نشرت صحيفة "
الفاينانشال تايمز"
تقريرا لكل من جون
ريد وكلوي كورنيش، بعنوان "هل تستطيع
الهند بناء جيش قوي بما يكفي لردع
الصين؟".
وأشار التقرير إلى أن الصين والهند اتخذتا احتياطات متقنة لتجنب التوترات على طول
الحدود الشمالية المشتركة حتى ربيع عام 2020، لافتة
إلى أن البلدين خاضتا
حربا قبل ستة عقود تقريبا.
لكن
في نيسان /أبريل وأيار /مايو 2020، انتهكت القوات الصينية هذا الوضع الراهن عندما
قطعت بعض طرق الدوريات التقليدية للهنود في شرق لاداخ، ما أدى إلى تصاعد الخلاف،
وتحول إلى صراع بالأيدي وهجوم بالهراوات والحجارة، ما أسفر عن مقتل 20 جنديا هنديا
وأربعة جنود صينيين.
ولفتت "الفاينانشال
تايمز" إلى أن أصداء الاشتباكات لا تزال تتردد في
نيودلهي، معتبرة أن حادثة وادي غالوان تعد بمثابة جرس إنذار للمؤسسة العسكرية
والمدنية الهندية بشأن مخاطر المواجهة المستقبلية الأوسع مع الصين وقواتها المسلحة
المجهزة تجهيزًا جيدًا - والحاجة إلى مواجهتها.
ويقول
محللون إن الصراع في المستقبل بين أكبر دولتين في العالم من حيث عدد السكان لا
يمكن استبعاده.
ونبه
التقرير إلى أن بيبين راوات، رئيس أركان الهند السابق، قال العام الماضي إن الصين
أكبر تهديد أمني للهند، بينما أفاد دروفا جايشانكار، المدير التنفيذي لمؤسسة
أوبزرفر ريسيرش فاونديشن أمريكا الفكرية بأن "هناك إدراكا أوسع بأن القوة
العسكرية للصين لا يمكن إدارتها من خلال الاتفاقيات الدبلوماسية وحدها، وسيتطلب
ذلك من الهند اتخاذ خطوات عسكرية واقتصادية خاصة بها".
ووفقا
لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)،
فقد زاد الإنفاق الدفاعي للهند بالفعل بنسبة 50 بالمائة على مدى عقد من الزمان، من
49.6 مليار دولار في عام 2011 إلى 76.6 مليار دولار العام الماضي.
وخلال
هذه الفترة، تجاوزت روسيا والمملكة المتحدة لتصبح ثالث أكبر منفق عسكري في العالم،
ولا يزال الإنفاق في تزايد، إذ زادت مخصصات الدفاع في ميزانية الحكومة للعام
الجاري بنحو 10 بالمائة.
ورأى تقرير الصحيفة أن أولويات نيودلهي كانت تحديث الجيش،
وكذلك أيضا ولضمان امتلاكها قدرة صناعية عسكرية مستدامة - جزء من الحملة الواسعة
"صنع في الهند" تهدف إلى بناء التصنيع الحربي المحلي.
ومن
وجهة نظر المحللين فإن الحرب في أوكرانيا أعادت التساؤل في الهند حول نقطة ضعف
رئيسية أخرى: اعتماد الهند المستمر على الأسلحة والذخائر الروسية.
وكشف
التقرير، أن الهند كثفت تنويع اتفاقياتها تجاه دول أخرى، بما في ذلك فرنسا
وإسرائيل. وبعد أشهر فقط من غالوان وقعت الهند اتفاقية دفاع جديدة مع الولايات
المتحدة.
ويجادل
بعض المحللين بأن الهند لا تزال لا تفعل أو تنفق ما يكفي لتحضير نفسها لمواجهة
محتملة مع الصين، حيث يحذر بعض المراقبين من أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا
مودي، بحاجة إلى اختيار ما إذا كان يجب أن يكون تحديث القوات المسلحة الهندية أو
التصنيع الحربي هو الأولوية، بينما يرى آخرون أن محاولة القيام بالأمرين في نفس
الوقت يخاطر بترك الهند مكشوفة أمام جيش الصين الأقوى بكثير.
واعتبر
التقرير أن الحجة الداعية إلى زيادة الإنفاق على الدفاع هي حجة يصعب على مودي على
وجه الخصوص القيام بها، لأن الاختيار بين البنادق والزبدة يمثل تحديا بشكل خاص لأن
التنمية الاقتصادية والارتقاء بفقراء الهند يمثلان جزءًا أساسيًا من برنامج حزبه
بهاراتيا جاناتا للناخبين منذ أن تولى منصبه في عام 2014.
يقول
مانوج جوشي، الزميل البارز في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث ومؤلف كتاب عن النزاع الحدودي
بين الهند والصين: "لا يريد مودي الدخول في صراع مع شي، وإذا كانت هناك بطاقة
جامحة واحدة يمكن أن تزعج حكومته وتقلل من مكانته بشدة، فهي الصينية".
وأوضح التقرير أن التهديد لا يقتصر على الحدود، فصور الأقمار الصناعية تظهر من ميناء
بكين في جيبوتي، على بعد حوالي 2000 ميل بحري من مومباي، سفن البحرية الصينية
راسية هناك، ما يشير إلى أن الصين يمكن أن تظهر قوتها في المحيط الهندي في
المستقبل أيضا.
كما
أن التدريبات العسكرية المشتركة بين الهند والولايات المتحدة هذا العام في ولاية
أوتارانتشال الشمالية، على بعد حوالي 100 كيلومتر من الحدود الصينية، أثارت حفيظة
واعتراض بكين هذا الشهر، ما يؤكد الخطر المستمر لنشوب صراع بين الجانبين.