لإدارة الاقتصاد. ولم تنجح دائما، لكنها ورغم أخطاء الحزب سمحت لحزب العدالة التمسك بالسلطة والحفاظ على قاعدة الدعم. وعمل الحزب على بناء هذه القاعدة على مدى خمسة عقود، وقامت على اتصالات شخصية وعلاقات غير رسمية ومساعدة الناس على تنظيم مناسبات مجتمعية، والقيام بدور الوسيط في نزاعات الأحياء.
وعززت العلاقات هذه المزيج من السياسات الصديقة للسوق بعد وصول الحزب إلى السلطة. وواحد من أهم عوامل الجاذبية لحزب العدالة والتنمية بين الأتراك باستثناء الحركة الكردية وحلفائها الاشتراكيين؛ أنه لم تقم حركة سياسية من قبل بمحاولة بناء علاقة نسب مع المجتمعات.
ومن دون بديل للوضع الراهن، فسيتمسك الناس بالقيادة السياسية التي تعرفها. ووعود كليتشدار الأخيرة بتوزيع الثروة ليست كافية لتخفيف سيطرة حزب العدالة والتنمية على المجتمع.
وبدلا من ذلك، فقد تمسكت الأحزاب التقليدية بالحكمة التقليدية، فهي تعتمد على إحياء الاستثمار الأجنبي المباشر، رغم التراجع العالمي ونقدهم الشديد للمشاريع العملاقة التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية، مثل تصنيع السيارات والسفن. لو أرادت المعارضة إلغاء سياسات الاقتصاد الوطنية، فما هو البديل عنها؟