نشر
موقع "أويل برايس" مقالا للصحفية إيرينا سلاف، قالت فيه إن الرئيس جو
بايدن هدد السعودية، قبل ثلاثة أسابيع، بـ"عواقب" بعد أن أيدت المملكة،
التي تعتبر الزعيم الفعلي لمنظمة أوبك، قرارا بخفض إنتاج النفط بنحو مليون برميل
يوميا.
وأشارت
إلى أن الرئيس الأمريكي كان غاضبا للغاية لأن الانتخابات النصفية للولايات المتحدة
كانت تقترب، وكان تقييمه وتصنيف حكومته ينخفض، بينما كانت أسعار البنزين ترتفع.
ولم
تحدد الكاتبة ما هي العواقب، لكن أصواتا أخرى انضمت إلى انتقاد السعودية لعدم
انحيازها إلى الجانب الأمريكي، فيما أوضح السعوديون مرارا أن قرار خفض الإنتاج
خطوة استباقية في ضوء اتجاهات التضخم.
وبينما
يكتب المعلقون الإعلاميون آلاف الكلمات حول ما إذا كانت العلاقة الأمريكية
السعودية غير قابلة للإصلاح، فإن المزيد ينحاز إلى السعوديين وينتقدون الولايات
المتحدة في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة حشد الدعم لاستراتيجية العزل الخاصة
بها والتي يتبعها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، خارج الغرب.
وهناك
بالفعل تحذيرات من أنه إذا انضمت السعودية إلى دول البريكس (البرازيل وروسيا
والهند والصين وجنوب أفريقيا)، فسوف تغير ميزان القوى في العالم. لكن السعودية
ليست الوحيدة التي تريد الانضمام إلى البريكس. وتصادف أن تكون تركيا مرشحا محتملا
آخر، وكذلك الإمارات، ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، إلى جانب أكثر من اثنتي
عشرة دولة أخرى.
تركيا
ليست الوحيدة التي تعارض سياسة الولايات المتحدة تجاه السعوديين. وأشادت الصين علنا
بالرياض على موقفها تجاه واشنطن، لكن هذا ليس مفاجئا نظرا لخلافات الصين الخاصة مع
الولايات المتحدة. لكن المثير للاهتمام هو أن الصين تشيد بخطوة تهدف إلى جعل النفط
أكثر تكلفة - وهو أمر لا يعتبر سببا للفرح في بلد يستورد النفط بكثرة مثل الصين.
وينطبق
الشيء نفسه على تركيا. وتعد تركيا مستوردا كبيرا للطاقة، وقد أبرمت مؤخرا صفقة مع
روسيا لتصبح مركزا إقليميا جديدا للغاز. ومثل الصين، لا ينبغي أن تكون سعيدة
بارتفاع أسعار النفط، ومع ذلك فهي تدعم تحرك السعودية لإبقاء الأسعار أعلى. وعلى ما
يبدو، فإن هناك بعض الأشياء الأكثر أهمية من فاتورة النفط الفورية. وتعرف هذه الأشياء
مجتمعة باسم الجغرافيا السياسية.
وفي
الوقت نفسه، في أخبار تبدو غير ذات صلة، دعا بنك إندونيسيا المستوردين والمصدرين
إلى استخدام المزيد من العملات الوطنية في صفقاتهم بدلا من الدولار الأمريكي.
والسبب هو أن ما يصل إلى 90% من المعاملات تتم بالدولار في حين أن "حصة الصادرات
الإندونيسية المباشرة إلى الولايات المتحدة تقدر بـ 10% فقط، والواردات الأمريكية
تمثل 5%"، بحسب ما قال مسؤول في البنك لوسائل الإعلام.
اقرأ أيضا: لماذا دعمت أنقرة قرار "أوبك بلس" رغم تأثيره السلبي عليها؟
إندونيسيا
هي أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا وتتفاوض حاليا على صفقة انتقال للطاقة بقيمة 15
مليار دولار مع الولايات المتحدة واليابان. ومع ذلك، فيبدو أنها مستعدة لاتباع
سياسة خارجية مستقلة، والعمل مع الجميع بدلا من الانحياز إلى قوة عظمى ضد أخرى.
يبدو
أن هذا توجه، ولا يوجد مكان أكثر وضوحا منه في الخطاب الرسمي السعودي. وقال ولي
العهد الأمير محمد في وقت سابق من هذا الشهر، وفقا لما نقلته بلومبيرغ: "في
النهاية، سنتبع مسارا يعتمد فقط على مصالحنا والقيمة التي نقدمها لعملنا في جميع
أنحاء العالم". لا يبدو الأمر أكثر وضوحا من هذا في الواقع.
والأكثر
وضوحا هو الإشارة إلى أن الرياض مستعدة لمواصلة العمل مع الولايات المتحدة بحيث
يكون للطرفين مصالح مشتركة. وكان آخر من أكد ذلك وزير الخارجية السعودي عادل
الجبير.
وقال
هذا الأسبوع، كما نقلت عنه بلومبيرغ: "لقد اختلفنا في ما يتعلق بالنفط. لدينا
موقفنا ونعتقد أن موقفنا صحيح. يتخذ البعض في الولايات المتحدة نهجا مختلفا، لكننا
سنكون قادرين على التغلب على هذا".
إذن،
فهناك إعادة ترتيب للأوراق تجري في أجزاء من العالم، لكن إعادة التنظيم لا يبدو
أنها من نوع "أنت إما معي أو ضدي". يبدو الأمر أشبه بإدراك أن المصالح
الوطنية للدولة لا تحتاج إلى التضحية بها من أجل التحالفات الجيوسياسية. يمكنهم أن
يكملوها. وكلما قبلت إدارة بايدن ذلك بشكل أسرع، قل الخطر على موقفها في المشهد
الجيوسياسي المتغير.