صحافة إسرائيلية

لأول مرة: ضابط يكشف تفاصيل "ليلة غولاني" السوداء بغزة

قائد الوحدة المقتحمة للشجاعية قال إنه من الجنون أن تدخل إلى هذا الحي بدون مدرعات مصفحة- جيتي

للمرة الأولى منذ انتهاء حرب غزة ذات الخمسين يوما في 2014، يتحدث أحد كبار ضباط جيش الاحتلال الذي "أرسل جنوده إلى فخ الموت" عن ما أسماها "ليلة غولاني السوداء في حي الشجاعية"، حين قتل المقاومون الفلسطينيون ثمانية من جنوده في أصعب معارك تلك الحرب، أحدهم ما زال أسيرا لدى حماس، وآخر أضرم النار في نفسه، وجميعهم كانوا تحت قيادة العقيد إيريز ألكاباتس، قائد كتيبة غولاني 13، الذي أرسل جنوده عبر حاملة الجند المدرعة غير المحمية إلى مصيرهم المحتوم والنهائي. 


شاي غال المراسل العسكري للقناة 12، التقاه، وكشف له للمرة الأولى عن أسرار تلك الليلة الصعبة على جيش الاحتلال، قائلا إنه "بعد ثماني سنوات ما زلت أرى ساحات القتال، وفي رأسي أصوات الحرب، وكأنني اليوم ما زلت أنظر للمعركة، وأراها أمامي، أسمع صراخ الجنود، والاشتباكات ودوي انفجارات كثيرة، في ما أسميها "ليلة الكارثة السوداء" في الشجاعية، نعم، ما زلت أرى المعركة أمام عيون مفتوحة، ويمكنني سماع المفرقعات النارية، والصواريخ المضادة للدبابات والنيران والمدافع الرشاشة".


وأضاف في مقابلة مثيرة ترجمتها "عربي21" أنه "مرت ثماني سنوات على تلك الليلة في الشجاعية، ليلة لواء غولاني السوداء، مع حصيلة ثمانية قتلى من الجنود وصلوا الى مكان المعارك في عربة مدرعة غير محمية، سرعان ما أصبحت فخا للموت، وحتى اليوم فإنني لا أنام جيدًا في الليل، لأنني كنت مسؤولا عن جنود لم يعودوا إلى ذويهم، مع العلم أن لواء غولاني بأكمله واصل هجومه على حي الشجاعية شرق غزة، لكن لم يكن لديه ما يكفي من المدرعات من نوع الناقلات المدرعة".

 

اقرأ أيضا: هكذا اهتمت إسرائيل بالجبن وأهملت قتلاها في عدوان 2014


وقال: "لسنا في دولة خيالية، أنا كقائد كتيبة وقفت في منتصف الليل أطلق النار على قطاع غزة بلا توقف، وقد بات أمامنا مهمة، فإما أن تنفذها أو ترفع أعلام الاستسلام، رغم أنها مهمة معقدة صعبة، بل مستحيلة، رغم أنه من الجنون أن تدخل إلى هذا الحي بدون مدرعات مصفحة، لكن هذا ما حصل، فبدأنا الهجوم، ومع سرعة الوقت ازدادت المعركة تعقيدًا، وبدأت بتلقي أخبار الجنود القتلى، واحدا تلو الآخر، ثم تعطلت ناقلة جنود مدرعة بسبب عطل فني، ولم أعد أفهم ما يجري هناك، وقد رأيت بعض الفلسطينيين يطلقون النار من داخل بستان الليمون، حتى رأيت صورة لا يرغب أن يراها أحد لجنود محترقين".


وأوضح أن "صورة الجنود المحترقين داخل المدرعة ما زالت محفورة في رأسي حتى يومنا هذا، يحترقون أمام عيني، بسبب ضربة من صاروخ مضاد للدبابات، وبعد ذلك تحدث الجنود عن مشاهد الفوضى، وفقدان السيطرة، وأنهم تركوا مكشوفين في الميدان، وهذا شعور بالغ الصعوبة، رغم أنه في المعارك هناك لحظات من الشعور بالوحدة، وخلال ذات المعركة أسرت حماس الجندي أورون شاؤول".


وأشار إلى أن "ثماني سنوات مرت صعبة للغاية على عائلة شاؤول، ويزداد الأمر صعوبة مع تغيير الحكومات، والقادة والجيش، والحقيقة أنه ليس لدي حقًا ما أقوله دفاعًا عن ناقلات الجنود المدرعة غير المصفحة، وهذا يؤكد أن الحرب لم تنته في الشجاعية، بل هي مستمرة منذ ثماني سنوات حتى اليوم، هكذا هي الحروب، لها تاريخ بدء، وليس لها تاريخ انتهاء، في بعض الأيام تشعر أن الحرب قريبة جدًا، تشعر بالنيران مشتعلة بداخلك، وفي بعض الأيام تشعر أن الحرب بعيدة بعض الشيء، لكنها موجودة دائمًا، لا نهاية للحرب فهي معي طوال الوقت".