سياسة دولية

ما سر الاستماتة الروسية للسيطرة على "بلدة الملح" الأوكرانية؟

.
تدور معارك طاحنة بين القوات الروسية والأوكرانية، للسيطرة على بلدة سوليدار شرق أوكرانيا، في قتال يوصف بالأكثر دموية منذ بداية الغزو الروسي، وفقا للعديد من التقارير الأوكرانية.

وقالت القوات الأوكرانية إن "القوات الروسية لا تسيطر على سوليدار".

وقال المتحدث باسم المجموعة الشرقية للقوات المسلحة الأوكرانية سيرهي شيريفاتي، إن "المعارك مستمرة هناك، القوات المسلحة الأوكرانية وقوات الدفاع الأخرى تعيد تجميع صفوفها".

وأوضح أن القوات الأوكرانية تزود القوات بالذخيرة والطعام، واصفا الوضع بأنه "تحت السيطرة"، مضيفا أنه تم البحث عن خيارات "لتحسين الوضع التكتيكي".

وأكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينكسي، أن القتال "مستمرّ" في سوليدار وأن جبهة دونيتسك "صامدة".

وقال: "نفعل كل ما في وسعنا لتعزيز الدفاع الأوكراني بدون أي انقطاع ولو ليوم واحد".

وفي سياق متصل، قال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئاسة الأوكرانية: "كل ما يحدث اليوم في باخموت وسوليدار هو السيناريو الأكثر حصدًا للأرواح لهذه الحرب" بحسب أ ف ب.

وأشار بودولياك إلى أن الخسائر العسكرية الروسية "هائلة" و"الجيش الأوكراني يخسر رجالا أيضا"، وقال "إنها بالتأكيد أكثر من تلك المسجلة في مكان آخر من قبل".

وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني، غانا ماليار، على تليغرام إن هناك "معارك عنيفة مستمرة في سوليدار"، مضيفة أن الروس "حاولوا اختراق الدفاع الأوكراني" و"السيطرة على المدينة تماما، لكن لم ينجحوا" في ذلك.

على جانب آخر، ذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، الأربعاء، أن "وحدات هجومية تقاتل في المدينة"، مشيرة إلى أن "وحدات مجوقلة عطلت الوصول إلى الأجزاء الشمالية والجنوبية" من سوليدار.

وأضافت أن "القوات الجوية الروسية تضرب معاقل العدو".

ويتعارض بيان الجيش الروسي مع تصريحات قائد مجموعة "فاغنر" الذي أكد في وقت سابق، الأربعاء، أن وحداته "حصرا" شنت الهجوم على سوليدار وسيطرت عليها "بالكامل".

وادعى يفغيني بريغوجين، أن جيشه الخاص غير النظامي المكون في الغالب من السجناء السابقين كما كشفت مقاطع مصورة، قد استولى على سوليدار.

ومن جانبه وصف سيرهي شيريفاتي الإيحاء بأن القوات الروسية سيطرت على سوليدار وحاصرتها بـ "عملية إعلامية".

ولم تنكر كييف تصريحات قائد "فاغنر" بل أنكرته موسكو أيضا في "توبيخ واضح"، وفقا لتقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.

وبدت موسكو حذرة بشأن الوضع على الأرض، وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، "دعونا لا نتسرع، لننتظر الإعلانات الرسمية" مضيفا أن هناك "ديناميكية إيجابية في تقدم" القوات الروسية.

وتقع سوليدار المعروفة سابقا بمناجم الملح في وسط منطقة دونباس وعلى بعد حوالي عشرة كيلومترات شمال شرق باخموت التي يدافع الأوكرانيون عنها بضراوة منذ عدة أشهر في مواجهة سلسلة هجمات تشنها القوات الروسية.

وكان عدد سكان البلدة الواقعة شرق أوكرانيا يبلغ قبل الحرب أكثر من 10 آلاف نسمة، وأصبحت هدفا للقوات الروسية منذ أيار/مايو الماضي.

ليس للبلدة "قيمة إستراتيجية" في حد ذاتها، لكنها نقطة وسيطة في مسار لاستنزاف القوات الروسية غرب البلاد.

وتضم المنطقة المحيطة بسوليدار مناجم ملح كبيرة تابعة لشركة أرتيمسيل الحكومية، أكبر منتج للملح في أوروبا، والتي أوقفت الإنتاج بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي، ويوجد بالمنطقة المحيطة بالبلدة "احتياطيات ضخمة من الملح النقي جدا والتي لم يتم استغلالها إلا على نطاق صناعي منذ عام 1881"، وفقا للمسار الأوروبي للتراث الصناعي.

وتكهن البعض بأن الروس، وزعيم فاغنر، نظروا إلى سوليدار بسبب مواردها الضخمة من الجبس.

واستخدم بريغوزين فاغنر في أفريقيا وسوريا كقوة مرتزقة للاستفادة في الوصول إلى الموارد بما في ذلك الماس والنفط.

أهمية سوليدار من الناحية العسكرية ضئيلة، لكن الاستيلاء عليها سيمنح الأفضلية للقوات الروسية في ظل قتالها للاستيلاء على مدينة باخموت، على بعد عدة كيلومترات إلى الجنوب الغربي.

وإذا استولت القوات الروسية على المدينة بالفعل، فسيكون ذلك أول مكسب لموسكو في دونباس منذ شهور بحسب "سي أن أن".