تعرف إلى المسائل الفقهية الجدلية التي تثير الخلافات في كل رمضان

رغم أن أغلب البلدان العربية والإسلامية توحدت هذا العام حول بدء شهر رمضان المبارك، إلا أن القضايا الجدلية لا تزال ذاتها كل عام.

وأعلنت السعودية تعذر رؤية الهلال، وأن الخميس هو أول أيام شهر رمضان المبارك، وتبعتها بعد ذلك عدة دول في الجوار، فيما برز أن العراق وإيران وسلطنة عمان أعلنوا الخميس غرة شهر رمضان، على غير العادة إذ كانت تخالف عمان أغلب الدول العربية، وكذلك إيران، وفي العراق هنالك الوقفان السني والشيعي، اللذان يختلفان أحيانا في إعلان بداية الشهر الكريم.



وتعود في كل مرة يعود فيها رمضان، مسائل جدلية يبدو أن ملفاتها لن تطوى قريبا، في حين تظهر أمور جدلية أكبر لتطفو على السطح وتحوز الحجم الأكبر من الاهتمام مع اتساع مساحة النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم تعد الأمور الجدلية تقتصر على المفطرات في نهار رمضان، أو مقدار الفدية أو زكاة الفطر، بل تعدت ذلك لتناقش مؤخرا إلزامية الصوم من عدمها.

هل الصيام اختياري؟

الكاتب السوري محمد شحرور، قال في مقال مثير للجدل إن للمسلم الخيار، إما الفدية أو الصوم في فريضة الصيام، على خلاف الزكاة والصلاة التي قال إنها إلزامية.

وتابع شحرور في مقاله: "إن الله فرض علينا إقامة الصلاة والزكاة فريضة، (...) أما الحج فنحن نفرضه على أنفسنا، وفي الصيام أعطانا خياري الفدية والصوم وقال إن الصوم خير لنا".

ولاقى رأي شحرور تأييدا كبيرا بين متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما أثار امتعاض آخرين.



بدورها، حاورت "عربي21" أستاذ الحديث النبوي وعلومه السابق، في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور شرف القضاة، والذي قال بدوره إن "الصيام فرض على كل مسلم بالغ عاقل مقيم (غير مسافر) صحيح (غير مريض)، وإن ذلك محل إجماع من العلماء بلا مخالف".

ويخالف أستاذ الحديث النبوي ما قاله الشحرور من أن الإنسان بالخيار في الصيام من عدمه، مؤكدا أن الفدية هي لمن يستطيع الصوم لكن بمشقة كبيرة، أما عدا ذلك من المريض المرجو شفاؤه أو المسافر والحائض فعليهم القضاء.

صيام باطل؟

وحول ما أثاره البعض على مواقع التواصل من حملات للتوقيع من أجل تصحيح أوقات الصلاة وأذاني الفجر والمغرب، على اعتبار أنها خاطئة وفي غير وقتها ما يترتب عليه بطلان صوم المسلمين، فقد قال القضاة إن "أوقات الصلاة أصبحت منضبطة جدا من سنوات طويلة".

وتابع بأن "الذين يشككون في ذلك يراقبون الفجر من مدن مضاءة بالكهرباء، ولذلك فإنهم لن يروه إلا بعد طلوعه بربع ساعة أو ثلث ساعة، ومن المعلوم حتى عالميا عند البحارة أن الفجر يطلع عندما تكون الشمس تحت الأفق بــ18 درجة".

وحول صلاة المغرب أوضح قائلا: "وأما المغرب فيكون كما في الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) ولذلك لا بد من إقبال الليل (وهو شريط مظلم يظهر جهة الشرق) ولا يكفي أن تغيب الشمس عن المكان ولو كان منخفضا جدا".

عين مجردة أم حسابات فكلية؟

أما الأمر الأكثر إثارة للجدل في بداية كل شهر رمضان، فهو الدول التي تصوم فلكيا وتلك التي تعتمد على تحري الهلال ورؤيته بالعين المجردة، رغم أن الفلكيين يصرون أحيانا على أنها مستحيلة "علميا".

من جانبه، أوضح القضاة لـ"عربي21" أنه لا تعارض بين الشهادة الصحيحة برؤية الهلال وبين الحسابات الفلكية، ولا بأس من الجمع بينهما، والمطلوب في عصرنا إثبات الشهر بحساب إمكان الرؤية، وليس بحساب الاقتران، وهي حسابات متوفرة، وفي غاية الدقة، ولا تتعارض مع الرؤية، بل تصحح بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الشهود.



وعن اختلاف يوم الصوم في بلدان متجاورة قال أستاذ الحديث النبوي وعلومه إنه "لا مسوغ لاختلاف المناطق المتقاربة في بدايات الأشهر، وأما المناطق المتباعدة ففيها رأيان فقهيان، وقد اعتمد (مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي) الذي عقد مؤخرا في إسطنبول التقويم الأحادي، الذي يعتبر العالم كله منطقة واحدة".
 
التراويح: فرادى أم جماعة؟

وفي حين أنه يجتمع أغلب المسلمين وراء الإمام لصلاة التراويح، فإن هنالك من يرى أنها تصلى في البيوت أو المساجد فرادى وليست جماعة، غير أن القضاة أوضح أنها "يمكن أن تصلى جماعة ويمكن أن تصلى فرادى، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين، وللمسلم أن يختار ما يراه الأنسب له، ولكن الأنسب لأغلب الناس أن تكون جماعية، فهذا يشجع على قيامها، كما أنها يمكن أن تكون ثمانية أو أكثر، مع مراعاة الانسجام بين عددها وركعاتها، وبما يناسب أكثر المصلين في المسجد".