أثارت تجربة تركيا لصاروخ بالستي قصير المدى محلي الصنع، قلقا في الأوساط اليونانية، فيما ذكر الرئيس رجب طيب أردوغان أن اختباره مؤخرا كان رسالة لجهة دون يحددها.
وقبل أيام، كشفت وكالة "ديمير أوران" التركية، تجربة لإطلاق صاروخ باليستي قصير المدى تم تطويره محليا فوق منطقة البحر الأسود.
وأطلق صاروخ "تايفون" من منصة متنقلة في ولاية ريزه على البحر الأسود، الثلاثاء الماضي، وتمكن من إصابة الهدف على بعد 561 كيلومترا قبالة سواحل مدينة سينوب التركية.
وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام اليونانية، تجربة تركيا لإطلاق الصاروخ الباليستي بهذه المسافة، وسط تفسيرات متباينة بشأنه.
أردوغان: لدينا "تايفون" وإطلاقه رسالة ونسعى لتطويره
والجمعة قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا ستصبح أقوى في الصناعات الدفاعية من خلال أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ والمركبات المدرعة والعديد من الأدوات التكنولوجية الأخرى.
وقال أردوغان خلال مشاركته في فعالية بإسطنبول: "رفعنا قيمة صادرات الصناعات الدفاعية إلى أكثر من 3 مليارات دولار سنويا بعد أن كانت 250 مليون دولار (قبل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة عام 2002)".
وأضاف: "رفعنا عدد مشاريع الصناعات الدفاعية من 62 إلى أكثر من 750 مشروعا، وميزانية هذه المشاريع من 5.5 مليارات إلى 75 مليار دولار".
وتابع: "عبر التاريخ وضعنا مثالا للعالم بشجاعتنا وتصميمنا، وكذلك من خلال الابتكار والإنتاج والعمل الجاد، نقدم اليوم أداء مشابها مع الاختراقات التكنولوجية التي نحققها".
وأكد أردوغان بأن الصاروخ الباليستي الذي تم اختباره الثلاثاء الماضي في البحر الأسود هو "تايفون" قائلا: "أصبح لدينا تايفون، وإطلاقه رسالة لجهة ما (لم يسمها)، ونسعى لتطويره".
تسريب مقطع تجربة الصاروخ
صحيفة "ميدل إيست آي"، نقلت عن مسؤولين أتراك، أن اللقطات التي كشفت عن الصاروخ تسربت عن طريق الخطأ.
وقال مسؤول تركي: "إذا نظرت إلى الأمر من الجانب المشرق، فقد كان إعلانا جيدا لتايفون.. يمكننا بيعه في يوم ما"، بينما يشتبه آخرون في وجود مخططات أكثر تعقيدا لأن جودة اللقطات كانت عالية، بحسب الصحيفة البريطانية.
ويعتقد المسؤولون في أنقرة بأن "التسريب" جاء من خلال موظف علاقات عامة مبتدئ، وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين طلبوا بشكل غير رسمي من مسؤولي وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية فرض رقابة على بعض تفاصيل الصاروخ، وقامت وكالة "ديمير أوران" بحذف بعض التفاصيل بشأنه.
ولفتت "ميدل إيست آي"، إلى أنه رغم عدم وجود معاهدة دولية تحظر برامج تطوير الصواريخ الباليستية، لكن تركيا كانت حذرة بشأن الكشف عن معلومات حول قدرات تصنيع الأسلحة لديها.
وسبق أن طورت تركيا صاروخين آخرين، وهما "يلدريم" و"بورا" واللذين يبلغ مداهما 150 كيلومترا و280 كيلومترا على التوالي، وبحسب مصادر للصحيفة البريطانية فإن أنقرة لم تقم بدافع الحذر الشديد بالكشف عن اختبارات لصواريخ يبلغ مداها 300 كيلومتر أو أكثر.
قلق يوناني.. قادر على الوصول لأي نقطة
وجاء في تقرير على صحيفة "صباح" التركية، أن الصحافة اليونانية أدرجت الصاروخ الباليستي في تغطيتها الخاصة، متسائلة عن الهدف التركي بشأن الصاروخ الباليستي الذي استطاع القضاء على هدف يبعد 561 كيلومترا في 458 ثانية.
ونقلت صحيفة "To Vima" اليونانية عن الجنرال المتقاعد ألكسندرس دياكوبولوس وهو المستشار الأمني السابق لرئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، قوله إن "الصاروخ التركي يزيد من حدة الخطر، إذا دخلت مثل هذه الأسلحة للمخزن التركي، فإن ميزان القوى سيتغير ضد اليونان".
