نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا
للصحفية كيت كيلي قالت فيه إن رسالة إدارة بايدن إلى الشركات الأمريكية كانت واضحة:
ضعوا في اعتباركم سمعة البلدان التي تتعاملون معها.
جاء هذا التصريح من السكرتير الصحفي للبيت
الأبيض في إيجاز الأسبوع الماضي، في الوقت الذي كان فيه بعض كبار المسؤولين التنفيذيين
الأمريكيين يستعدون لحضور مؤتمر أعمال سعودي كبير، إلى جانب الآلاف من المستثمرين
ورجال الأعمال والسياسيين الآخرين.
قالت الصحفية الأمريكية كيت كيلي، إن رجال الأعمال
والمستثمرين الأمريكيين، يتدفقون على السعودية، من أجل المشاركة في اجتماع
"مبادرة مستقبل الاستثمار" دافوس الصحراء، على الرغم من التوتر بين
الرياض وواشنطن.
وأوضحت في مقال بصحيفة نيويورك تايمز، ترجمته
"عربي21"، أنه من المقرر افتتاح الاجتماع يوم الثلاثاء، لكن المسؤولين
الحكوميين الأمريكيين سيكونون غائبين بشكل ملحوظ، بعد أسابيع من تداول مكثف وعلني
للاتهامات بين الحكومتين الأمريكية والسعودية بشأن خفض الإنتاج في 5 تشرين الأول/
أكتوبر من قبل أوبك بلس، بقيادة السعودية وروسيا.
ويخطط الرؤساء التنفيذيون لبنك جي بي مورغان
تشيس وغولدمان ساكس وويلز فارغو ليكونوا هناك، كما يفعل المستثمرون المؤثرون مثل
رئيس مجموعة بلاكستون ستيفن إيه شوارزمان ومؤسس بريدجووتر راي داليو. ومن المتوقع
أيضا أن يذهب جاريد كوشنر وستيفن منوتشين، المسؤولان السابقان في إدارة ترامب،
اللذان تلقيا التزامات كبيرة من صندوق الثروة السيادية السعودي الرئيسي لتمويل
شركاتهما الاستثمارية.
وكذلك كبار المسؤولين الحكوميين من سنغافورة
وروسيا ونيجيريا.
لكن وزارة الخزانة والتجارة ووزارة الخارجية
قالت جميعها إن كبار مسؤوليها لا يخططون للحضور؛ ورفض البيت الأبيض الإفصاح عما
إذا كان سيرسل أحدا.
قال النائب رو خانا، ديمقراطي عن كاليفورنيا
وراعي مشروع قانون من شأنه أن يحظر مؤقتا مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية
في مقابلة حديثة: "هذا القرار بخفض الإنتاج كان بمثابة صفعة في وجه الولايات
المتحدة، ومثل هذا التوافق مع بوتين، أعتقد أنه سيؤدي مرة أخرى إلى إثارة غضب
الحزبين".
ورغم التوتر، لكن لم تفعل إدارة بايدن الكثير
حتى الآن لثني شركات مثل جي بي مورغان وبلاكستون، اللتين تربطهما علاقات تجارية
طويلة الأمد في السعودية، أو الشركات الأصغر التي تأمل في جذب استثمارات من
الممولين الأثرياء في المملكة من خلال حضور منتدى هذا الأسبوع.
وقالت الصحفية إن المؤتمر ليس فقط مكانا
لاستعراض الصفقات التجارية، لكن العديد من المستثمرين يدركون مدى أهمية الحضور
شخصيا والمصافحة للسعوديين بينما تحاول المملكة تحويل نفسها إلى مركز عالمي
للأعمال والسياحة.
اقرأ أيضا: السعودية والصين تتفقان على حفظ استقرار سوق النفط عالميا
ولفتت إلى أن الاهتمام بمؤتمر هذا العام يؤكد
فقط كيف أن صندوق الثروة السيادية في السعودية الذي تبلغ قيمته 620 مليار دولار
والأسواق المفتوحة بشكل متزايد أصبحت مصادر قوية للتأثير العالمي. يسعد رجال
الأعمال والمستثمرون بالاختلاط مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم السعودي
الفعلي، في ضوء الفرص الهائلة التي يمكن أن يقدمها. تجاهل الكثير منهم حملته
القمعية المتصاعدة ضد المعارضة المحلية أو قالوا إن تركيزهم ينصب على جهوده لفتح
اقتصاد البلاد وتخفيف القيود الاجتماعية.
ومن المحتمل أن تظل علاقات العمل هذه سليمة ما
لم يتم تغييرها جذريا في سياسة الولايات المتحدة مثل قطع العلاقات الدبلوماسية أو
فرض عقوبات على السعوديين، وهو ما يراه المحللون أمرا مستبعدا.
في الأسبوع الماضي، ذكّرت السكرتيرة الصحفية
للبيت الأبيض، كارين جان بيير، الشركات الأمريكية بمراعاة "مخاوف السمعة التي
يمكن أن تنشأ من خيارات السياسة العامة التي تتخذها البلدان المضيفة" عند
اتخاذ قرارات بشأن مكان الاستثمار.
ومع ذلك، عمد ريتشارد أتياس، منظم المؤتمر
السعودي، إلى إخبار المراسلين في العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع الماضي، أنه
تلقى الكثير من الطلبات من الأمريكيين لحضور اللقاء حتى أن فريقه بدأ في رفضها
بسبب النقص في الأماكن.
في الوقت نفسه، ظلت خطة بايدن لتنفيذ تهديده
بالعواقب للسعودية غامضة في الأسابيع التي تلت إطلاق التحذير.
وتعد السعودية أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية،
وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وقد يؤدي فقدان هذا إلى إلحاق الضرر
بالمصنعين الأمريكيين مثل رايثيون تكنولوجيز ولوكهيد مارتين، وربما يؤدي إلى تسريح
العمال في وقت تعاني فيه البلاد من هشاشة الاقتصاد.
حتى لو فقدت أوبك وضعها المحمي الحالي بموجب
القانون الأمريكي، فمن غير الواضح كيف سيتم تنفيذ أحكام المحاكم بشأن إنتاج النفط
الأجنبي. وتوجد القوات الأمريكية في السعودية جزئيا لحماية المصالح الأمريكية في
الخارج، بما في ذلك توفير حصن ضد أي عدوان إيراني مستقبلي والدفاع عن الحلفاء مثل
إسرائيل إذا لزم الأمر.
في ظل إدارة ترامب، أقامت الولايات المتحدة
تحالفا أوثق مع السعودية، التي استضافت في عام 2017 أول زيارة دولة للرئيس دونالد
ترامب. أبرم البلدان صفقات بمليارات الدولارات، بما في ذلك مشتريات السعودية
لأسلحة أمريكية متطورة.
لكن الآن، مع بقاء أسابيع فقط قبل الانتخابات
النصفية المثيرة للجدل في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، يجد بايدن نفسه في مأزق.
وقال كريستيان كوتس أولريشسن، زميل الشرق
الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، إن الأمير محمد "يوضح بجلاء
أنه سيتصرف وفقا لما يراه في مصلحة السعودية".
وقالت الصحفية، إن هذا يترك بايدن في موقف صعب
بالنظر إلى أن المسؤولين الأمريكيين فسروا زيارته للمملكة في تموز/ يوليو من منظور
محاولة الحصول على تعاون سعودي أكبر في سياسة الطاقة. والتقى الرئيس الأمير محمد
بن سلمان وصافحه بالقبضة الودية سعيا لإصلاح العلاقات على أمل الفوز باتفاق لزيادة
إنتاج النفط.