يعتبر
الرئيس الجديد لكينيا وليام روتو، متأثرا بالتعاليم الدينية، وهو أول رئيس مسيحي
إنجيلي للبلاد، ومن المرجح أن يولي الدين أهمية كبرى ويضعه في مركز الصدارة، بعد أن
لعب دورا رئيسيا في فوزه في الانتخابات.
وخلال
حملته الانتخابية كان صريحا في تحفظه على قضايا مثل حقوق المثليين والإجهاض، والتي
من المحتمل أن يعود النقاش حولها مجددا خلال فترة ولايته.
ويعرف
عن الرئيس روتو، 55 عاما، اقتباسه المتكرر من الكتاب المقدس والصلاة وحتى البكاء في
الأماكن العامة، حتى إنه خلال حملته الانتخابية سخر منه خصومه واصفين إياه بـ"نائب يسوع" - وهو شعار سرعان ما تبناه أنصاره.
الأسقف
ديفيد أوغيندي، عضو التحالف الإنجيلي في كينيا، قال إنه يأمل أن تدافع حكومة روتو
عن القيم وتحترم كون كينيا مجتمعا دينيا.
وكان
تأثير روتو الديني على الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا الكاثوليكي واضحا
أيضا خلال فترة ولايتهما الأولى، لا سيما أثناء سعيهما لتبرئة اسميهما في المحكمة
الجنائية الدولية من تهم تتعلق بالعنف الذي اندلع بعد الخلاف الشديد في انتخابات
2007.
ووُلد
الرئيس روتو في عائلة بروتستانتية، وأصبح بعد ذلك مسيحيا إنجيليا، وقد نشرت وسائل
الإعلام المحلية صورا له عندما كان قسا في شبابه.
اقرأ أيضا: كينيا: داعية يرفض الخروج من السجن خوفا من عملاء الحكومة
وقال
المحلل السياسي مشاريا مونيه، لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) إن
جاذبية روتو للمسيحيين من جميع الطوائف كانت عاملا في فوزه في الانتخابات.
وأضاف:
"أخطأ خصمه رايلا أودينغا عندما تحدث عن استخدام المسيحية لغسيل الأدمغة
وعندما تحدثت زوجته إيدا عن تنظيم الكنائس. كل هذه التصريحات عملت لصالح روتو في ما
يتعلق بالتصويت".
وقال
المحلل السياسي هيرمان مانيورا، إنه لن يتفاجأ إذا عين روتو زعماء دينيين في مناصب
حكومية لأنهم لعبوا دورا حيويا في دعم حملته.
وأضاف
مانيورا: "تماما كما كان الحال في عهد الرئيس موي، فإن من المرجح أن تُعرض العظات
والصلوات في الكنيسة بشكل بارز في أخبار وقت الذروة يوم الأحد".
ومن
المتوقع أن يتخذ روتو موقفا صارما بشأن حقوق المثليين؛ ففي عام 2015، قبل زيارة
لوزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري، أخبر روتو جماعة في نيروبي أن
"كينيا جمهورية تعبد الله، ولا مكان للمثلية الجنسية في كينيا".
لكن
المحلل السياسي هيرمان مانيورا يرى أن الاختبار الرئيسي للحكومة سيأتي إذا كانت
هناك محاولة قانونية للاعتراف بحقوق المثليين. وفي عام 2019، حكمت المحكمة العليا
ضد نشطاء كانوا يسعون لإلغاء قانون يحظر ممارسة الجنس للمثليين، لكن النشطاء
تعهدوا بمواصلة حملتهم.
يقول
مانيورا: "قانون العقوبات الذي يجرم المثلية الجنسية غير دستوري.. لكن روتو
يجاهر بالتزامه المطلق بالمسيحية لدرجة أن الناس باتوا يطلقون عليه لقب ’نائب
يسوع‘ ... ولنفترض أن حكم المحكمة جاء بما يتعارض مع أفكار روتو حول المثلية
الجنسية، فسيكون من المثير جدا مراقبة رد فعله".
وروتو
معروف أيضا بآرائه المحافظة حول الإجهاض، بعد أن عارض - بدعم من الكنيسة - البند
الدستوري الحالي الذي يسمح بالإجهاض إذا كان هناك خطر على صحة الأم.
لذا
فإن فرص تخفيف حكومته لقوانين الإجهاض ضئيلة، ولكن بموجب الدستور الحالي، فإنه ليس لديه
مجال لتشديدها، مهما كانت معتقداته الشخصية.
وبطبيعة
الحال يتمتع روتو أيضا بتأييد كبير بين المسلمين، وكثير منهم يتفقون معه في قضايا
مثل حقوق المثليين والإجهاض.
لقد
حصل على دعم كبير من المسلمين بعد الانتخابات، عندما تخلت الحركة الديمقراطية
المتحدة - التي تضم عشرات القادة المسلمين في صفوفها - عن ائتلاف أودينغا وألقت
بثقلها لدعم روتو لمساعدته في الحصول على أغلبية في البرلمان بعد فشل الانتخابات
في حسم فائز واضح.
وعلى
الرغم من ذلك، فإن مانيورا يحذر من أنه ينبغي على روتو أن يدرك حساسية المسلمين:
"سوف يهدئ المسلمين من خلال تقريب قادتهم منه، ولكن ما لم يخفف خطابه المسيحي
المتشدد، فإنه لا محالة سيسيء بصورة أو بأخرى إلى بعض المسلمين".
وقال
الأسقف أوغيندي إنه إذا عمد الرئيس روتو إلى تعيين قادة دينيين في مناصب حكومية،
فينبغي عليه أن يضع في حسبانه تمثيل جميع الأديان.
وأضاف
الأسقف: "سوف ندعمه ونقدم الإرشاد حيثما نستطيع، وبالتأكيد سنصلي من أجله ومن
أجل أن يثبت أنه القيادة المختارة من قبل العناية الإلهية".
يعود
نجاح روتو الانتخابي إلى حد كبير إلى حقيقة أنه صور نفسه على أنه
"مُدافع"، يحارب محاولة سلالتين سياسيتين - هما سلالة أودينغا وسلالة
كينياتا - في التمسك بالسلطة.
ووعد
بنهج التغيير "من القاعدة إلى القمة" للاقتصاد بهدف معالجة معدل البطالة
المرتفع بين الشباب وتحسين حياة الفقراء.
وقال
مانيورا إن على رئيس كينيا الجديد الآن أن يفي بوعوده، وأضاف: "المسيحية غطاء
يستخدمه العديد من القادة في العالم للحصول على السلطة وعندما يصلون إلى السلطة
تتغير الأمور".
تجدر
الإشارة إلى أن نحو 85 في المئة من الكينيين مسيحيون - 33 في المئة منهم
بروتستانت، و21 في المئة كاثوليك، و20 في المئة مسيحيون إنجيليون و7 في المئة
يتبعون الكنائس الأفريقية - في حين أن حوالي 11 في المئة من سكان البلاد مسلمون، وفقا
لآخر تعداد سكاني أجري في عام 2019. وتجدر الإشارة إلى أن عددا قليلا يعتنقون
ديانات أخرى وقلما يعترف أحد بأنه ملحد أو حتى لاديني.