نشرت
صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً أعده بن هبارد وفرناز فصيحي، أكدا خلاله
أن "الحرس الثوري الإيراني" سيكون الخاسر الأكبر لو انهار النظام في
طهران، ولهذا يحاول منع هذا السيناريو، وقام باستبدال الباسيج بقوات النخبة لقمع
وسحق المتظاهرين.
وأشار
التقرير إلى أن مؤسس الجمهورية، آية الله الخميني الذي تولى السلطة في إيران 1979،
أنشأ "الحرس الثوري" لحماية النظام من الانقلابات والانشقاقات في الجيش
النظامي، حيث تحول الحرس الثوري اليوم إلى أقوى منظمة عسكرية في البلاد وبمئات
الآلاف من الجنود. وتغلغل في المؤسسات الاقتصادية، لدرجة أن بعض المحللين يناقشون
اليوم أن إيران لم تعد جمهورية دينية يحكمها الملالي بل دولة عسكرية يسيطر عليها الحرس الثوري.
ولفت
إلى أن الحرس الثوري كان موجودا بجانب الباسيج على الخطوط الأمامية ويمارسون أقسى
الأساليب في قمع الاحتجاجات، لكنهم فشلوا وبدلا من ذلك ظهرت في شوارع طهران والمدن
الأخرى مجموعات جديدة وقاسية ترتدي زيا أسود مموها قال شهود عيان إنهم من فرقة
النخبة في الحرس الثوري والمعروفة بـ "صابرين".
ورأى
التقرير أن مصير حركة الاحتجاج، الأكبر منذ الثورة الخضراء عام 2009، بات معلقا
بتماسك وولاء الحرس الثوري وقوات الأمن المتعددة الأخرى في البلاد، فقد ظلت هذه
القوات عقبة أمام أي محاولة للإطاحة بنظام المتشددين من رجال الدين في
إيران.
وقال
أفشون أوسفاتور المحاضر في كلية الدراسات العليا البحرية: "لا يهمهم كمنظمة
خسارة الشعب أو الاضطرابات هنا أو هناك" و"ما يهمهم هو الحفاظ على
النظام وليس إيران".
ولم
تظهر أي تقارير عن انشقاقات في قوات الأمن، إلا أن هناك إشارات عن تعب في صفوف
قوات الأمن التي تواجه المتظاهرين على مدى الأسابيع الماضية ويشعر أفرادها بعدم الارتياح
من مستويات العنف، وبخاصة ضد الفتيات.
اقرأ أيضا: شهر على بدء احتجاجات إيران.. و4 قتلى بحريق سجن في طهران
ولمنع
الانشقاقات، حذر قادة الجيش والشرطة الجنود وصفوف القوات بأنه لو انهار النظام،
فستقوم المعارضة بإعدامهم، بحسب ما أفاد به مصدر من الحرس الثوري لـ"نيويورك
تايمز".
ولدى
الحرس الثوري ترسانة من الأسلحة تشمل صواريخ باليستية وبرامج لتصنيع الطائرات
المسيرة. ويحتل قادة الحرس مناصب بارزة، بمن فيهم رئيس البرلمان محمد باقر
قاليباف.
ويقوم
فرع الإستخبارات المرهوب باعتقال وتخويف المعارضين والناشطين السياسيين. وجند
الفرع الخارجي للحرس، فيلق القدس، ودرب شبكات من الجماعات الوكيلة بما فيها حزب
الله في لبنان وميليشيات في العراق وسوريا واليمن.
ويملك
قادة الحرس مصانع وشركات وفروعا في مجال المصارف وبنى تحتية وإسكانات وخطوطا جوية
ويديرون شركات سياحة ومصالح في قطاعات أخرى.
ويلعب
الحرس الثوري دورا في مساعدة إيران في التحايل على نظام العقوبات من خلال شبكة
تهريب. ويتمتع باستقلال عن الحكومة حتى عندما يتم الكشف عن الفساد ويخرج للعلن.
ويعتبر
آية الله علي خامنئي القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، ويعمل الحرس مثل
الجيش النظامي بهرم وقيادة خاصة به.
ويقول
روهام الوندي، من مدرسة لندن للاقتصاد في لندن: "لا رقابة على المال ومن أين
جاء وعلى ماذا ينفق وأنت تتحدث عن جزء كبير من الدولة الإيرانية". وتعتمد
سلطة وثروة الحرس على نجاة النظام، ولهذا السبب يتعاملون مع الاحتجاجات كتهديد.
ويضيف الوندي: "في القمة، لدى هؤلاء الكثير ليخسروه لو تحولت الأمور للعنف أو
ضدهم".
وبدأت
التظاهرات الشهر الماضي بعد وفاة الفتاة مهسا اميني البالغة من العمر 22 عاما
عندما اعتقلتها شرطة الأخلاق، بعدما اعتبروا أن حجابها غير مناسب. وتقول عائلتها
إنها ماتت بعد تلقيها ضربة في الرأس، إلا أن السلطات الإيرانية تقول إنها ماتت بعد
سكتة قلبية مفاجئة وهي في مركز الاحتجاز.
وتقدر
منظمات حقوق الإنسان أن 240 شخصا على الأقل قتلوا في احتجاجات الشهر الماضي بمن
فيهم 28 طفلا. ويقول المسؤولون الإيرانيون إن 24 من قوات الأمن قتلوا أيضا.
وقال
جواد موغوي، صانع الأفلام الوثائقية المقرب من الحرس: "لقد تغير شكل القوات في
الشوارع بشكل واضح"، وأضاف أن الحرس أرسل قوات من وحدة الكوماندو
"صابرين".
وانتقد
موغوي الذي يشغل والده وشقيقه مراكز عليا في الحرس، العنف ضد المتظاهرين: شرطة
الشغب وهي تطلق النار على الحشود، عنصر في الأمن يجر امرأة من شعرها ويضرب رأسها
بهراوة، ممثلة غادرت التحقيق بكدمات على وجهها.
وقال
موغوي إن عناصر بالزي المدني أطلقوا الرصاص المطاطي عليه في 2 تشرين الأول/أكتوبر
وضربوه بشكل سيء على رأسه بحيث فقد الوعي. كل هذا لأنه تدخل لحماية فتاة محتجة.
وأمام القمع، وجد المتظاهرون طرقا لإرباك قوات الأمن. فالتظاهرات هي مجموعات صغيرة
وموزعة على البلاد بشكل يصعب على الحكومة تنظيم رد قوي وواسع. ولكن حركة الاحتجاج
قد تواجه مشاكل إن لم تجد طرقا لمواصلة الاحتجاج وتحديد قيادة وأجندة موحدة، حسب
سنام وكيل من تشاتام هاوس في لندن.
وقال
المحلل غيث قريشي والذي يقدم الاستشارة للحكومة: "نخبر المسؤولين في اللقاءات
أنهم لو لم يغيروا المسار فستصبح شرعية النظام على المحك، والطريقة الوحيدة لنجاة
الجمهورية الإسلامية هي قتل مئات من الناس كل عدة أشهر".
وأضاف: "بات من الصعب وحتى المستحيل الدفاع عن السياسات المحلية". وفي آخر موجة
من الاحتجاجات عام 2019 قتلت قوات الأمن أكثر من 400 شخص حسب جماعات حقوق
الإنسان، مع أن العدد أكبر كما تقول. وهذه المرة فالنساء والشباب هم من يقودون الاحتجاجات
ودعت مشاهد العنف ضدهم لوقف القوات المسلحة القتل ووضع السلاح.