شبهت صحيفة "واشنطن بوست" في تحليل نشر الجمعة، مصير روسيا خلال حربها على أوكرانيا، بالمصير الذي لاقته الولايات الكونفدرالية الأمريكية التي تعرضت لهزيمة نكراء في الحرب الأهلية نتيجة أخطاء مماثلة.
والتحليل الذي أعده أستاذ التاريخ في معهد فيرجينيا العسكري جوناثان جونز، أشار إلى أن معاناة الروس بدأت تتضح من جراء نقص الجنود والمعدات والإمدادات، وذلك بعد ثمانية أشهر من حربهم على أوكرانيا.
وأوضح أن هذا النقص قد يضع روسيا قريبا في موقف عسكري حرج، بالنظر لتراجع معنويات قواتها مع فرار الجنود من وحداتهم وتصاعد الاحتجاجات المدنية ضد التعبئة العسكرية واستدعاء الجنود الاحتياط.
ومع تراجع الاقتصاد وشن القوات الأوكرانية هجوما مضادا شرسا، أظهر التحليل أن الأخبار الواردة من الخطوط الأمامية والجبهة الداخلية تشير إلى أن روسيا ربما تخسر الحرب.
وفرز جونز عددا من العوامل التي ساهمت في هذه المعطيات، من أهمها الثقة الزائدة للروس واعتقادهم بسهولة كسب المعركة والمعلومات الاستخباراتية الخاطئة والمقاومة الشرسة التي أبداها المدنيون الأوكرانيون.
ولفت إلى أن هذه "المشاكل المميتة" هي نفسها التي هزمت الكونفدرالية خلال الحرب الأهلية الأمريكية بين عامي 1861-1865.
وذكر الكاتب أن الثقة الزائدة أعاقت بشكل خطير المجهود الحربي الكونفدرالي، فيما تُرجمت هذه الثقة إلى معلومات استخباراتية خاطئة، مما ساهم في خسارتها الحرب بعد أن قلل الكونفدراليون بشكل خطير من رغبة خصومهم وقدرتهم على خوض حرب طويلة الأمد.
اقرأ أيضا: سفير روسي: لا وجود لاتصال مباشر بين الكرملين والبيت الأبيض
كما أثرت القرارات الارتجالية وغير المدروسة لرئيس الكونفدرالية جيفرسون ديفيس على المجهود الحربي من خلال الاستعانة بالقادة العسكريين المقربين منه في قمع المعارضة الداخلية وفرض الأحكام العرفية في بعض الولايات.
فيما أدت هذه التحركات إلى نفور السياسيين الذين رأوا في ديفيس ديكتاتورا يحاول الاستئثار هو وقادته العسكريون بالسلطة.
وكذلك أثارت سياسات ديفيس غضب المدنيين والجنود الكونفدراليين، الذين انقلب العديد منهم في النهاية ضد الحرب وساعدوا في تدمير الكونفدرالية من الداخل.
ومع تضاؤل عدد المتطوعين فرضت الكونفدرالية التجنيد الإلزامي والإكراه لتعويض النقص في صفوفها مما أثار سخطا شعبيا وزارد من نسبة الرافضين للقتال وشل قدرات الجيش.
وخلص تحليل "واشنطن بوست" إلى أن ما يجري في روسيا مشابه إلى حد بعيد لما عانت منه الكونفدرالية، حيث الثقة المفرطة من قبل أجهزة الاستخبارات الروسية التي توقعت سرعة كسب المعركة والإدارة المتفردة للحرب من قبل بوتين ورد الفعل الغاضب من العديد من المدنيين والجنود، تجعل من احتمالية تحقيق نصر روسي واضح في أوكرانيا بعيدة كل البعد عن الواقع.
وبالتزامن مع استدعاء عشرات الآلاف من الرجال الروس بعد إعلان بوتين الشهر الماضي أول تعبئة عسكرية جماعية لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية، هربت أعداد مماثلة إلى الخارج.
وذكرت دول غربية أن موسكو تفتقر إلى الإمدادات والقوة البشرية المطلوبة لتدريب أو تجهيز المجندين الجدد، بحسب واشنطن بوست.
وليس ذلك فقط، فقد تعرضت روسيا مؤخرا لنكسات عسكرية كثيرة في شمال شرق أوكرانيا وشرقها وجنوبها، حيث ألحق الجيش الأوكراني خسائر مؤلمة بالجيش الروسي الذي خسر مساحات كبيرة من الأراضي التي احتلها في الفترة الماضية.