رحلت السلطات التركية مؤخرا، عشرات العائلات السورية من العاصمة
أنقرة إلى الشمال السوري، وفق ما أكدته مصادر حقوقية.
وقال الناشط الحقوقي طه الغازي، إنه بالآونة الأخيرة ازدادت حملات
الترحيل، وخاصة بحق السوريين في عدد من أحياء أنقرة، حيث تشهد بعض الأحياء حملات ترحيل جماعي للعائلات السورية إلى ولاية غازي عينتاب التركية، قبل نقلهم إلى الشمال السوري عبر معبر جرابلس الحدودي.
وقال الغازي، إن حملات الترحيل من أنقرة بدأت بعد أحداث منطقة ألتنداغ، في صيف العام 2021، على خلفية وفاة شاب تركي متأثرا بجراحه إثر عراك نشب بين مجموعة من الشبان السوريين والأتراك.
وتابع الناشط الحقوقي، بأن السلطات التركية أغلقت عددا كبيرا من الأحياء أمام
اللاجئين السوريين، تزامناً مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن برنامج "العودة الطوعية" بهدف تشجيع مليون ونصف مليون سوري على العودة إلى الشمال السوري.
ولا بد من الإشارة، بحسب الغازي، إلى الحسابات الانتخابية مع اقتراب موعدها في حزيران/ يونيو 2023، وقال: "يبدو واضحاً أن هناك حسابات متعلقة بمزاج الناخب التركي، ويبدو أن ما سبق هو من بين الأسباب التي تقف وراء حملات الترحيل، وإن كنت أعتقد أن هناك شبه اتفاق بين كل الأحزاب التركية على الانتهاء من وجود اللاجئين السوريين في
تركيا".
أما رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل، فوصف ما يجري من حملات ترحيل بحق اللاجئين السوريين في أنقرة وغيرها بـ"الإجراء الذي يتجاوز قوانين الحماية المؤقتة، والقوانين الإنسانية والدولية".
وقال لـ"عربي21"، إن ما يحصل الآن هو مخالفة للقانون، قائلا: "يبدو أن هناك مخططا لترحيل مليون لاجئ سوري قبل حلول موعد الانتخابات".
وبذلك يرجح قرنفل أن تتصاعد وتيرة حملات الترحيل في الفترة اللاحقة، رغم أنه لا يحق لتركيا تجاهل مبدأ الإعادة القسرية.
من جانبه، انتقد الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، حملات الترحيل بالشكل الذي تُنفذه السلطات، قائلاَ لـ"عربي21": "لا يمكن القبول بهذه الحملات، وفق المعايير الدولية والإنسانية، ولا سيما ترحيل عائلات بأكملها وعدم تبيان سبب الترحيل، ودون منح العائلات مهلة لتصفية أعمالها وبيع ممتلكاتها".
وبحسب الكاتب التركي، فإن حملات الترحيل تتم تحت مسمى "العودة الطوعية"، مؤكداً أن "هذه الإجراءات تنتهك بشكل واضح قانون الحماية المؤقتة".
ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد اللاجئين السوريين الذين جرى ترحيلهم من تركيا، وقال المدير العام لمكافحة الهجرة غير الشرعية رمضان سيشليمش في مطلع كانون الأول/ ديسبمر الجاري، إن الترحيل شمل 109,816 مهاجراً غير شرعي خلال العام، من دون أن يحدد هوية المهاجرين.
وتابع بأن مراكز الإعادة، وعددها 30 في أنحاء البلاد، كانت تستوعب 1740 شخصاً عام 2015 ووصلت الطاقة الاستيعابية لها اليوم إلى 20 ألفاً و540 شخصا، مشيراً إلى وجود ما يقرب من 18,000 مهاجر غير شرعي في مراكز الترحيل.
وعلى مدار العام لم تتوقف السلطات التركية عن ترحيل اللاجئين السوريين، تحت مبررات عديدة، منها مخالفة قوانين الحماية المؤقتة من حيث مكان الإقامة، والتنقل بين الولايات التركية، دون الحصول على إذن سفر، ويأتي ذلك بالتزامن مع قرب الانتخابات العامة في تركيا.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أكدت في تقرير نشرته في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن السلطات التركية ترحل بشكل يومي عشرات اللاجئين السوريين إلى الشمال السوري، لكن تركيا نفت ذلك.
وقالت دائرة الهجرة التركية إن تقرير المنظمة لا يمت للواقع بصلة، مشددة على أن "سوريا حالياً أحد البلدان التي يطبق عليها مبدأ عدم الإعادة القسرية، وأن السوريين الذين عادوا إليها فعلوا ذلك طوعاً".
يشار إلى أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسميا لدى السلطات التركية بلغ 3 ملايين و577 ألفا و417 لاجئا سوريا، بحسب آخر حصائية صادرة عن وزارة الداخلية التركية.