وذكر دياكوبولوس أن اليونان لديها نظام باتريوت قادر على صد مثل هذه الصواريخ، لكن النزاع التركي اليوناني لن يتم حله بالصراع، بل بموجب القانون الدولي.
وأشارت "صباح"، إلى أن مسألة إدراج تركيا للصاروخ في عملية الإنتاج يثير الفضول اليوناني، مضيفة أن الجنرال اليوناني قال إنه إذا نجحت الاختبارات فسوف تأخذ مكانها في الترسانة العسكرية التركية في غضون سنتين أو ثلاث سنوات.
وفي رده على تساؤل حول ما إذا كان الصاروخ يثير قلق اليونان أوضح دياكوبولوس أن تركيا أنتجت بالفعل صواريخ "يلدريم" و"بورا" والتي بلغ مداها أقل من 300 كيلومتر.
وحول تأثير إنتاج الصاروخ على اليونان التي تشهد توترا متصاعدا مع تركيا، أوضح الجنرال اليوناني في رده على تساؤل حول الأهداف التي من الممكن أن يصلها الصاروخ، أنها تشمل النقاط الاستراتيجية في اليونان، مشددا على أن امتلاك تركيا للصاروخ يجب أن يحدث تغييرا في الدفاعات اليونانية.
وذكرت الصحيفة التركية، أنه في الأيام الماضية، أبدت قنوات التلفزة اليونانية اهتماما بالصاروخ ومداه، لافتة إلى أنه يغطي كل اليونان، فيما قام محللون عسكريون يونانيون بإجراء تقييمات حوله.
"مشروع سري" لتركيا
صحيفة "ملييت" التركية رصدت أيضا تغطية وسائل الإعلام اليونانية، ونقلت آراء محللين عسكريين يونانيين لصحيفة "Ta Nea" اليونانية، قولهم إن "تايفون" يغطي كامل اليونان، وأن أنقرة على عكس أثينا تمكنت من تطوير صناعاتها الدفاعية بسرعة، مما جعل لها اليد الطولى ويؤهلها للعب دور حقيقي في المستقبل.
وفي خبر آخر أوردته صحيفة "Ta Nea" أشارت إلى أن الصاروخ "تايفون" تم إنتاجه بشكل "سري"، وجرى إطلاقه من منصة متنقلة، فيما قال موقع "سي أن أن" بالنسخة اليونانية، إن المشروع ظل سريا وأن الاختبار الأول تم إجراؤه، ولم يتم مشاركة الكثير من المعلومات حوله من قبل المسؤولين الأتراك.
أما صحيفة "Ethnos" اليونانية، فقد قالت إن تركيا قادرة على إطلاق الصاروخ ليس فقط من سواحلها في بحر إيجه، بل من "بوردور" (جنوب غرب) أو "يالوفا" (شمال غرب) ليصل لأي نقطة في اليونان.
محلل عسكري تركي: قد تكون التجربة لجزء من "تايفون"
وفي تقييمه على "حالة الذعر اليونانية" قال محلل سياسات الدفاع توران أوغوز، إن تركيا تجري الدراسات حول الصواريخ بعيدة المدى منذ فترة طويلة، ولقد تمكنت من صناعة صاروخ فضائي عام 2017.
ورأى أن بلاده لديها البنية التحتية التكنولوجية لإنتاج صواريخ باليستية متوسطة المدى تصل مداها إلى 3 آلاف كيلومتر.
وأضاف المحلل العسكري التركي أن اليونان تدرك مدى تأثير الصواريخ الباليستية، وأن تركيا المعهود عليها أن مثل هذه الصواريخ يتم الإعلان عنها بعد وضعها في الخدمة، مشيرا إلى أن صاروخ "بورا" تم الإعلان عنه في 2019-2020 ومع ذلك فقد دخل الخدمة لدى القوات التركية في عام 2018، وقد تم إنجاز كافة الأجزاء المهمة فيه.
ولم يستبعد أوغوز، بأن تركيا قطعت شوطا كبيرا في إنتاج صاروخ "تايفون"، وقد تكون التجربة التي أجريت الثلاثاء الماضي، لجزء منه فقط، وقد يكون مدى الصاروخ أطول بكثير، ويضرب كل نقطة في اليونان.
وتابع قائلا: "رأينا بالفعل مدى فعالية الصواريخ الباليستية في الحرب الروسية الأوكرانية، وتركيا الآن أصبحت لديها عائلة متنوعة من الصواريخ الباليستية".
ما إمكانية جعل تركيا مركزا لتوزيع الغاز الروسي إلى أوروبا؟
أنقرة: لا خطط لدينا لإجراء اتصالات مع دمشق على المدى القريب
تبادل الاتهامات بين أنقرة وأثينا بشأن مهاجرين على الحدود