كتبت
المحللة الألمانية كونستانزي ستيلزينمولر، في صحيفة " فايننشال تايمز"، مقالا
يتحدث عن استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المستقبلية في أوكرانيا بعد
التطورات الأخيرة، موضحة أن موسكو "تفضل تخريب البنية التحتية الهامة بدلا من
استخدام الأسلحة النووية".
ورأت
الخبيرة الألمانية في العلاقات الدولية أن استهداف روسيا لأنابيب الغاز وشبكات
القطارات وأجهزة الكمبيوتر في المطارات، يمثل الخطر الحقيقي لاتساع نطاق الحرب في
أوكرانيا.
وأشارت
إلى أن العواصم الغربية تشعر بالقلق من التهديدات النووية المتكررة للرئيس الروسي
فلاديمير بوتين، حيث تحدث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن احتمالية قيام معركة نهاية
العالم "هرمجدون". أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فشرح في حديث
تلفزيوني كيف سترد باريس على هجوم نووي روسي "يستهدف أوكرانيا أو
المنطقة".
وتحدث
كبار المسؤولين في ألمانيا بشكل غامض وغير رسمي عن سيناريوهات مختلفة. بينما حذر
رئيس وكالة المخابرات الوطنية الألمانية في البرلمان من أن موسكو قد تستخدم
"أسلحة نووية غير استراتيجية".
واعتبرت
الخبيرة الألمانية أن بوتين يميل إلى المبالغة عندما يكون في موقف دفاعي، وهذا وضعه الآن، سواء في ساحة المعركة في أوكرانيا أو في مواجهة انتقادات مضطربة في
الداخل؛ لذلك لا يمكن أن يكون هناك شك في أن القادة الغربيين المسؤولين يجب أن
يخططوا لهذا الاحتمال المروع.
وأضافت:
"لكن الخطأ يكمن في التحدث أو حتى التفكير في الأمر طوال الوقت، وأن يصرف
الانتباه عن التهديدات الأخرى التي تكون بنفس الجدية، وربما تكون أكثر احتمالية".
ولفتت
إلى أن "بوتين هو شرطي سري تدرب على التقليد اللينيني بإخضاع الآخرين، من خلال
الإرهاب السياسي"، معتبرة أن قسوة وحقد جرائم الحرب التي ارتكبها في
أوكرانيا، "القتل والاغتصاب واختطاف الأطفال والقصف العشوائي للمدن ومحطات
الطاقة"، تهدف إلى شل الإرادة السياسية ومرونة الأوكرانيين وأنصارهم الغربيين،
لكن العكس هو ما تحقق.
اقرأ أيضا: WP: أمريكا تفحص حطام مسيرات إيرانية بكييف لمعرفة أسرارها
وبينت
أن التهديدات المتعلقة بالأسلحة النووية، وكذلك القصف المستمر لمحطة الطاقة النووية
في زابوريجيا، لها نفس الهدف المتمثل في بث الخوف والشلل.
واعتبرت
أنه يجب على صانعي السياسة في برلين أن يفكروا بإمكانية أن يكون هذا البديل الأخير
من رسائل الكرملين موجها بدقة إلى الرأي العام الألماني، الذي كان قلقًا بشأن الكوارث
النووية منذ أن كان في خط المواجهة خلال الحرب الباردة.
ومع
ذلك، فإن استخدام الأسلحة النووية شبه الاستراتيجية، والتي يكون مداها أقل من
الأسلحة الاستراتيجية وقوتها أقل أيضا، قد يتطلب تحضيرا مكثفا وعلنيا، وربما حتى
اختبارا (قبل استخدامها). وسيتطلب الأمر أيضا قبول كبار القادة العسكريين الروس.
ولفتت
إلى أن هذه الأسلحة ذات قيمة محدودة في ساحة المعركة، لا سيما ضد قوة رشيقة
ومنتشرة على نطاق واسع مثل الجيش الأوكراني. وقد تتعرض القوات الروسية نفسها
للخطر. كما أن استخدامها ضد المدن الأوكرانية سيعزز بشكل كبير الضغط على قادة الكرملين
بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وأوضحت
أن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة عضو في الناتو قد يردي إلى المادة الخامسة،
وهي استجابة "كارثية"، على حد تعبير مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك
سوليفان، وربما الحرب على الأرجح. وسوف يبتعد حلفاء روسيا في الجنوب (الصين
وإيران) عنها.
وشددت
الكاتبة الألمانية على أنها ستكون فكرة سيئة حقا من جانب روسيا. يحرص مسؤولو
المخابرات الغربية على القول إنهم حتى الآن لم يروا أي إشارات على أن القوات
النووية الروسية في حالة تأهب.
وأشارت
إلى أن الهجمات على البنية التحتية الهامة أقوى تأثيرا، ولفتت إلى الانفجارات
الأخيرة التي دمرت خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم، وانقطاع الكابلات الذي أدى إلى
توقف القطارات عبر شمال ألمانيا، واختراق أجهزة الكمبيوتر في العديد من المطارات
الأمريكية. حيث كانت جميع الحوادث الثلاثة هجمات متعمدة تنطوي على إعداد متقن
وخبرة تقنية عالية التخصص. هذه علامات تشير إلى روسيا باعتبارها الجاني المحتمل.